لماذا تُحجم إسرائيل عن إرسال «القبة الحديدية» إلى أوكرانيا؟

طلبت أوكرانيا من إسرائيل تزويدها بمنظومة “القبة الحديدية”، من بين منظومات أخرى، للمساعدة في صد الصواريخ الروسية، لكن تل أبيب تحجم عن الموافقة.

وأثار الموقف الإسرائيلي انتقادات في وقت يشهد تصعيدًا روسيًّا للهجماتعلى كييف. لكن المحلل الأمريكي، برادلي بومان، يرى أنه لا ينبغي ترهيب إسرائيل، خاصةً أن الولايات المتحدة “لا تفعل الشيء نفسه”.

الابتعاد عن المعايير المزدوجة

في مقال نشرته مجلة “نيوزويك” الأمريكية، يوم الخميس 27 أكتوبر 2022، يلفت بومان إلى أن مساعدة كييف في هزيمة روسيا يصب في مصلحة الأمن القومي الأمريكي، لأنه حالة نجاح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في أوكرانيا، قد يواجه العالم المزيد من المحاولات في المستقبل، لإعادة رسم الحدود بالقوة في أوروبا، وغيرها من المناطق.

لكن في أثناء الدعوة إلى مساعدة كييف، لا ينبغي أن يُلزم الأمريكيون الدول الأخرى، مثل إسرائيل، بمعايير لا تتبعها الولايات المتحدة نفسها، على حد تعبير الكاتب، الذي أشار إلى أنه على الرغم من تقديم الولايات المتحدة مساعدات أمنية تتجاوز 18.2 مليار دولار، منذ يناير 2021، فإنها لم تزود أوكرانيا حتى الآن بمنظومة “باتريوت” للدفاع الجوي.

سبب الإحجام الأمريكي

يكمن سبب عدم تزويد أوكرانيا بمنظومة “باتريوت”، من وجهة نظر بومان، في أن الولايات المتحدة لا تملك ما يكفي منها لحماية قواتها، ناهيك عن الحلفاء والشركاء، بسبب الإنفاق غير الكافي على الدفاعات الجوية والصاروخية.

وأوضح أنه في الوقت الذي تتنافس القيادات المقاتلة الإقليمية على دفع البنتاجون لتخصيص موارد محدودة للدفاع الجوي والصاروخي في مناطق مسؤوليتها، يتطلب إرسال “باتريوت” إلى أوكرانيا أن يقلل الجيش الأمريكي الموارد الخاصة بخطط الطوارئ الضرورية، أو سحب المنظومات التي تحمي حاليًّا القوات المنتشرة في بعض المناطق.

التهديدات لأمركا وإسرائيل

يذكّر بومان بأنه في يناير 2020، أطلقت إيران عددًا من الصواريخ الباليستية على قاعدتين تستضيفان قوات أمريكية في العراق، ما أسفر عن إصابة أكثر من 100 جندي بإصابات في الدماغ. وبعدها ببضعة أشهر، أعاد البنتاجون منظومات “باتريوت” إلى العراق لحماية القوات من الهجمات الصاروخية الإيرانية.

ويشير كذلك إلى التهديد الذي تواجهه إسرائيل من صواريخ بعض الحركات الفلسطينية، مثل حركة الجهاد الإسلامي وحماس، لافتًا إلى أهمية دور منظومة “القبة الحديدية” في الحدً من الخسائر. وإضافة إلى هذا، يمتلك حزب الله، الذي وصفه بـ”وكيل إيران في لبنان”، قرابة 150 ألف صاروخ أرض-أرض، وألفي طائرة مسيرة.

ويقول بومان إن معظم هذه الصواريخ يعمل بأنظمة بدائية نسبيًّا، ولكن يوجد عدد ضئيل ومتنامي من الذخيرة دقيقة التوجيه، التي تتمتع بفاعلية أكبر في إصابة أهدافها، ما يستلزم إنفاقًا أكبر على الصواريخ الاعتراضية.

مخاوف إسرائيلية

يقلق البعض في إسرائيل من أنه حال إرسال منظومة “القبة الحديدية” إلى أوكرانيا، قد تستولي روسيا عليها، وترسل المعلومات المتعلقة بها إلى إيران. ووفق بومان، ستستخدم طهران ووكلاؤها هذه المعلومات لتطوير قدرات لمراوغة دفاعات “القبة الحديدية”، ما يحدّ من فاعليتها، ويزيد قدرة حزب الله، وحماس، وحركة الجهاد في الصراعات المستقبلية.

وفي حين أنه من الممكن تخفيف مخاطر الاستيلاء الروسي على “القبة الحديدية”، عبر نشرها في المناطق البعيدة عن الخطوط الأمامية، يرى بومان أن المخاوف الإسرائيلية مفهومة،بسبب العلاقة المتنامية بين روسيا وإيران، والعداء الإيراني المستمر لإسرائيل.

هل تقف إسرائيل مكتوفة الأيدي؟

يقول بومان إن هذا لا يعني أن تقف إسرائيل مكتوفة الأيدي عندما يتعلق الأمر بمساعدة الجيش الأوكراني. ويرى أنه ينبغي على تل أبيب أن تزود كييف بأكبر قدر ممكن من المعلومات الاستخباراتية عن  الأسلحة الإيرانية، التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا.

وعلاوة على هذا، قال إنه ينبغي أيضًا أن تزود إسرائيل أوكرانيا بأجهزة استشعار وأنظمة إنذار مبكر، لتقديم إنذارات مسبقة بالهجمات الوشيكة.

المنظومات الأمريكية

ختامًا، يلفت الكاتب إلى أن بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي يسعون إلى زيادة مخزون الجيش من منظومات “باتريوت”، وتوسيع القدرة الإنتاجية ذات الصلة بها. ويقول إن واشنطن يجب أن تتخذ كل الإجراءات الممكنة لتسريع إرسال المنظومات الدفاعية، التي لا تقوض جاهزية الجيش أو تعرّضه للخطر، مثل صواريخ “سام” النرويجية المتقدمة، ومنظومة “أفينجر” للدفاع الجوي.

إلا أن الأمر نفسه لا ينطبق على “القبة الحديدية” وإسرائيل، التي تواجه تهديدًا صاروخيًّا متناميًا، وقدرة دفاع صاروخي غير كافية لخوض حرب ضد حزب الله. لذلك يجب ألا تضغط الولايات المتحدة وغرب أوروبا على إسرائيل لإرسال منظومة “القبة الحديدية” إلى أوكرانيا.