«حرب جواسيس».. الطلاب الصينيون يتوغلون في الجامعات البريطانية

شروق صبري
الصين

تتسلل سياسة الرئيس الصيني شي جين بينج إلى الجامعات البريطانية لجعل الصين عظيمة مرة أخرى.


كشفت بريطانيا عن أن جاسوسًا صينيًّا كان يستخدم “لينكد إن” لإقناع مسؤولين جامعيين بإفشاء أسرار المملكة.

وعلّقت الجامعات البريطانية، الأسبوع الماضي، على هذه الواقعة بأنه “تهديد متزايد” تُشكله المخابرات الصينية، التي باتت تشكل تحديات على المؤسسات الأكاديمية لم تشهد مثلها بريطانيا من قبل.

النفوذ الصيني

على النقيض من عصر الحرب الباردة، عندما لم يكن بوسع الاتحاد السوفيتي أن يتسلل إلى الجامعات البريطانية، إلا من خلال عمليات سرية، أصبحت الصين، باعتبارها قوة عظمى ناشئة نابضة بالحياة اقتصاديًّا ومتكاملة عالميًّا، قادرة على أن تفعل ما لم يجرؤ السوفييت على أن يحلموا به.

ويرى أستاذ الدراسات الصينية، ومدير معهد كلية SOAS في جامعة لندن، ستيف تسانج، في مقال بصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، الذي نشر أمس الأحد 27 أغسطس 2023، أنه “إذا أرادت بريطانيا مواجهة النفوذ الصيني، فإعادة الممارسات التي نجحت في احتواء التسلل السوفييتي، لن يكون كافيًا”.

عمليات سرية

قال تسانج إن “الطريقة الوحيدة لفهم التحديات التي تواجهها بكين، هي التعرف على طبيعة النظام السياسي الصيني وهدفه، خصوصًا أن بكين دولة حزبية يقودها رجل قوي ملتزم بجعل الصين عظيمة، وأمر الرئيس الصيني، شي جين بينج، كل مؤسسة وفرد في الدولة بدعم قيادته، فهو يرغب في رؤية عالم يتمحور عن الصين”.

وعلى هذا النحو، يطلب شي من الصينيين، الذين يعيشون في الخارج والمواطنين غير الصينيين، دعم أمن النظام وطموحاته العالمية، ويعمل شي على توسيع نطاق وصول الدولة الصينية ذات العرق الصيني الواحد للخارج.

وقد وجدت الجامعات البريطانية نفسها في مركز هذا الأمر من خلال تصوير المناقشات العادية في الجامعات البريطانية بشأن مواضيع معينة وفق وجهة النظر الصينية، كتصوير مطالب سكان هونج كونج الذي يطالبون بالحق في تقرير المصير على أنه “مطلب غير قانوني”.

الجامعات البريطانية

تماشيًّا مع مقولة شي جين بينج “لسرد قصة الصين بنحو جيد”، عمل الدبلوماسيون الصينيون الأكاديميون والمثقفون في المملكة المتحدة، للتأكد من أنهم يرسمون صورة إيجابية للصين والحزب الشيوعي وزعيمها.

ويمكن أن تكون العروض المقدمة للأكاديميين مغرية، مثل توفير المال أو تمويل الأبحاث أو التعاون البحثي، أو الوصول إلى القادة أو مزيج من هذه الأشياء، ويمكن أن تكون عقوبة رفض التعاون أكثر صرامة.

البروفيسور ستيف تسانج

البروفيسور ستيف تسانج

عائق كبير

بات حظر الوصول إلى الصين يمثل عائقًا كبيرًا أمام المتخصصين الذين يحتاجون إلى إجراء أبحاث ميدانية أو التعاون مع زملائهم الصينيين، غير أن رفض الحصول على التأشيرة الصينية يجعل الشخص غير مؤهل للانضمام إلى مجالس إدارة الشركات الكبرى التي لها عمليات كبيرة في البلاد.

ولفت ستيف تسانج إلى أنه “يوجد قسم كبير في السفارة الصينية في المملكة المتحدة، يتعامل مع الطلاب والباحثين الصينيين، وهو ما يُظهر حجم الأهمية التي توليها الدولة لإبقائهم تحت السيطرة، بالإضافة إلى تأسيس جمعيات الطلاب والعلماء الصينيين بالجامعات البريطانية، وجميعها تتلقى الدعم والمشورة من الدبلوماسيين الصينيين، يقدمون الدعم للطلاب والباحثين الزائرين”.

وتستغل السلطات الصينية حجم طلابها في المملكة المتحدة كوسيلة للضغط، فقد كان للسفير السابق سجل في تهديد نواب رؤساء الجامعات من خلال التهديد بمنع الطلاب الصينيين من الذهاب إلى الجامعات التي تبدي وجهة نظر غير ودية للدولة الصينية، وتعتمد بعض المؤسسات على الطلاب الصينيين، الذين يدفعون رسومًا دراسية عالية.

حماية الطلاب الصينيين

تدرك الجامعات معظم هذه التحديات، ويتخذ بعضها تدابير للاستجابة من خلال تقديم مبادئ توجيهية لحماية الطلاب الصينيين من مراقبة دولتهم، حتى يتمكنوا من المناقشة بأمان في الفصول الدراسية.

ولكن بعض هذه التحديات تتجاوز الجامعات، لذا يتعين على الحكومة أن تتدخل لمواجهتها، وهذه ليست دعوة للحكومة للتعدي على الاستقلال الأكاديمي، بل لتحمل المسؤولية وحماية طلاب الجامعات في المقام الأول.

وهناك بعض الأمور، كالتي تنطوي على تكنولوجيا حساسة، لا تستطيع الجامعات البريطانية قبول الطلاب والزوار الأكاديميين من الصين فيها، حتى لا يتضرر الأمن القومي البريطاني، ويجب على الحكومة أن تنص على هذا بوضوح من خلال إصدار قائمة بالمواضيع والمؤسسات المحظورة على الصينيين.

مواجهة السياسة الصينية

موّلت الحكومة البريطانية الدراسات الصينية بصورة جيدة، ولن تكون قادرة على مكافحة التسلل الصيني بطريقة أكثر فعالية، بل إنها ستزيل التحدي الذي تفرضه معاهد كونفوشيوس التي يوجد 30 فرعًا منها في المملكة المتحدة، ويشرف عليها قسم الدعاية في الحزب الشيوعي الصيني.

ولكي تتمكن الحكومة والجامعات من مواجهة التسلل الصيني بفعالية، فهي بحاجة إلى تعزيز كبير للقدرة على فهم الصين، ودراستها كقوة عظمى صاعدة تسعى إلى تقويض القيم البريطانية.

اقرأ أيضًا| صراع المستقبل.. هل تسيطر الصين على شبكات الإنترنت في العالم؟
اقرأ أيضًا| غدًا.. انطلاق منتدى السلام والأمن الصيني الإفريقي الثالث

ربما يعجبك أيضا