التكنولوجيا والحج.. رحلة عمرها 200 عام

بسام عباس
حجاج يلتقطون صورة سيلفي خلال الحج

مع توافر الأدوات والأجهزة الرقمية في أيدي الحجاج، أصبح حج القرن 21 يتناسب مع التاريخ الأطول للتكنولوجيا والحج.

وقالت المؤرخة وخبيرة الإسلام المعاصر بجامعة دنفر الأمريكية، أندريا ستانتون، إن التكنولوجيا دخلت في صميم رحلة الحج منذ منتصف القرن 19، وكانت تقنيات النقل والاتصالات أساسية لإدارة الحكومات للحج وروحانيات الحجاج.

تكنولوجيا السفر

هذه القصة يزيد عمرها على 200 عام، وحتى مع تغير التقنيات المحددة، تظل أهميتها في إدارة الحج وتجارب الحجاج الروحية ثابتة.

وأضافت ستانتون، في تقرير نشره موقع كونفرزيشن الأمريكي، أن تكنولوجيا السفن البخارية أتاحت للمسلمين ممن كانوا يعيشون على مسافات طويلة من مكة أداء فريضة الحج، وذلك منذ خمسينات القرن 19.

وذكرت أن الحجاج أعربوا عن تقديرهم للسلامة والسرعة والموثوقية وانخفاض تكلفة السفر بالباخرة. ونتيجة لذلك، أصبح بإمكانهم الوصول إلى الحج أسرع وأرخص من أي فترة سابقة في التاريخ، موضحةً أنه من ثمانينات القرن 19 إلى ثلاثينات القرن الـ20، تضاعف عدد الحجاج كل عام 4 مرات.

حجاج في ليبيا ينتظرون الباخرة

حجاج في ليبيا ينتظرون الباخرة

تكنولوجيا الاتصالات

أوضحت المؤرخة الأمريكية أن التلغراف كان له دور مهم في الحج، فالحكومة العثمانية استخدمت شبكة التلغراف كأحد الروابط الرئيسة من العاصمة في اسطنبول عبر دمشق إلى مكة. واستخدم المسؤولون الأوروبيون وشركات السكك الحديدية والبواخر، وحتى الحجاج أنفسهم، التلغراف للاتصالات المتعلقة بالحج.

وأضافت ستانتون أن العديد من الحكومات أدخلت لوائح تتبع تعتمد على تكنولوجيا الطباعة، فالهولنديون بدؤوا في عام 1825 مطالبة الحجاج بالحصول على جوازات سفر، في حين بدأ الفرنسيون في عام 1892 مطالبة الحجاج الجزائريين بالحصول على تصاريح سفر.

وتابعت أن هذه اللوائح ساعدت الحجاج على أداء مناسك الحج بأمان، وعملت أيضًا على تقليل المخاطر السياسية والعامة المحتملة للقوى الاستعمارية التي حكمت معظم الأراضي الإسلامية آنذاك.

الطيران والتليفزيون

قالت أندريا ستانتون إن انتشار السفر الجوي التجاري، الذي بدأ في أربعينات القرن الماضي، أدى إلى تغيير ديناميكيات الحج بقدر أكبر، فالطيران وسيلة أسرع وأرخص وأكثر أمانًا من السفر على متن السفن البخارية، ولكنه خلق تحديات لوجستية وسياسية واقتصادية ضخمة مع زيادة عدد الحجاج 6 أو 7 أضعاف بين عامي 1950 و1980.

حجاج في مطار جدة- ١٣٩٦هـ ١٩٧٦م

حجاج في مطار جدة- ١٣٩٦هـ ١٩٧٦م

وأوضحت أن تقنيات الاتصالات الجديدة ساعدت في الإقبال على الحج. فتغطية المحطات الإذاعية للحج، وبث رسائل الحج للمستمعين في أوطانهم، وعرض التلفزيون في الستينات لقطات للحجاج وهم يطوفون ووقوفهم بعرفات أو رمي الجمرات، كلها أسهمت في تحفيز الرغبة في أداء فريضة الحج لدى عموم المسلمين.

جسر جوي

أشارت الكاتبة إلى حدوث بعض الثغرات مع سهولة السفر إلى الحج بالطائرة، ففي عام 1952، ومع تدفق آلاف الحجاج إلى بيروت، وعدم وجود مقاعد متاحة لشركات الطيران اللبنانية، نظمت القوات الجوية الأمريكية جسرًا جويًّا نقل ما يقرب من 4 آلاف حاج من بيروت إلى مكة لأداء المناسك.

وأضافت أن تقنيات الاتصالات أدت دورًا مهمًّا في إدارة الحج، ففي خمسينات القرن الـ20، أصدرت ماليزيا ما تسمى بـ”جوازات سفر الحج”، بها جميع المعلومات عن الحاج، من تواريخ التطعيم إلى معلومات الاتصال بأقربائه.

التحدي الكبير

ذكرت الكاتبة أن تأشيرات الحج الصادرة في السعودية تطورت من تأشيرات مكتوبة بخط اليد ومختومة باليد في سبعينات القرن الماضي، إلى تأشيرات مختومة رقميًّا ومشفرة في أواخر العقد الأول من القرن 21.

مع سهولة السفر والاتصالات، أصبحت قدرة وزارة الحج والعمرة السعودية على التعامل مع كل هؤلاء الحجاج في وقت واحد تحديًا كبيرًا، بل إن المخاطر كبيرة للوزارة، ومن المتوقع أن تتيح تجربة آمنة أكثر روحانيةً لجميع الحجاج، مع تجنب أي ضغوط مرهقة على السعودية.

 

اقرأ أيضًا: صور| قبل التكنولوجيا.. كيف كانت رحلة الحج قديمًا؟

اقرأ أيضًا:السعودية تكشف عن إجمالي أعداد الحجاج هذا العام

اقرأ أيضًا: صور| أطفال الحج.. بسمة الآباء وذكريات العائلة التي لا تنسى

ربما يعجبك أيضا