«رابونزيل».. اكتشاف فيروس استثنائي بذيل طويل وشرس

بسام عباس

أتاح فيروس رابونزيل ذو الذيل الطويل نافذة للعلماء لمعرفة كيفية تكوين الفيروسات المسببة للعدوى


على غرار بطلة ديزني ذات الشعر الطويل الأسطوري، تطور ذيل أحد الفيروسات ليصبح الأشرس في بيئته، وأطلق عليه العلماء “رابونزيل”.

كشفت دراسة حديثة في مجلة “الكيمياء البيولوجية” عن سر أعجوبة تطورية في الفيروسات، وهي عاثية ذات ذيل طويل للغاية، وهذا الذيل غير العادي هو جزء من العاثية التي تعيش في الينابيع الساخنة غير المضيافة وتفترس بعض من أصعب أنواع البكتيريا.

أطول 10 مرات

قالت مؤلفة الدراسة طالبة الدراسات العليا في كلية الطب بجامعة ماساتشوستس، إميلي أنيلو، إن العاثيات تتكون من ذيل متصل بقشرة بروتينية شائكة تشبه المنشور تحتوي على الحمض النووي الخاص بها، على عكس العديد من الفيروسات التي تصيب البشر والحيوانات التي تحتوي على جزء واحد فقط.

وأضافت أن ذيول العاثيات، مثل تسريحات الشعر، تختلف في الطول والشكل، فبعضها طويل ومطاط بينما البعض الآخر قصير وصلب. وفي حين أن معظم العاثيات لها ذيول قصيرة مجهرية، فإن ذيل رابونزيل أطول 10 مرات من معظم العاثيات ويبلغ طولها 1 ميكرومتر تقريبًا.

480px phage comparison

ذيل الفيروس أطول بـ 10 مرات

وحش الذيل

ذكر موقع “سكاي تك ديلي” العلمي في تقرير نشره الخميس 16 مارس 2023، أن الأستاذ المشارك في الكيمياء الحيوية والتكنولوجيا الحيوية الجزيئية في كلية أوماس تشان، الذي أشرف على الدراسة، براين كليش، وصف فيروس رابونزيل بأنه “وحش الذيل”.

وأضاف أن ذيول العاثيات مهمة لثقب البكتيريا المغلفة بمادة لزجة كثيفة، ويسمح ذيل (P74-26) الطويل بغزو أصعب أنواع البكتيريا وإصابتها. ولا يمتلك ذيلًا طويلًا فحسب، بل إنه أيضًا أكثر العاثيات استقرارًا، ما يسمح له بالتواجد في البكتيريا التي تعيش في الينابيع الحارة التي تصل درجتها لأكثر من 170 درجة فهرنهايت.

تقنيات عالية الدقة

أفاد الموقع بأن الباحثين استخدموا تقنيات تصوير عالية الطاقة بالإضافة إلى المحاكاة الحاسوبية ووجدوا أن اللبنات الأساسية للذيل تتكئ على بعضها البعض لتثبيت نفسها.

وأوضحت أنيلو أنهم استخدموا تقنية تسمى المجهر الإلكتروني بالتبريد، وهو مجهر ضخم يسمح بالتقاط آلاف الصور والأفلام القصيرة بتكبير عالٍ جدًا، وبالتقاط الكثير من الصور لأنابيب ذيل الفيروس وتجميعها معًا، عرف الباحثون كيف تتلاءم وحدات البناء معًا.

كما وجدوا أيضًا أن فيروس رابونزيل يستخدم آلية “كرة ومقبس” لتقوية نفسه، بالإضافة إلى ذلك، يتكون الذيل من حلقات من الجزيئات المتراصة عموديًّا والتي تشكل قناة مجوفة.

بناء الليجو

أوضح كيلش أن وحدات بناء العاثيات تشبه نوعًا من الليجو الذي يحتوي على ما يشبه المسامير من جانب والثقوب أو المقابس في الجانب الآخر، لافتًا إلى أن أحد الليجوهات يغلق مآخذ التوصيل، ولكن عندما يبدأ في البناء، تبدأ المقابس في الانفتاح للسماح للأزرار الموجودة على الليجوات الأخرى ببناء مجموعة أكبر.

وأشار كليش إلى أن فيروس رابونزيل، مقارنةً بمعظم العاثيات، يستخدم نصف عدد كتل البناء لتشكيل الحلقات التي تشكل الذيل، موضحًا أن ما حدث هو أن بعض الفيروسات القديمة دمجت اللبنات الأساسية في بروتين واحد.

وأضاف كيلش أن هذا الذيل الطويل مبني من كتل بناء أكبر وأكثر ثباتًا، ما يمكن أن يؤدي إلى استقرار الذيل في درجات حرارة عالية، لافتًا إلى أن الباحثين الآن يخططون لعملية تلاعب جيني لتغيير طول ذيل العاثية ومعرفة تأثير ذلك على سلوكه.

الأهمية الطبية

أوضح الموقع الأمريكي أن العاثيات تعيش في كل ركن من أركان العالم، وهي مهمة لمجموعة متنوعة من الصناعات مثل الرعاية الصحية والحفاظ على البيئة وسلامة الغذاء. وتستخدم العاثيات طويلة الذيل مثل (P74-26) في التجارب السريرية الأولية لعلاج بعض أنواع العدوى البكتيرية.

وأضاف أن الجراثيم تكتسب اهتمامًا متزايدًا باستمرار كبديل للمضادات الحيوية لعلاج الالتهابات البكتيرية، فبدراسة تجميع العاثيات، يمكن أن نفهم بشكل أفضل كيفية تفاعل هذه الفيروسات مع البكتيريا، ما يؤدي إلى تطوير علاجات أكثر فاعلية تعتمد على العاثيات.

ربما يعجبك أيضا