التونسية بسمة حاج قاسم تكشف لـ«رؤية» تفاصيل اختراعها مستحضرًا لوقف النزيف

ياسمين سعد
مستحضر لوقف النزيف

حاورت "شبكة رؤية الإخبارية" العالمة التونسية بسمة حاج قاسم، فماذا قالت عن مستحضرها الجديد لوقف النزيف، وما هي تفاصيل إختراعها المبهر؟.


فازت الأستاذة الجامعية والباحثة بمركز البيوتكنولوجيا في صفاقس التونسية بسمة حاج قاسم، مطلع الشهر الحالي، بالجائزة الأولى للبطولة الدولية الأولى للاختراع والبحث العلمي.

وأقيمت البطولة، التي استضافتها تونس، على هامش مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية بإفريقيا، وذلك في إطار مبادرة تيكاد للتجديد 2022، وتسلمت بسمة جائزتها من رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن، عن فئة المخترعين، عن اختراعها مستحضرًا يوقف النزيف، فكيف وصلت بسمة إلى هذا الإنجاز؟

ما خطوات الوصول إلى الاختراع؟

حاورت “شبكة رؤية الإخبارية” الدكتورة بسمة، خلال زيارة قصيرة لها بالقاهرة، لتشرح خطوات اكتشافها العلمي الذي استغرق عامين، موضحة أنها اختارت طريق العلم منذ الصغر، فلطالما أحبت التدريس وشعرت بأنها ستصبح مدرسة في المدرسة الثانوية.

ولكن بعدما التحقت بالجامعة أرادت أن تكون أستاذة جامعية، ولكي تحصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه، سلكت بسمة طريق البحث العلمي وشغفت به، فقررت أن تصبح باحثة بجانب الأستاذية، وهكذا أصبحت أستاذة وباحثة في مركز البيوتكنولوجيا بصفاقس.

تكريم بسمة حاج قاسم من رئيسة الحكومة التونسية

تكريم بسمة حاج قاسم من رئيسة الحكومة التونسية

كيف توصلت إلى آلية إيقاف النزيف من خلال مستحضر؟

أوضحت بسمة أنها كانت تعمل خلال أبحاثها للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه، على الأمراض التي تصيب الصفائح الدموية، فكانت تفحص المشكلات الجينية التي تصيبها، وتجعل المريض ينزف بغزارة دون توقف، مشيرة إلى أنها بعدما أصبحت أستاذة جامعية أرادت أن تعمل في مجال مختلف عن مجال الجينات الذي بحثت فيه من قبل.

ونتاجًا لأبحاثها السابقة، فكرت بسمة في اختراع مستحضر يحد من النزيف، والذي يعد ضمن اختصاصها وهو الصفائح الدموية، ففكرت لو أنها بحثت عن محفزات للصفائح الدموية تنشطها، أو وجدت جزيئيات تمنعها من العمل جيدًا، ففي الحالتين ستقلل من النزيف، مشيرة إلى أن ذلك يحمي الإنسان من أمراض القلب والشرايين والجلطة الدماغية والقلبية.

ما الوقت الذي استغرقته الباحثة للوصول إلى اختراعها؟

تقول بسمة: “بدأت عملي بالحصول على عينات من دم الإنسان، واستخلاص الصفائح الدموية منها وكنت أبحثها يوميًّا، مع وضع مستحضرات كيميائية ونباتية عليها، لأرى تأثيرها في الصفائح، وأقارن بين النتائج والعينات، فإما ستحفز الصفائح الدموية، وإما ستتعرض للبطء، أو لن يحدث أي تغيير على الإطلاق”.

وأضافت: “بحثت لمدة عامين، ولكنني لم أجد أي نتيجة، حتى اكتشفت بعد ذلك جزيئًا كيميائيًّا حفز الصفائح عندما أضفته إليها، لأن صفائحنا الدموية ثابتة ولا تعمل إلا عندما تصلها رسالة لكي تفهم حدوث النزيف، وتبدأ في العمل على وقفه، وهذا الجزيء هو الرسالة”.

كيف يعمل المستحضر على إيقاف النزيف؟

أكدت بسمة تحفيز الجزيء للصفائح الدموية منذ بدء النزيف وحتى توقفه، ولكنها كانت تريد معرفة كيف يوقف هذا الجزيء النزيف، وما الذي يفعله تحديدًا لتحفيز الصفائح الدموية، ولذلك انتقلت من مختبرها بتونس إلى مختبر بفرنسا بتولوز، لتتوصل إلى استنتاجات جديدة، فاكتشفت، من خلال التجريب على نموذج مصنوع لعروق الإنسان بالمعمل الفرنسي، أن الجزيء يحفز الصفائح الدموية خلال 4 مراحل.

الأولى هي سريان الصفائح الدموية مع الدم إلى مكان الجرح ووقوفها عنده، والثانية تغير شكل الصفائح الدموية من الدائري إلى التشعب المرن الذي يتشكل مع ثنيات الجرح ليملؤها، أما الثالثة فهي تواصل الصفائح مع بعضها وبعض والتوحد، حتى تصل إلى المرحلة الرابعة وهي مرحلة تجلط الدم بدرجة مناسبة، حتى لا يصل إلى حد الإصابة بالجلطة، أو أن يكون صغير الكتلة.

 إلى أي مرحلة وصل اختراع الباحثة التونسية؟

ثمنت نتائج البحث المبشرة بتجريبها على الحيوانات، فكونت بسمة مستحضرًا صيدليًّا به كميات مختلفة من الجزيئيات الكيميائية، وأحدثت جرحًا يبدأ بعد 1 سم في ذيل مجموعة من الفئران، ثم حقنتها بالمستحضر، في حين حقنت مجموعة أخرى بمستحضر موجود بالأسواق لوقف النزيف، أما المجموعة الثالثة من الفئران فتركتها تنزف لحساب الوقت ومعرفة كمية الدماء المهدرة.

تجارب الحقن بالمستحضر الجديد

تجارب الحقن بالمستحضر الجديد

 

وشملت التجربة أيضًا تجريب كميات مختلفة من الجزيئيات الكيميائية لمعرفة الكمية المثالية لوقف النزيف، وبعد تسجيلها، خلصت النتائج إلى وقف المستحضر للنزيف بنسبة 50% في نصف الوقت الذي توقف فيه النزيف لدى الفئران الآخرين، ووصفت الباحثة التونسية هذا الأمر بالإنجاز العظيم، ما سيكون مفيدًا عند تعرض الشخص إلى حادثة، وفي العمليات الجراحية خاصة عمليات الولادة.

هل سيكون الاختراع فعالًا في إنقاذ حياة المرضى؟

بعض الأبحاث لم يخرج عن حدود الورق الذي دوّن خطواتها دون أن تتحول إلى تجارب حقيقية في القطاع الطبي قابلة للتنفيذ، وفي هذا الشأن أوضحت بسمة أنه عند حدوث النزيف العميق يجري نقل المريض إلى المستشفى، إما لإجراء عملية جراحية، وإما للحصول على نقل الدم، مشيرة إلى أن هذا يتطلب إجراءات معقدة ووقتًا طويلًا، من شأنهما أن يتسببا في وفاة المريض في أي مرحلة.

وتضيف: “هذا المستحضر الجديد سينقذ الأرواح، لأن الدقيقة فارقة في حياة من يتعرض للنزيف، فإن لم يوقف النزيف على الفور، فإنه على الأقل سيعطي المريض المزيد من الوقت حتى ينقل إلى المستشفى ويحصل على العلاج، أو سيجعله قادرًا على الانتظار حتى إجراء تحاليل مطابقة نقل الدم، دون أن يتعرض لخطر الوفاة”.

مستحضر لوقف النزيف

مستحضر لوقف النزيف

متى سيطرح مستحضر إيقاف النزيف في الصيدليات؟

أوضحت الباحثة التونسية أنها حصلت على براءة اختراع للحفاظ على نتائج أبحاثها من السرقة، مشيرة إلى أنها استوفت حتى الآن مرحلتين من التجارب على المستحضر، ويبقى المرحلة الأخيرة قبل تصنيعه من شركات الأدوية لطرحه بالصيدليات، قائلة: “يوجد شركات عالمية تحمست للعمل معي للحصول على تمويل للمستحضر وتجربته على الإنسان”.

وأضافت: “في حين أنني لا أعلم حتى الآن كيف ستكون نتيجة استخدام المستحضر على الإنسان، ولكن البحث مبشر جدًّا، أما بالنسبة لتوقيت طرح المستحضر بالصيدليات فلا أعلمه بالتحديد، لأننا اعتدنا في المجتمعات العربية الحصول على تراخيص الأدوية من الشركات العالمية وتصنيعه محليًّا، ولكن هذه المرة الأمر مختلف، فنحن من اخترعنا الدواء وسنصدره إلى العالم”.

ربما يعجبك أيضا