ضربة كبرى للجيش الروسي في أوكرانيا.. ما الخيارات المحتملة أمام بوتين؟

رنا أسامة

وسط الانتكاسات الدرامتيكية في صفوف الجيش الروسي والانتصارات الأوكرانية المزعومة.. ما مصير الحرب في أوكرانيا؟


في تحول لافت بساحة المعركة شرق أوكرانيا، نفذت القوات الأوكرانية الأسبوع الماضي، هجومًا مدرعًا سريعًا عبر خطوط الدفاعات الروسية.

وقال الجيش الأوكراني إنه استعاد 20 قرية في الساعات 24 الماضية وحدها بمنطقة خاركيف، لكن الكرملين أصر على أن الحرب ستستمر لحين تحقيق أهدافها كافة، رغم انتكاسات قواته النمتعاقبة، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، في تقرير نشرته، أمس الثلاثاء 13 سبتمبر 2022.

سمة مميزة للحرب

أفاد مراسل شؤون الدفاع في بي بي سي، جوناثان بيل، أن ضابطًا عسكريًّا أمريكيًّا كبيرًا أخبره أنه في حين كانت روسيا تحرز تقدمًا في دونباس: “لا تستهين بقدرة أوكرانيا على المفاجأة” في ساحة المعركة. وأضحت قدرة أوكرانيا على المفاجأة سمة مميزة للحرب في محطات عدة، من الانسحاب الروسي من كييف، إلى هجمات شبه جزيرة القرم، وصولًا إلى الهجمات المضادة في شرق البلاد.

وفي المقابل، حاولت وزارة الدفاع الروسية، يوم 10 سبتمبر الحالي، تبييض وجهها وتصوير الانسحاب الروسي على أنه إعادة توجيه مسار مخطط له، ضمن جهود موسكو للسيطرة على أراضي منطقة دونيتسك، لكنها في الواقع تعقد تلك الجهود.

استعادة قوات أوكرانية على أراضي سيطر عليها الروسضربة كبرى

بخلاف قدرتها على المفاجأة، أشار بيل إلى أن الاستخدام الذكي للأسلحة الغربية، بما في ذلك قاذفات الصواريخ المتعددة بعيدة المدى، التي استخدمتها أوكرانيا لاستهداف خطوط إمداد روسية، ساعد القوات الأوكرانية على التقدم، في حين أصابت المدفعية بعيدة المدى أكثر من 400 هدف رئيس لروسيا خلال فترة الصيف، كما قال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في وقت سابق.

ووفق أحدث تقرير استخبارات دفاعي بريطاني، بلغت مساحة الأراضي التي حررتها أوكرانيا حتى الآن ضعف مساحة لندن الكبرى، رغم صعوبة تحديد مستوى تقدمها، في وقت تقول فيه أوكرانيا إنها استعادت مدينتي إيزيوم وكوبيانسك المهمتين استراتيجيًّا، وهما مركزان عسكريان تستخدمهما روسيا لإعادة إمداد قواتها في دونباس، الأمر الذي قد يمثل ضربة كبرى للجيش الروسي، حسب بي بي سي.

الجيش الأوكراني

محاولة دنيئة للانتقام

في خضم الانتكاسات المزعومة، قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اتصال دائم بقادته العسكريين، لكنه تجنب الرد على سؤال حول ما إذا كان بوتين لا يزال واثقًا في القيادة العسكرية الروسية، ولم يعلق على تقارير تتحدث عن إقالة قائد المنطقة العسكرية الغربية، مكتفيًا بالقول إنه أمر يجب إحالته إلى وزارة الدفاع الروسية.

وبالتوازي، قال عمدة مدينة خاركيف، إيهور تيريخوف، إن إمدادات الكهرباء والمياه في ثاني أكبر مدينة بأوكرانيا انقطعت مجددًا، إثر ضربات روسية استهدفت البنية التحتية الحيوية، وصفها بأنها محاولة دنيئة وساخرة للانتقام من نجاحات الجيش الأوكراني.

أعلام أوكرانية 1

كانوا رعاعًا

رحب أوكرانيون باستعادة قوات بلادهم أراضي كان يسيطر عليها الروس خلال الحرب المستمرة منذ 24 فبراير الماضي، من بينهم ناتاليا، 50 عامًا، التي عاشت تحت الاحتلال الروسي 5 أشهر في نوفوفوزنسينسكي، المنطقة الجنوبية من خيرسون، حتى استعادها الجيش الأوكراني في 2 سبتمبر 2022.

وكانت ناتاليا تزرع في سلام وهدوء حتى وصل الروس، في 29 مارس الماضي، وقضوا على الأخضر واليابس. وقالت لمراسلة “بي بي سي”، أورلا جورين: “لقد كانوا رعاعًا”، مشيرة إلى أن القوات الروسية سرقت شوكًا وملاعق وأحذية، على حد زعمها.

انتقادات لاذعة

وجّه الجيش الروسي انتقادات لاذعة لتراجعهم في ساحة المعركة بأوكرانيا، ربما كان أكثرها تأثيرًا ومفاجأة انتقاد وجهه الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، الذي دعم روسيا بآلاف المقاتلين في الحرب، فكتب عبر تليجرام أنه من الواضح أن الجيش الروسي ارتكب أخطاءً.

وفي إشارة إلى شيوع الفوضى بين القادة العسكريين الروس، قال قديروف إن القوات الروسية لن تغادر أوكرانيا ما لم يرغب الجيش الروسي في ذلك، وعزا التراجع الروسي في ساحة المعركة إلى عدم تدريب الجنود الروس على نحو مناسب، مضيفًا أنه سيتصل بمسؤولين كبار في وزارة الدفاع الروسية لتوضيح رسالته.

رمضان قديروف

فشل استخباراتي

أشارت شبكة سي إن إن الأمريكية في تحليل نشرته، الاثنين 12 سبتمبر 2022، إلى أن تعليقات المدونين العسكريين المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي بروسيا كانت أكثر فظاظة، بما في ذلك زخار بريلبين، الذي يتابع قناته على تليجرام أكثر من 250 ألفًا، وأعاد نشر تعليق يصف الانسحاب الروسي من خاركيف بأنه كارثة وفشل استخباراتي شامل.

كما اتهم مدون آخر، مؤيد لبوتين، يدعى خولموجوروف، السلطات الروسية مباشرة بالتخلي عن قواتها، وانتقد ثالث عدم تزويد الجنود الروس بأجهزة تصوير حرارية، ولا سترات واقية من الرصاص، ولا معدات استطلاع، ولا طائرات هليكوبتر كافية، ولا مجموعات إسعافات أولية.

سوء تقدير روسي

تشير نتائج الحرب الروسية الأوكرانية خلال الـ 6 أشهر الماضية، إلى أن قرار بوتين بشن ما يسميه عملية عسكرية في أوكرانيا، كان سوء تقدير كبير، في وقت تعجز فيه القوات الروسية عن تحقيق نصر سريع، لتغرق في هجوم دموي يبدو أنه طويل الأمد، وسط هزائم مخزية.

ومن شأن الحرب المستمرة منذ قرابة 8 أشهر، اندلعت فجر الخميس 24 فبراير الماضي 2022، أن تعرف بوتين تاريخ روسيا، ذلك التاريخ الذي لم ينته على نحو جيد للقادة الروس السابقين، ممّن خاضوا حروبًا خرجوا منها مهزومين، وفق بي بي سي.

بوتين...

3 خيارات محتملة

في حين يصر بوتين على أن الحرب ستستمر على الرغم من الانتكاسات الروسية، فإن “سي إن إن” قد أشارت إلى أنه يوجد 3 خيارات محتملة، لا يزال من المستحيل معرفة أيها سيرجح الكرملين كفته. ويتمثل الخيار الأول في استمرار الحرب وهو أمر يبدو صعب المنال، بالنظر إلى انتصارات أوكرانيا وإخفاقات روسيا الأسبوع الماضي.

وفيما قد يكون الخيار الثاني مذلًّا لروسيا إذا أقرت بالهزيمة وبدأت تبحث عن تسوية تفاوضية. أما الخيار الثالث، وهو الأكثر ترجيحًا، وفق سي إن إن، فربما يتمثل في مواصلة القوات الروسية هجومها الطاحن، مع محاولة السيطرة على مزيد من الأراضي الأوكرانية.

ربما يعجبك أيضا