قواعد تصدير جديدة.. الولايات المتحدة تعرقل صناعة رقائق أشباه الموصلات الصينية

أحمد ليثي

الإجراءات الأمريكية الجديدة بشأن صناعة الرقائق وأشباه الموصلات تعيد الصينيين سنوات للوراء، وتذكرنا باللوائح الصارمة التي تعود إلى الحرب الباردة.


فرضت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مجموعة واسعة من ضوابط التصدير الجديدة، في مسعى لعزل الصين عن صناعة رقائق أشباه الموصلات، بحسب ما ذكرت وكالة رويترز الإخبارية.

وفي تقرير نُشر يوم الحمعة الماضي 7 أكتوبر 2022، قالت رويترز إن الولايات المتحدة فرضت إجراءات جديدة لعزل الصين عن صناعة رقائق أشباه الموصلات المصنوعة في أي مكان في العالم بمعدات أمريكية.

تقييد جديد

وبحسب التقرير، تريد الولايات المتحدة تقييد وصول الصين لرقائق أشباه الموصلات، في محاولة منها لإبطاء التقدم التكنولوجي والعسكري لبكين، وتستند القواعد، التي يدخل بعضها حيز التنفيذ فورًا، إلى الخطابات التي أُرسلت هذا العام إلى كبار مصنعي الأدوات، التي تدخل في صناعة الرقائق، منها “كيه إل أيه كوربوريشن”، و”لام” للأبحاث، و”أبلايد ماتيريالز”.

ووصفت “رويترز” الإجراءات بأنها أكبر تحول في سياسة الولايات المتحدة تجاه تكنولوجيا الشحن إلى الصين منذ التسعينات، ما يتطلب وقف شحنات المعدات إلى المصانع، التي تنتج رقائق متقدمة والمملوكة بالكامل للصين، ويعيقها عن صناعة الرقائق عن طريق إجبار الشركات الأمريكية على قطع الدعم عن بعض المصانع الصينية.

الصين تعود سنوات للوراء

قال خبير التكنولوجيا والأمن السيبراني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، جيم لويس، لـ”رويترز”، إن هذه الإجراءات تعيد الصينيين سنوات للوراء، مشيرًا إلى أن هذه السياسيات تذكرنا باللوائح الصارمة، التي تعود إلى الحرب الباردة، وشدد على أن الصين لن تترك صناعة الرقائق، ولكن هذه الإجراءت ستبطئها قليلًا.

وفي إفادة للصحفيين، يوم الخميس، لاستعراض الإجراءات، قال مسؤولون حكوميون كبار إن العديد من الإجراءات تهدف إلى منع الشركات الأجنبية من تزويد الشركات الصينية بأدوات لصنع رقائقها المتقدمة، منوهين بأن الولايات المتحدة لم تفرض شيئًا على الدول المتحالفة معها، ولكن المناقشات مع تلك الدول مستمرة.

ضوابط أحادية

يعتمد توسع سلطات الولايات المتحدة للسيطرة على الصادرات إلى الصين من الرقائق المصنوعة بأدوات أمريكية على قاعدة المنتج الأجنبي المباشر، وهي إجراءات توسعت فيها سابقًا الحكومة الأمريكية، لمنحها سلطة التحكم في صادرات الرقائق المصنوعة في الخارج إلى شركة الاتصالات الصينية العملاقة “هواوي” والشركات الروسية.

من جهته، قال أحد المسؤولين الأمريكيين لرويترز: “ندرك أن الضوابط الأحادية الجانب، التي نطبقها، ستفقد فعاليتها بمرور الوقت إذا لم تنضم إلينا دول أخرى، ولكننا نخاطر بإلحاق الضرر بالولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا إذا لم يخضع المنافسون الأجانب للضوابط المفروضة”.

قيود واسعة

طبقت إدارة بايدن القيود الموسعة على شركات “آي فلايتك” و”داهوا” للتكنولوجيا و”ميجفي” الصينية، وهي الشركات التي أضيفت إلى قائمة الكيانات، التي لا تتعامل معها الشركات الأمريكية في عام 2019، بسبب مزاعم بأنها ساعدت بكين في قمع أقلية الأويغور، وذلك بحسب تقرير “رويترز”.

من جهته، قال خبير السياسة الدفاعية في معهد “أمريكان إنتربرايز”، إريك سايرز، إن هذه الخطوة تعكس محاولة جديدة من جانب إدارة بايدن لاحتواء التقدم الصيني، بدلًا من السعي إلى فرض تكافؤ الفرص. وأضاف: “نطاق التأثيرات المحتملة مذهل للغاية، ولكن الشيطان يكمن بالطبع في تفاصيل التنفيذ”.

30 كيانًا صينيًّا يمنع التعامل معها

وفقًا لرويترز، قالت رابطة صناعة أشباه الموصلات إنها حثت حكومة الولايات المتحدة على التعاون مع شركاء دوليين، للمساعدة في فرض مبدأ تكافؤ الفرص، وبدأت الشركات بأنحاء العالم التفاعل مع أحدث الإجراءات الأمريكية، في ظل انخفاض أسهم شركات المعدات المستخدمة في تصنيع أشباه الموصلات.

وأضافت الولايات المتحدة شركة “يانجتز ميموري تيكنولوجيز”، التي تعد أكبر شركة لتصنيع الرقائق في الصين، و30 كيانًا صينيًّا آخر إلى قائمة الشركات التي لا يمكن للشركات الأمريكية التعامل معها، ما أدى إلى تصعيد التوترات مع بكين، التي يمكن أن تؤدي إلى عقوبات أكثر صرامة.

قيود على الشركات

بموجب السياسة الجديدة، ستضاف شركات جديدة إلى قائمة الشركات التي يمنع التعامل معها، إذا لم تتمكن السلطات الأمريكية من إكمال الزيارات الميدانية، لتحديد ما إذا كان يمكن الوثوق بها لتلقي التكنولوجيا الأمريكية، ما يجبر الموردين الأمريكيين على الحذر من التعامل معها.

ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينج، أمس السبت، هذه الخطوة بأنها إساءة استخدام للإجراءات التجارية الرامية إلى تعزيز الهيمنة التكنولوجية للولايات المتحدة، خصوصًا أن الرقائق أنظمة تعتمد عليها الدول في جميع أنحاء العالم، منوهًا بأن الإجراءات ستضر بسلاسل التوريد والاقتصاد العالمي.

خسائر واسعة النطاق

بحسب تقرير نُشرته “بلومبرج“، يوم الجمعة، انخفضت مكونات المؤشر القياسي للصناعة في المنطقة السلبية هذا العام، وتراجعت مبيعات شركتا “إنفيديا” و”إي إم دي” 60% تقريبًا، وقالت الشركتين إن القيود المتعلقة بالصين على رقائق الذكاء الاصطناعي ستضر بمبيعاتهما.

من جهتها، قالت إنفيديا يوم الجمعة إن اللوائح الأوسع سيكون لها تأثير مادي في أعمالها، التي كانت مقيدة بالفعل بواسطة ضوابط التصدير السابقة.

قيود على الجميع

بالنسبة للشركات التي لديها مصانع في الصين، ومنها الشركات غير الأمريكية، ستخلق القواعد عقبات إضافية بإلزامها الحصول على موافقة الحكومة، ما شكت منه شركة “إس كيه هينكس” في كوريا الجنوبية، التي تعد واحدة من أكبر الشركات المصنعة للرقائق في العالم، ولديها منشآت في الصين كجزء من شبكة التوريد.

وقالت الشركة في بيان نشره تقرير بلومبرج: “الإجراءات الجديدة تقيد بيع معدات منتجات الرقائق، لكنها تسمح لشركات صناعة الرقائق الكورية بالتصدير إذا كان لديها ترخيص من وزارة التجارة، والشركة مستعدة لبذل قصارى جهدها للحصول على ترخيص الحكومة الأمريكية، وستعمل عن كثب مع الحكومة الكورية من أجل ذلك.”

ربما يعجبك أيضا