مرصد مراكز الأبحاث| قراءة في عملية «طوفان الأقصى» وتداعياتها

يتابع العالم تداعيات عملية “طوفان الأقصى“، التي شنتها حركة حماس الفلسطينية ضد إسرائيل يوم السبت الماضي، 7 أكتوبر 2023.

وهذا الأسبوع، يستعرض مرصد مراكز الأبحاث آراء الخبراء والمحللين بشأن العملية، التي أجمعوا على أنها تمثل أكبر فشل استخباراتي لإسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973، مرجحين أن تشن قوات الاحتلال عملية اجتياح بري لقطاع غزة ردًا على الهجوم.

يوم مظلم للاستخبارات الإسرائيلية

مرصد مراكز الأبحاث| قراءة في عملية «طوفان الأقصى» وتداعياتها

وصف الزميل بمؤسسة تشاتام هاوس البريطانية، يوسي ميكيلبيرج، عملية “طوفان الأقصى” بأنها فشل أمني واستخباراتي ذريع لإسرائيل، الذي تسبب في واحد من أكثر الأيام المظلمة في تاريخها، وسيستمر تأثيره النفسي لفترة طويلة.

ولفت ميكيلبيرج إلى أن حماس ضربت إسرائيل في الوقت الذي تشهد انقسامًا عميقًا، بسبب الاحتجاجات ضد محاولات حكومة بنيامين نتنياهو لإضعاف القضاء والنظام الديمقراطي، التي أضرت بجاهزية الجيش، مرجحًا أن يكون رد الحكومة الإسرائيلية غير مسبوق بقدر هجوم حماس، ما سيصّعب احتواء دائرة العنف.

وأضاف أن الهجوم يعكس الإحباط من النظام السياسي الفلسطيني، وحقيقة أن القضية الفلسطينية لم تعد في صدارة أجندة دول المنطقة والمجتمع الدولي. وبينما ستعتبر حماس الهجمات انتصارًا معنويًّا وعسكريًّا، رأى الباحث أنه سيكون انتصارًا باهظ التكلفة.

وأشار ميكيلبيرج إلى الحاجة إلى جهد إقليمي ودولي جاد ومنسق لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بطريقة تضمن أمن الجميع، وتخاطب الحقوق السياسية والاجتماعية والإنسانية للفلسطينيين.

هل يتحول الصراع إلى حرب أوسع؟

مرصد مراكز الأبحاث| قراءة في عملية «طوفان الأقصى» وتداعياتها

لفت الخبير بمجلس العلاقات الخارجية، ستيفن كوك، إلى وجود خطر مستمر بأن تتحول الأحداث إلى صراع على جبهتين، الذي سيدمر مناطق من إسرائيل ومعظم لبنان، حيث يتمركز حزب الله المدعوم إيرانيًّا.

وأشار كوك إلى أن قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، كان يجتمع بقادة حماس، وحزب الله، وحركة الجهاد الإسلامي للتنسيق وتهديد إسرائيل واستفزازها بطريقة أكثر فاعلية، مرجحًا أن تكون عملية “طوفان الأقصى” هي النتيجة.

ونظرًا لاحتمالية وجود عنصر إيراني في الهجمات على إسرائيل، من المحتمل أن تشتد حرب الظل الحالية بين إسرائيل وإيران، حسب الخبير الأمريكي، الذي رجح أيضًا أن تشن تل أبيب هجومًا جويًّا وبريًّا على قطاع غزة.

ورأى كوك أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قد يمنح إسرائيل مساحة كبيرة للرد بالنحو الذي تراه مناسبًا، نظرًا لحجم الهجوم والأضرار. وفي هذه الظروف، لن يكون لأي حكومة أجنبية أي نفوذ على إسرائيل كي تلتزم ضبط النفس في ردها.

تغيير قواعد اللعبة

مرصد مراكز الأبحاث| قراءة في عملية «طوفان الأقصى» وتداعياتها

استعرض معهد الشرق الأوسط آراء خبرائه بشأن “طوفان الأقصى”. ورأى مدير برنامج الدفاع والأمن بالمعهد، بلال صعب، أن حماس ربحت لأنها تسببت في صدمة كبرى وغير مسبوقة لنظام الأمن القومي الإسرائيلي، عبر توجيه ضربة قوية للردع الإسرائيلي، وكشف عن ثغرات ضخمة في الاستخبارات الإسرائيلية.

بينما قال نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق، ميك ميلروي، إن الوسائل المتعددة التي استخدمتها حماس في الهجوم خلقت مأزقًا تكتيكيًّا كبيرًا للجيش الإسرائيلي، لافتًا إلى أن تعقيد العملية يشير إلى وقوف دولة مثل إيران ورائها، ما قد يخاطر بالتصعيد عبر استخدام قواتها الوكيلة لشن هجمات من اتجاهات متعددة.

ورأى الجنرال الأمريكي المتقاعد، جوزيف فوتل، أن هجوم حماس مغير لقواعد اللعبة في المنطقة، وستكون له تداعيات عسكرية واستراتيجية كبيرة على المنطقة والولايات المتحدة، التي ستُرغم على الرد في المجالات العسكرية، والدبلوماسية والمعلوماتية.

وفي السياق ذاته، قال الجنرال الأمريكي المتقاعد، مايكل ناجاتا، إن ما حدث هو النتيجة المتوقعة لتقليص المشاركة الأمريكية في الشرق الأوسط، الذي تسبب في مصاعب استراتيجية لواشنطن، وخلق فراغًا في المنطقة تشغله أمور ستضطر أمريكا للرد عليها.

بداية نوع جديد من الصراع

مرصد مراكز الأبحاث| قراءة في عملية «طوفان الأقصى» وتداعياتها

في استعراض لآراء خبراء المجلس الأطلسي، قال مدير مبادرة سكوكروفت الأمنية للشرق الأوسط، جوناثان بانيكوف، إن الصراع بين حماس وإسرائيل وصل إلى مستوى جديد، مضيفًا أن الهجوم كان مخططًا ومعدًا جيدًا، ما يعكس الفشل الاستخباراتي والأمني لإسرائيل. ورأى أن الهجوم ربما يكون بداية لحرب متعددة الجبهات، إذا انضم حزب الله إلى الصراع.

وقال مدير برامج الشرق الأوسط بالمجلس، ويليام وشسلر، إن حماس أثبتت بهذا الهجوم أنها تتمتع بقدرات تكتيكية وتشغيلية أعلى من المتوقع، مشيرًا إلى أن الخسائر التي تكبدتها إسرائيل تمثل ضربة أقوى من تلك التي شهدتها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001، وهذا سينعكس على الرد العسكري الإسرائيلي في غزة.

فيما رأت الزميلة غير المقيمة بالمجلس، كارميل أربت، أن حماس وجهت ضربة تاريخية لإسرائيل، وأن الرد الإسرائيلي في غزة سيكون كاسحًا ومدمرًا. وقالت إن التوقيت ليس مفاجئًا، لأن نتنياهو قسّم المجتمع الإسرائيلي وأضعف جاهزية القوات، لافتة إلى أن الأحداث تكشف عن نقاط ضعف كبرى في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.

تداعيات «طوفان الأقصى»

مرصد مراكز الأبحاث| قراءة في عملية «طوفان الأقصى» وتداعياتها

في تحليل نشره موقع ريسبونسيبل ستيتكرافت، أشار الزميل غير المقيم بمركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون الأمريكية، بول بيلار، إلى أن حماس، التي أثبتت براعتها في إخفاء السجناء، استطاعت أخذ عدد من الأسرى الإسرائيليين في هجومها.

وحسب بيلار، هذا يعني أنه بمجرد أن يهدأ غبار المعركة، ستبدأ المفاوضات لاستعادة الأسرى مقابل تحرير المعتقلين الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية. وقد تمنح أوراق المساومة البشرية حماس النفوذ للحصول على تنازلات أخرى، مثل تخفيف الحصار الإسرائيلي على غزة.

وبالنسبة للعواقب السياسية على إسرائيل، قال المحلل إن هذا التصعيد للصراع سيزيد من حدة المسار المتطرف للحكومة اليمينية الإسرائيلية، وسيقضي على أي أفكار بشأن تقديم تنازلات مجدية للفلسطينيين.

وستخدم الحرب الجديدة كتشتيت عن الإصلاح القضائي المثير للجدل وقضية الفساد ضد نتنياهو. ومن هذا المنطلق، قد تكون حماس قدمت له خدمة سياسية، وفق بيلار.

تغيير استراتيجي للمسار

مرصد مراكز الأبحاث| قراءة في عملية «طوفان الأقصى» وتداعياتها

قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق ورئيس معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، تمير هايمان، إن إسرائيل تشهد حدثًا غير مسبوق أدى إلى انهيار الافتراضات الأساسية.

ووصف الموقف بأنه حرب على الجبهة الداخلية، ويشكل تغييرًا استراتيجيًّا للمسار، ولذلك يجب أن تكون الغاية النهائية لهذه الحرب هي إحداث تغيير جذري للواقع في غزة.

وطالب الجنرال الإسرائيلي المتقاعد بإعادة جميع الأسرى الإسرائيليين في غزة، وإضعاف قدرات حماس بما يسمح بعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، ومنح الشرعية الدولية وحرية العمل الهجومي لإسرائيل بما يتيح لها الهجوم بمزيد من العدوانية.