نيويورك تايمز: تزايد حوادث العنف الطائفي في الهند

آية سيد
الهند

تشير حوادث العنف الطائفي، التي أصبحت شائعة تحت حكم مودي، كيف منحت المواقف الحزبية لقادة الهندوس رخصة للفوضويين.


قالت صحيفة نيويورك تايمز إن حوادث العنف الطائفي في الهند تكشف كيف منحت المواقف الحزبية لقادة الهندوس رخصة للفوضى.

وشهدت الهند، هذا الأسبوع، حوادث عنف طائفي متفرقة بين الهندوس، الذين يشكلون الأغلبية، والمسلمين، وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن عجز الحكومة عن الحفاظ على السلام بين الأطراف المتناحرة، يعود جزئيًّا إلى أنها ليست طرفًا محايدًا.

حوادث طائفية

استعرضت الصحيفة، في تقريرها يوم أمس الثلاثاء 1 أغسطس 2023، بعض تلك الأحداث الطائفية، مشيرة إلى أنه في الساعات الأولى من أول أمس الاثنين، 31 يوليو، أطلق ضابط شرطة النار على رئيسه، ثم قتل 3 ركاب عزّل على متن قطار متجه إلى مومباي، وحسب التقارير الإخبارية الهندية، كان الركاب الـ3 مسلمين.

وأظهرت مقاطع الفيديو للحادث أن الضابط قال: “إذا كنتم تريدون العيش في هندوستان، يجب أن تصوتوا لمودي ويوجي”، في إشارة إلى رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، وحاكم ولاية أوتار براديش، يوجي أديتياناث.

وشهد اليوم نفسه مسيرة لمنظمة قومية هندوسية، في واحدة من المقاطعات الشمالية القليلة، التي يشكل المسلمون غالبية سكانها. وحسب نيويورك تايمز، تحولت المسيرة إلى حرب شوارع، ما أفسح المجال أمام اندلاع أعمال شغب شاملة امتدت نحو العاصمة نيودلهي، وأسفرت عن مقتل 5 على الأقل.

تحت حكم مودي.. العنف الطائفي يشتعل في الهند

حاكم ولاية أوتار براديش، يوجي أديتياناث

توقيت حرج

لفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن الكراهية العرقية اندلعت في ولاية مانيبور الشمالية الشرقية، منذ مايو الماضي. وعلى الرغم من أن الهوية الدينية لعبت دورًا أقل هناك، فإن عجز الحكومة عن الحفاظ على السلام بين الأطراف المتناحرة، جزئيًا لأنها ليست طرفًا محايدًا، كان مزعجًا بنفس القدر.

وأوضحت أن هذه الأحداث التي قالت عنها إنها غير منسقة وغير مترابطة لكنها شائعة في الهند تحت حكم مودي، تأتي في توقيت غريب للدولة، التي تستعد لاستضافة قمة مجموعة الـ20 في نيودلهي، في سبتمبر المقبل.

وروّج مودي لـ”قصة نمو الهند” المركزة على الاقتصاد بأنحاء العالم، وحصل على أوسمة قيادة في باريس وواشنطن، وهو إنجاز بارز نظرًا لأنه في 2005، رفضت وزارة الخارجية الأمريكية منحه تأشيرة لمدة عقد تقريبًا، بسبب “الانتهاكات الفادحة للحرية الدينية” عقب مجازر ارتُكبت في مسقط رأسه.

اقرأ أيضًا| علاقة حيوية وديناميكية.. كيف تنظر الولايات المتحدة لزيارة رئيس وزراء الهند؟

تحيّز ديني

حسب نيويورك تايمز، من المعروف على نطاق واسع أن مودي وأديتياناث، والحركة القومية التي يقوداها، تتحيز لنفس الجانب في أي صراع في الهند بين الهندوس، الذين يشكلون 80% من السكان البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، والمسلمين، الذين يشكلون أكبر أقلية، بـ14% تقريبًا.

وبينما يتحدث أديتياناث باسم “القانون والنظام”، يتحدث كذلك عن “إطعام الرصاص” لمثيري المتاعب المسلمين، بدلًا من البرياني. وعلى الرغم من أن مودي أكثر دهاءً، قال في حملته الانتخابية عن مثيري الشغب: “نستطيع تحديدهم من ثيابهم”، في إشارة إلى السروال والقميص، الذي يفضله مسلمو جنوب آسيا، “وسنعاقبهم وفقًا لذلك”.

إلقاء التهم

بعد أحداث العنف الأخيرة بولاية هاريانا، قال وزير داخلية الولاية لوكالة أنباء هندية: “شخص ما سمّم المجتمع. شخص ما دبّر الموقف”، في إشارة ضمنية إلى أن المسلمين كانوا وراء أعمال العنف.

وحسب نيويورك تايمز، اختلف معه النائب المنتخب محليًا، شودري أفتاب أحمد، وهو مسلم، وعزا أعمال الشغب إلى “الفشل الإداري والشرطي”.

اقرأ أيضًا| تصاعد العنف الطائفي في الهند.. ما أسبابه ونتائجه المحتملة؟

القومية الهندوسية

لفتت الصحيفة إلى أن مودي ينتمي إلى الحركة القومية الهندوسية، منذ أن دخل إلى الحياة العامة. ولعبت قيادته لولاية كجرات في أثناء وقوع المجازر ذات الدوافع العرقية في 2002، التي راح ضحيتها أكثر من ألف شخص، معظمهم مسلمون، دورًا حاسمًا لنقاده وأتباعه.

وفي 2017، رقى مودي، بصفته رئيسًا للوزراء، أديتياناث، الراهب الهندوسي المعروف بإساءته للمسلمين، ليتولى قيادة ولاية أوتار براديش، موطن 45 مليون مسلم. ويرتدي أديتياناث، الذي يُوصف بأنه خليفة مودي المحتمل، الثوب البرتقالي الذي يميز الرهبان الهندوس. وكثيرًا ما يكلف نوابه المروحيات بإلقاء بتلات الورد على المواكب الدينية الهندوسية.

قمع الحرية الدينية

أشارت نيويورك تايمز إلى أن مودي شارك، أمس الثلاثاء، في مراسم هندوسية بنفس الولاية التي شهدت حادثة القطار، ولم يذكر عنها شيئًا. وكذلك فإن الجماعة القومية الهندوسية، التي قادت مسيرة يوم الاثنين، قادت حملة لتحويل مسجد يعود إلى العصور الوسطى إلى معبد هندوسي.

وفي حوار مع وكالة أنباء هندية، أول أمس الاثنين، أعرب أديتياناث عن دعمه لجهد يهدف إلى هدم مسجد آخر من أجل تمهيد الطريق لبناء معبد هندوسي. وحسب الصحيفة الأمريكية، ظهر في تصريحاته كيف أعاد مودي تشكيل طريقة الحكم في الهند، بحيث تحتضن الهوية الهندوسية، وتشيطن الديانات الأخرى.

وقال أديتياناث، في تصريحات موجهة للمسلمين: “الدستور هو ما يحكم الدولة، وليس الطائفة أو الدين. قد تكون طائفتك ودينك من اختيارك، لكن داخل منزلك ومسجدك ومكان عبادتك، وليس للاستعراض في الطريق”.

ربما يعجبك أيضا