حفريات النمل العملاق تحدٍّ جديد أمام العلماء حول أحجام الحشرات

بسام عباس

منذ أكثر من 47 مليون سنة، كان النمل العملاق آكل اللحوم يجوب أرض غابات ما قبل التاريخ في أمريكا الشمالية بحثًا عن فريسة.


كشفت دراسة علمية حديثة عن أن النمل العملاق عاش في بعض المستعمرات القديمة في ما يعرف الآن بولاية وايومنج الأمريكية، كانت تحكمها ملكات بحجم طائر الطنان.

وأوضحت الدراسة، التي نشرتها جامعة كامبريدج، أن الحشرات القديمة كانت من ذوات الدم البارد، ما يعني أنها تكافح من أجل البقاء، دون قدر ملموس من الحرارة في بيئتها، ويعتمد مدى انخفاض درجة الحرارة قبل أن تموت إلى حد كبير على حجم الجسم.

عبور مضيق بيرينج

قال موقع ساينس أليرت، العلمي، إن هذه الحفريات لم تكن أكبر نملة على سطح الأرض، إذ كانت أكبر ملكة نمل معروفة قد عاشت على الإطلاق هي إحدى التي عثر عليها في شكل أحفوري بألمانيا، وكان حجم جسمها مثل طائر النمنمة، وكان طولها أكثر من 5 سم، ولها أجنحة تصل إلى 16 سم.

وأضاف الموقع، في تقرير نشره اليوم الأربعاء 8 مارس 2023، أن العلماء يعتقدون أن جيش هذا النمل العملاق، كان يصطاد أي شيء في طريقه، بما في ذلك السحالي والثدييات والطيور، وتساءل الموقع عن كيفية عبور النمل العملاق القديم، جسر بيرينج البري البارد الذي كان يربط روسيا بولاية ألاسكا منتقلًا من أوروبا إلى وايومنج.

وذكرت الدراسة أن الباحثين افترضوا أن هذا الجسر الأرضي المعتدل كان به ما يمكن أن يسمى “بوابة” تفتح لفترات وجيزة في أثناء الاحتباس الحراري، للسماح للكائنات ذات الدم البارد، مثل النمل، بالعبور من قارة إلى أخرى.

Titanomyrma gigantea SMFMEI00998

اكتشاف أحفورة لملكة النمل العملاقة في ألمانيا.. أكبر نملة على وجه الأرض

أنواع عملاقة في أوروبا وأمريكا

أوضح الموقع العلمي أنه في ألمانيا يوجد نوع من نفس جنس النمل العملاق الموجود في وايومنج، يسمى “تيتانوميرما”، وعثر أيضًا على نوع مشابه في كولومبيا البريطانية بكندا، وهي أول أحفورة من نوعها تظهر في مثل هذا المناخ البارد.

ولفت الموقع إلى أن العلماء لم يتمكنوا من تقدير حجمها بسبب طبيعتها غير الواضحة، غير أنهم يرجحون أن تكون ضخمة مثل نظيرتها في وايومنج.

1678138047995

اكتشفت الملكة الأحفورية العملاقة تيتانوميرما في تكوين ألنبي

التكيف مع الحرارة

أفادت الدراسة أن الحيوانات التي يمكنها تعديل درجات حرارتها تتحمل المناخ البارد عن طريق زيادة كتلتها إلى الحد الأقصى وتقليل جلدها، في حين تعمل الحيوانات التي تحتاج إلى امتصاص الحرارة من بيئتها بنحو أفضل مع مساحة سطح أكبر وحجم أقل، وتوجد ملكات النمل الأكبر قرب المناطق الاستوائية.

ومن جانبه، تساءل عالم الحفريات بجامعة سيمون فريزر، بروس أرشيبالد، عما إذا كان هذا النمل الأصغر حجمًا قد تكيَّف مع هذه المنطقة الباردة بتقليل حجمه، في حين اندثرت الأنواع العملاقة، كما رجح عام 2011، أم أن هذا النمل كان عملاقًا، وبذلك تكون فكرتنا عن التسامح المناخي للنمل العملاق، وعبوره القطب الشمالي، خاطئة.

مزيد من الحفريات

أوضحت الدراسة أن طول الكائن الحي في الأصل، يمكن أن يكون 3 أو 5 سنتيمترات، وذلك استنادًا إلى طريقة ضغطه في الأحافير، في حين أن التقدير الأقصر سيجعله أصغر بـ65% من نظيره في وايومنج.

وقالت الدراسة إن هذا التقدير الأقصر يدعم فكرة أن النمل العملاق يحتاج إلى مناخ حار، ولا يمكن السماح له إلا بالمرور عبر بوابة المناخ لجسر بيرينج الأرضي، خلال فترة الاحتباس الحراري.

وأضافت الدراسة أن القياس الأكبر يشير إلى أن هذا النمل القديم كان لديه قدرة أكبر على تحمل البرودة مما يعتقد العلماء، وكان بإمكانه عبور الجسر الأرضي في أي وقت، موضحة أن الطريقة الوحيدة للتمييز بين هذه السيناريوهات هي العثور على المزيد من الحفريات.

ربما يعجبك أيضا