خيارات مؤلمة.. كيف يواجه البريطانيون أزمة الطاقة هذا الشتاء؟ «رسم بياني»

رنا أسامة

تواجه الحكومة البريطانية ضغوطًا متزايدة لتقديم مزيد من الدعم للأسر والشركات في ظل ارتفاع قياسي لأسعار الطاقة، ولكن الحكومة تصر على أن رئيس الوزراء الجديد وحده من يقرر الإجراء الواجب اتخاذه.


أظهر استطلاع جديد أن ملايين البريطانيين ربما لن يتمكنوا من استخدام المدافئ هذا الشتاء بسبب ارتفاع فواتير الطاقة.

وحسب الاستطلاع الذي أجراه حزب الديمقراطيين الليبراليين، سيلجأ 23% من البالغين، و27% ممن لديهم أطفال في بريطانيا إلى الاستغناء عن أجهزة التدفئة، تجنبًا لدفع فواتير باهظة، وفق ما نقلته شبكة “سكاي نيوز” البريطانية، في تقرير  لها، اليوم الاثنين 29 أغسطس 2022.

قفزة جديدة في أسعار الطاقة

بين الاستطلاع أيضًا أن 23% من البريطانيين سيضطرون إلى دفع فواتير الطاقة باستخدام بطاقات ائتمان، وهي نسبة ربما ترتفع إلى 33% للآباء تحديدًا، في حين سيحصل واحد من كل 10 أشخاص على قرض لتغطية الفواتير المرتفعة.

ويأتي ذلك بعد إعلان مكتب أسواق الغاز والكهرباء البريطاني، يوم الجمعة، قفزة جديدة لأسعار الطاقة، بنحو 80% بحلول أكتوبر المقبل، وهو الأمر الذي من شأنه أن يجبر الأسرة المتوسطة في بريطانيا على دفع أكثر من 4 آلاف دولار سنويًّا نظير الحصول على خدمات غاز وكهرباء.

ضغوط متزايدة

تواجه الحكومة البريطانية ضغوطًا متزايدة لتقديم مزيد من الدعم للأسر والشركات في بريطانيا لإخراجها من الضائقة المالية، ولكن الحكومة تصر على أن رئيس الوزراء الجديد هو وحده من يقرر الإجراء الواجب اتخاذه.

وفي حين يتبقى أسبوع على الإعلان عن الفائز بمسابقة قيادة حزب المحافظين لاختيار رئيس وزراء بريطانيا المقبل، لم تقدم وزيرة الخارجية، ليز تروس، ولا وزير الخزانة السابق، ريشي سوناك، تفاصيل دقيقة عن خططهما لاحتواء أزمة فواتير الطاقة المتصاعدة، إذا تقلد أيًا منهما المنصب، حسب “سكاي نيوز”.

رسائل متضاربة

تخطط تروس، الأوفر حظًا لقيادة حزب المحافظين ورفضت سابقًا فكرة منح “صدقات” للناس، لخفض ضريبة القيمة المضافة من 20% إلى 15%، بجانب إلغاء زيادة التأمين الوطني، ووقف الرسوم الخضراء على فواتير الطاقة. ولكن يوجد رسائل متضاربة من مصادر في فريقها، بشأن ما إذا كانت ستقر دعمًا مباشرًا للأسر، أو دعمًا موجهًا للفئات الأقل ثراءً.

في المقابل، انتقد فريق سوناك ما يشاع بشأن خفض ضريبة القيمة المضافة باعتباره أمرًا مكلفًا وتوابعه انتكاسية للغاية، مشيرًا إلى ضرورة تقديم المساعدة في فواتير الطاقة إلى منخفضي الدخل والمتقاعدين، من خلال نظام الرعاية الاجتماعية، ومدفوعات الوقود الشتوية.

حكومة في عداد المفقودين

قالت وزيرة البيئة البريطانية، فيكتوريا برنتيس، الداعمة لـ سوناك، إن الحكومة تدرك وجود ارتفاع مخيف في فواتير الطاقة، ولكنها تصرّ على أن تعمل خلف الكواليس لإيجاد خطة لمساعدة الناس على تجاوز مشكلات التدفئة المُتوقع أن يعانوا منها هذا الشتاء.

غير أن وزير الخزانة في الظل بحزب العمال البريطاني، جيمس موراي، قال إن الشعب البريطاني “يصرخ” من أجل تحرك حكومي جاد الآن. وقال لـ سكاي نيوز: “هذا ما ينقص السياسة في الوقت الحالي. الحكومة (البريطانية) في عداد المفقودين”.

فضيحة وطنية

دعت أحزاب بريطانية مثل الديمقراطيين الليبراليين، والعمل، والحزب الوطني الإسكتلندي، إلى تجميد سقف أسعار الطاقة، وتقديم دعم إضافي للأسر الأقل ثراءً.

وقالت المتحدثة باسم حزب “ليب ديم” المنتخب حديثًا، كريستين جاردين، إن البريطانيين سيلجأون إلى خيارات مؤلمة هذا الشتاء، بما في ذلك عدم تشغيل أجهزة التدفئة، لأن الحكومة “فشلت في إنقاذهم”، واصفة الأمر بأنه فضيحة وطنية، وفق “سكاي نيوز.”

أسوأ أزمة تكلفة معيشية

في حين أن بريطانيا على شفا أسوأ أزمة تكلفة معيشية منذ قرن، وتشير المعطيات إلى أن ليز تروس وريشي سوناك لن يتمكنا من مواجهة ارتفاع أسعار فواتير الطاقة، بما يقود إلى ارتفاع جديد في أكتوبر المقبل.

غير أن متحدثًا باسم الحكومة البريطانية، قال لـ”سكاي نيوز” إن تقديم حزمة مساعدة بـ43 مليار دولار للأسر يشير إلى استمرار وصول الدعم المباشر لمنخفضي الدخل والمتقاعدين وذوي الإعاقة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.

خطة عزل

في الوقت نفسه، دعا حزب العمال البريطاني إلى وضع خطة لعزل 19 مليون منزل بجميع أنحاء بريطانيا من أجل خفض فواتير الطاقة، في حين يزعم الحزب أن عدد المنازل المعزولة حتى الآن بلغ أدنى مستوى له منذ 4 سنوات، مُلقيًا اللوم مباشرة على الحكومة.

وقالت وزيرة الظل لتغير المناخ، كيري مكارثي، إن سقف أسعار الطاقة ارتفع إلى مستويات قياسية، ما أثار مخاوف ارتفاع أسعار فواتير التدفئة هذا الشتاء، مضيفة: “كان ينبغي أن تعمل الحكومة على مدار الساعة لعزل المنازل كي يستفيد أكبر عدد ممكن من الأسر من خطة خفض فواتير الطاقة، لكنها أخفقت في ذلك بالرغم من التحذيرات المتكررة، وخاطرت بترك ملايين مُعرضين لخطر البرد”.

أولوية قصوى

رئيس تنسيق السياسات في منظمة أصدقاء الأرض غير الربحية، مايك تشايلدز، نقل هذه المخاوف، داعيًا رئيس الوزراء البريطاني المقبل إلى جعل كفاءة الطاقة كأولوية قصوى. وعدّ ضعف مستوى العزل في منازل المملكة المتحدة شهادة مروعة على فشل الحكومة في التعامل مع هذه القضية على محمل الجد.

ومع ذلك، قال متحدث باسم وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية إن الحكومة تستثمر 6.5 مليار دولار لتحسين كفاءة الطاقة بجميع أنحاء البلاد، مستهدفين منخفضي ومحدودي الدخل. وأشار إلى أن نسبة كفاءة الطاقة ببعض المنازل تجاوزت 46%، بعد أن كانت 14% فقط في العام 2010، بما يوفر 351 دولارًا أمريكيًّا سنويًا على فواتير الطاقة لعشرات آلاف المنازل.

ربما يعجبك أيضا