بق الفراش يضرب عاصمة الأنوار.. هل تشهد باريس إغلاقًا جديدًا؟  

محمد النحاس
إنفوجراف| بق الفراش.. كل ما تريد معرفته عن الحشرة المزعجة

الحشرة الطفيلية عادت إلى الظهور خلال السنوات الأخيرة بعد اختفائها في الخمسينات.


تشهد فرنسا انتشارًا لبق الفراش على نطاق واسع، ما أثار مخاوف وتكهنات باحتمالية تكرار سيناريو الإغلاق عند تفشي وباء كورونا.

ومن المبكر الجزم بأننا وصلنا للمرحلة التي تتطلب الإغلاق، وفي حين يسعى المسؤولون لبث رسائل طمأنة للمواطنين، وحثهم على التزام الهدوء، حذر خبراء من تداعيات التفشي المحتمل وخروج الوضع عن السيطرة.

بق الفراش يجتاح باريس

بعد أن ضرب بق الفراش العاصمة باريس ومدن فرنسية أخرى، سرت حالة من الخوف والقلق في الشارع من التداعيات المحتملة لانتشار الحشرة الطفيلية، التي تصاعدت مشاهداتها خلال الأسابيع القليلة الماضية بوتيرة مطردة، وأثار الأمر مخاوف لدى جيرانها بانتقال بق الفراش إليها عبر أمتعة السياح والمسافرين، ما دفع السلطات للتأهب الحَذر.

والبق حشرة طفيلية صغيرة الحجم، لونها بني مُشرّب بالحمرة، صغيرة الحجم، لكن يمكن رؤيتها بسهولة بالعين المجردة، وجسمها مسطح وتصل إلى 6 مم، مع ذلك فهي سريعة الانتشار، ولديها قدرة عالية على التكيف، فإذا ما توافرت الرطوبة المناسبة ودرجة حرارة معتدلة، بإمكان الحشرة أن تعيش نحو عام دون طعام، وتضع خلال دورة حياتها قرابة 400 بيضة في المتوسط.

مخاوف وقلق متزايد

على مدار الأيام القليلة الماضية، تدوال رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مرئية تظهر انتشار حشرة بق الفراش في المطارات ومحطات المواصلات العامة ودور السينما والمسارح، ما دفع العديد من روادها لتجنب ارتياد هذه الأماكن خوفًا من الإصابة.

وأصر بعض الركاب في مترو باريس وفي القطارات المحلية على الوقوف، لأنهم يخشون الجلوس على المقاعد بسبب الحشرة، في حين تزايد خلال الصيف الطلب على شركة تنظيف المنازل عبر البخار،

وأعرب مدونون عن استيائهم واشمئزازهم من انتشار الحشرة الصغيرة المزعجة، التي تتغذى على الدماء، في حين أبدى آخرون مخاوفهم من أن يخرج الوضع عن السيطرة، وتضطر السلطات إلى فرض الإغلاق حتى احتواء الموقف.

ومحذرًا من سرعة انتشار وتكاثر الحشرة، قال عمدة باريس، إيمانويل جريجوار، للتلفزيون الفرنسي: “لا أحد في مأمن”، داعيًّا إلى تضافر أجهزة الدولة للتعامل مع الموقف.

لا ينقصها مزيدًا من المشكلات

يزيد من سوء الأمر، أن الانتشار الكبير للبق في باريس، يأتي في وقت تستعد مدينة الأنوار لاستقبال دورة الألعاب الأوليمية الصيفية 33 في الفترة من 26 يوليو من العام المقبل إلى 11 أغسطس، ولم تكن باريس بحاجة إلى مزيدٍ من المنغصات، فهي تعاني من مشكلة التلوث وارتفاع درجات الحرارة لمستويات غير مسبوقة، فضلاً عن الاضطرابات الاجتماعية والسياسية التي لا تهدأ.

ويضاف إلى ذلك، انتشار الفئران في المدينة التي يتوافد إليها سنويًّا أكثر من 40 مليون سائح، وعُرف عن “فئران باريس” حجمها الكبير، وجرئتها غير المعتادة والمفاجئة في كثيرٍ من الأحيان، وبالمقارنة بتعداد السكان، فإن كل مواطن واحد أمامه 2 من القواراض، بإجمالي 5 ملايين فأر، حسب موقعderatisateur.

وبعد سنوات من مكافحة القوارض، اضطرت بلدية باريس إلى إعلان يأسها من حل المشكلة ضمنًا، بعد أن أسست لجنة التعايش مع الجرذان.

عودة للظهور

بالعودة إلى بق الفراش، تقول وزارة البيئة الفرنسية إن الحشرة الطفيلية عادت إلى الظهور خلال السنوات الأخيرة، بعد اختفائها في الخمسينات، بسبب السفر الدولي وزيادة قدرتها على مقاومة المبيدات الحشرية، في حين يرى مواطنون تحدثوا لوسائل إعلام محلية، أنه طالما تمكنوا من رؤيتها بهذه الأعداد نهارًا (ينشط البق ليلاً) يعني ذلك أن الأمر قد وصل إلى مرحلة سيئة.

وفي حديثٍ له مع شبكة رؤية الإخبارية، قال إخصائي الصحة العامة، الطبيب عبد الرحمن عفيفي، إن بق الفراش ينتشر على نحوٍ رئيس على الأسرّة، وفي شقوق الجدران، وخلف الأثاث المنزلي، ومقابس الكهرباء، موضحًا إلى أن البق “لا يتسبب في نقل أمراض معدية”.

اقرأ أيضًا: انتشار بق الفراش يتحول إلى جدال سياسي في فرنسا

ما تداعيات الإصابة؟

استدرك الإخصائي والباحث، عبد الرحمن عفيفي، أن الإصابة قد ينتج عنها رد فعل تحسسي يظهر على هئية إحمرار الجلد، وتتفاوت الاستجابة من حالة إلى أخرى، موضحًا أن التعافي يستغرق من أسبوع إلى أسبوعين، ومستبعدًا خلال حديثه لـ “رؤية” أن تضطر السلطات الفرنسية إلى فرض الإغلاق، كما حدث في جائحة كورونا، مشيرًا إلى وجود برتكول متبع خلال هذه الحالات.

وليس الأمر بالمفاجئ أو المستجد بالنسبة لفرنسا، لكن الملاحظ هو الانتشار الكبير كمًا، وحسب الخبير في مجال الحشرات في المستشفى الرئيس بمرسيليا، جان ميشيل بيرينجر، فإن فرنسا عادةً ما تشهد أواخر الصيف زيادة كبيرة في أعداد بق الفراش، مرجعًا ذلك إلى أن “الناس يتنقلون خلال شهري يوليو وأغسطس، ويعودون بالبق مع أمتعتهم”.

ربما يعجبك أيضا