بعد أوكرانيا.. هل يجتاح الدب الروسي مولدوفا؟

إقليم ترانسنيستريا الواقع بين مولدوفا وجنوب غرب أوكرانيا، هو كيان انفصالي مدعوم من روسيا، وتعم شوارعه بمظاهر وشواهد الحقبة السوفيتية.

وتيراسبول هي عاصمة الإقليم الانفصالي، وتمتلئ بتماثيل لينين وأعلام معمارية تعود إلى الحقبة السوفيتية، وشوارع تحمل اسم كارل ماركس وكبار السوفييت، ويتوسط علم ترانسنيستريا بالشعار الشيوعي، المطرقة والمنجل، ونظرًا لوجودها داخل حدود مولدوفا المُعترف بها دوليًّا، لا تعترف أي دولة من أعضاء الأمم المتحدة بها كمجهورية مستقلة، بما في ذلك روسيا.

التوترات وجذور التاريخ

مع انهيار الاتحاد السوفيتي، كان الانفصاليون الناطقون بالروسية في إقليم ترانسنيستريا يخشون تنامي النزعة القومية المولدوفية واحتمال إعادة توحيد مولدوفا، والتي كانت قد أعلنت استقلالها للتو، وقد اندلعت حرب بين الإقليم الانفصالي والقوات المولودفية في الفترة بين 1990 و 1992، ومنذ ذلك الحين ظلّت حالة “الوضع الراهن” قائمة بين الجانبين.

علم إقليم ترانسنيستريا

ومنذ اندلاعها في 24 فبراير 2022، أثارت الحرب الروسية الأوكرانية مخاوف من اشعال هذا الصراع المجمّد نظرًا لوجود 1500 جندي روسي في ترانسنيستريا كـ قوات حفظ السلام، كما زادت المخاوف بشأن مضي الإقليم قدمًا في فتح جبهة جديدة ضد كييف، وفق تحليل نشرته مجلة ريسبنسبول ستيت كرافت الأمريكية التابعة لمعهد كوينسي لفن الحكم الرشيد.

مثل هذا السيناريو من شأنه أن يخاطر بدخول رومانيا، المرتبطة بمولدوفا لغوياً وعرقياً وتاريخياً وثقافياً، في صدام مع روسيا، وهو صدام حال وقوعه سيكون شديد الخطورة لواقع أن رومانيا عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وتحتل مولدوفا موقعًا جيوسياسيًا حيويًّا على حدود حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، ويشعر الناتو بقلق بالغ بشأن أي توسع روسي محتمل غربًا.

مخاطر التصعيد

في إبريل 2022، بعد أقل من شهرين من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، أعلن مسؤول عسكري روسي بارز، مساعي بلاده إلى تشكيل جسر بري يربط دونباس بترانسنيستريا، وكان القيام بهذا من شأنه أن يوسع نطاق الحرب إلى حدود مولدوفا ويمنع حكومة كييف من الوصول إلى البحر الأسود، أي يجعل أوكرانيا حبيسة بحريًّا، وفق التحليل.

منعت القوات الأوكرانية روسيا من الاستيلاء على أوديسا وأجزاء أخرى من الجسر البري المنشود روسيًّا، بين دونباس وترانسنيستريا

لكن القوات الأوكرانية منعت روسيا من الاستيلاء على أوديسا وأجزاء أخرى من الجسر البري المنشود روسيًّا، بين دونباس وترانسنيستريا، ونتيجة لذلك، تراجعت مخاوف الغرب بشأن ترانسنيستريا وانخراطها في الحرب.

والشهر الماضي، طلبت تيراسبول من روسيا الحماية من “التهديد الذي تشكله حكومة مولدوفا” ورداً على هذه الدعوة لحماية موسكو، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن كيشيناو “تتبع خطى نظام كييف” من خلال “إلغاء كل شيء روسي” و”التمييز ضد اللغة الروسية”.

هل تشن روسيا حربًا ضد مولدوفا؟

يؤكد بعض الخبراء أنه إذا انتصرت روسيا في أوكرانيا، فإن مولدوفا ستكون الدولة التالية في أوروبا الشرقية التي تهاجمها موسكو. وصرّح مسؤول أمريكي سابق للمجلة “استخدمت روسيا منذ فترة طويلة ترانسنيستريا والانفصاليين هناك، تمامًا مثل أولئك الموجودين في دونباس، كأدوات لإبقاء مولدوفا غير مستقرة، وهناك العديد من الطرق الأخرى التي قامت بها روسيا لزعزعة استقرار مولدوفا”.

وفي حين أبدى المسؤول السابق الذي لم تسمه الصحيفة مخاوفه بأن تكون مولدوفا هي التالية حال انتصرت روسيا في حرب أوكرانيا، إلا أن يعتقد أن روسيا لن تنتصر.
وفق المقال، لا يبدو أن شنّ روسيا حربًا على مولدوفا يشكل خيارًا مطروحًا للكرملين، فعلى العكس من أوكرانيا وجورجيا، فإن مولدوفا لا تقع على الحدود الروسية، دونًا عن ذلك، يفتقر الروس للقوّة البشرية اللازمة، للسيطرة على منطقتي ميكولايف وأوديسا الأوكرانيتين وهي محطات رئيسية قبل أي اجتياح محتمل ضد مولدوفا.