تصدير أوكرانيا للحبوب يعود لمستويات ما قبل الحرب.. كيف فعلتها كييف؟

هكذا تمكنت أوكرانيا من استعادة ممر الحبوب الحيوي عبر البحر الأسود

محمد النحاس
ميناء أوديسا الأوكراني

آتت إذن الحملة الأوكرانية البحرية ثمارها، وتمكنت بعد أشهر من الهجمات الضارية من فك الحصار الروسي المفروض على الموانئ


فيما كانت كفة القتال الميداني على الأرض تميل لمصلحة القوات الروسية التي استغلت نقص الذخيرة والعتاد لدى أوكرانيا، كان هناك قتال من نوع آخر تدور رحاه في البحار ومالت الكفة للجانب الآخر.

على مدار الأشهر الماضية، شنّت القوات الأوكرانية سلسلة من الهجمات المكثّفة على الأسطول الروسي الرابض في البحر الأسود، والذي كانت مهمته الأساسية إحكام الحصار البحري على موانئ كييف بهدف خنق اقتصادها وإجهاض قدرتها على تصدير الحبوب للعالم.

كسر الحصار

في 15 مارس 2024، أبحرت سفينة يزيد طولها عن 200 متر، وترفع العلم الليبيري ببطء من ميناء أوديسا الأوكراني إلى مياه البحر الأسود، كانت السفينة المتجهة إلى بنجلاديش محملة بالذرة.

لم تكن السفينة المتجهة إلى بنجلاديش هي الوحيدة التي غادرت الميناء الأوكراني، فقد عادت الحركة -ذهابًا وإيابًا- من وإلى ميناء أوديسا الأوكراني.

ميناء أوديسا

ميناء أوديسا

الحملة الأوكرانية البحرية آتت ثمارها إذن، وتمكنت بعد أشهر من الهجمات الضارية من فك الحصار الروسي المفروض على الموانئ، بحسب تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” في أمس الأحد 12 مايو 2024.

شل أنشطة كييف عبر البحر الأسود

الصيف الماضي أدى حصار الأسطول الروسي على الموانئ الأوكرانية لشل أنشطة كييف التجارية، غيّر أنّ الحملة الهجومية التي كان قوامها زوارق هجومية مسيرة، ومسيرات انتحارية، كبدت البحرية الروسية خسائر فادحة ودفعتها إلى الانسحاب بعيدًا عن المياه الأوكرانية.

العملية الأوكرانية كانت ناجحة إلى حد كبير، حتى أن صادرات الحبوب والبذور الزيتية المنقولة بحراً من أوكرانيا، وهي شريان حياة اقتصادي لا غنى عنه للدولة التي مزقها الصراع، تقترب من مستويات ما قبل الحرب التي اندلعت فبراير 2022.

الصادرات الأوكرانية من الحبوب

على مدار الأشهر الـ 6 الماضية، صدرت أوكرانيا 27.6 مليون طن متري من الحبوب والبذور الزيتية عبر البحر الأسود، وهو طريق التصدير الرئيسي للبلاد، وفقًا للأرقام الصادرة عن هيئة الموانئ البحرية الأوكرانية والتي نقلتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

ويقل ذلك بمقدار 0.2 مليون طن متري فقط عن متوسط حجم الصادرات في نفس الفترة من 2018 إلى 2021، وخلال الربع الأول من هذا العام، تجاوزت صادرات حبوب البحر الأسود مستويات ما قبل الحرب، وفقا للمعلومات الأوكرانية.

ما أهمية صادرات الحبوب الأوكرانية؟

لكن الصورة ليست مشرقة تمامًا بالنسبة لأوكرانيا، التي تواجه جملة من التحديات التي تقوّض تدفق صادرات الحبوب بما في ذلك الهجمات الروسية المستمرة على مرافق الموانئ والحصاد.

كما تتوقع وزارة الزراعة الأمريكية أن تنخفض صادرات الحبوب الأوكرانية في المستقبل القريب، مع ذلك تظل البيئة العامة آخذة في التحسّن.

ويعد اعتبار ضمان تدفق الصادرات الحبوب ضرورة استراتيجية لأوكرانيا، ولا تواجه كييف أعباء تذكر في ما يتعلق بقبول السفن عمليات الشحن الأوكرانية، والتأمين عليها من قبل الشركات المتخصصة.

14ukraine grain 02 vqhm superJumbo

الحبوب الأوكرانية

العام الماضي، شكّلت الحبوب والبذور الزيتية ثلث صادرات أوكرانيا، وحال توقف تلك الصادرات ستواجه اقتصاد البلد الذي مزقته الحرب صعوبات جمة، ناهيك عن كوّن العجلة الاقتصادية محرك رئيس لآلة الحرب.

اتفاق الحبوب

بعد بدء الحرب، اضطرت أوكرانيا إلى وقف التجارة عبر البحر الأسود لعدة أشهر بسبب سيطرة روسيا العسكرية على البحر والقصف الذي قوّض إلى حد كبير قدرة الميناء الأوكراني ما هدد الأمن الغذائي العالمي.

ميناء أوديسا

القصف الروسي على ميناء أوديسا

بحلول يوليو 2022 حدثت انفراجة في هذا الملف بعد أن سمح اتفاق توسطت فيه تركيا بدعم أممي بين أوكرانيا وروسيا باستئناف الصادرات عبر البحر الأسود.

وبعد عام عاد الموقف إلى المربع الصفري، حيث انسحبت روسيا من الاتفاقية وهددت جميع السفن التجارية المتجهة من وإلى أوكرانيا، ما أدى إلى إيقاف صادرات الحبوب المنقولة بحرًا في أغسطس من عام 2023.

حملة عسكرية

في محاولة لتحريك المياه الراكدة واستعادة المسار البحري لتصدير الحبوب أطلقت أوكرانيا حملة هجومية بهدف إبعاد الروس عن أجزاء واسعة النطاق من البحر الأسود.

وعلى مدار الأشهر الماضية، تمكنت القوات الأوكرانية، من تكبيد البحرية الروسية خسائر فادحة، وهاجمت العديد من سفن أسطول موسكو، واستهدفت مقر الأسطول الرئيس في شبه جزيرة القرم.

العملية الناجحة مكنّت أوكرانيا في نهاية المطاف من تأمين ممر بحري يمتد على طول الساحل الأوكراني حتى يلتقى بالمياه الإقليمية للناتو.

ميناء أوديسا الآن

ربما يعجبك أيضا