ليس حماس.. ما هو التهديد الحقيقي لإسرائيل؟

شروق صبري
تبادل إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل

أصبح حزب الله التهديد الرئيسي والأكثر إلحاحا لإسرائيل من حماس، فما السبب؟


بدأت حرب “السيف الحديدي” كحدث كارثي ضمن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وكانت المخاوف في الأيام الأولى من وجهة النظر الإسرائيلية هي أن هجوم حماس، مُنسق مع حزب الله وإيران.

ولذلك بدأت الحرب وكان هدفها الأساسي إسقاط حماس عسكريًا وتحرير الرهائن، فقد اعتُبرت الحملة التي أطلقها حزب الله في الشمال ومليشيات الحوثي في الجنوب بمثابة أحداث ثانوية، تهدف إلى مساعدة حماس في حربها وإجبار إسرائيل على تقسيم قواتها على 3 ساحات.

50 ألف رهينة

كانت النظرة الاستراتيجية في إسرائيل هي أن حماس يجب أن تُهزم أولًا عسكريا ومدنيا في غزة، وعندما يحدث ذلك سيتم ردع حزب الله وسيوافق على قبول تسوية سياسية تُبعد قوة الرضوان وصواريخها المضادة للدبابات عن المنطقة، بحسب صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية، الثلاثاء 18 يونيو 2024.

ومنذ الهجوم الإيراني على إسرائيل في أبريل 2024، تحولت الحرب من حدث فلسطيني إسرائيلي، إلى “حرب إقليمية شاملة”، ستكون لنتائجها آثار أمنية استراتيجية، بل وحتى وجودية، على إسرائيل ومواطنيها، فقد أصبح حزب الله، الذي يشكل رأس حربة نظام الوكيل الإيراني، التهديد الرئيسي لإسرائيل.

ليس فقط لأن حزب الله أفرغ الجليل الشمالي من سكانه وزرع الدمار والحرائق في هذه المنطقة، بل لأنه يحتجز أيضا نحو 50 ألف إسرائيلي كرهائن لا يستطيعون العودة إلى منازلهم، إلا إذا سمح لهم نصر الله وخامنئي بذلك.

حزب الله يهدد

ومن وجهة نظر عسكرية، فقد انقلبت الأمور، في حين أن الجيش الإسرائيلي ومن خلال مناوراته في غزة، يقترب من التغلب على القوة العسكرية لحماس ويعمل على تآكل قدراته الحكومية المدنية في الضفة الغربية، ففي الساحة الشمالية، يكاد يكون الجيش الإسرائيلي غير قادر على تحقيق أي هدف استراتيجي مهم.

مشهد الدمار والخراب في قطاع غزة لا يردع التنظيم اللبناني ورعاته الإيرانيين، والدليل على ذلك أنه ردًا على كل ضربة إسرائيلية موجعة فإنهم يصعدون ردودهم النارية، وحتى حكام إيران الحذرين لم يتراجعوا بعيدًا عن هجوم قوي ومباشر بالصواريخ والطائرات دون طيار على إسرائيل، وهو الأمر الذي تجنبوه لأكثر من 10 سنوات.

إنهاك إسرائيل

بحسب الصحيفة، لم تنهِ إسرائيل الصراع في الشمال بقرار واضح يعيد الردع، ليس فقط ضد حزب الله، بل إيران أيضًا، فقد تواجه إسرائيل هجمات متكررة في سنوات قليلة تهدف إلى إنهاك إسرائيل عسكريًا، ومعنويًا، وسوف يتفاقم هذا الاتجاه عندما تمتلك إيران قريبًا سلاحًا نوويًا أو القدرة على إنتاج مثل هذا السلاح.

وخلاصة القول – بحسب الصحيفة الإسرائيلية- هي أن على إسرائيل أن تغير أهداف الحرب، هزيمة حماس العسكرية وإطلاق سراح المختطفين لن يكونا كافيين بعد الآن، والشمال هو الهدف الرئيسي حاليًا، ولن يكون كافيًا لاستعادة الوضع هناك إلا إذا توقفت صواريخ حزب الله وطائراته دون طيار بمرور الوقت.

حزب الله يشن هجوما على شمال إسرائيل

حزب الله يشن هجوما على شمال إسرائيل

سرطان مزمن

الوضع الذي خلقه حزب الله في الأشهر الماضية في الشمال يتطلب تغييرًا جوهريًا في ترتيب الأولويات الأمنية وأهداف الحرب، وإبعاد الحزب الله  إلى مسافة 10 كيلومترات أو حتى أكثر قليلاً، لا يردعه هو والإيرانيين، ولا يغير شيئًا على صعيد التهديد الاستراتيجي في جنوب لبنان حتى إذا طبقها الجيش الإسرائيلي بصرامة ودون تردد، فقد ينتهكها حزب الله.

وحتى لو بنى الجيش الإسرائيلي نظام دفاعي على الحدود الشمالية، لن يقضي على التهديد المتمثل في حرب شاملة وترسانة الأسلحة النووية من الصواريخ والطائرات بدون طيار التابعة لحزب الله وإيران، فالحرب الحالية أدخلت طهران إلى المعادلة الشمالية، وبالتالي فإن أي ترتيب دبلوماسي، أو حملة عسكرية محدودة في الشمال أو مناورة برية، سيكون بمثابة الباراسيتامول لسرطان معمم ومزمن.

تقويض إسرائيل

في الأشهر الأخيرة، اكتسب حزب الله وإيران الثقة بالنفس والدافع لمواصلة تقويض إسرائيل، ولولا مساعدة الولايات المتحدة، لوقف إيران وحزب الله وشبكة وكلائهم. فسوف يُحكم على إسرائيل أن تشهد المزيد من الهجمات على غرار ما حدث في السابع من أكتوبر 2023.

وببساطة، القرار في غزة لن يكون كافيا. إن النصر الاستراتيجي مطلوب في الحرب المتعددة الميادين التي تخوضها إسرائيل الآن. ولا يمكن للأخيرة أن تحقق مثل هذا النصر بمفردها، ويجب مساعدتها وتنسيق تحركاتها لتحقيق هذه الغاية مع الولايات المتحدة لاستعادة جزء كبير من الشرعية التي فقدت في الأشهر الأولى من الحرب في غزة.

هدف الحرب

في الشمال  إذا قدر الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية أن حزب الله يمكن هزيمته خلال فترة قصيرة من الزمن من خلال هجوم جوي وبري شامل على كامل الأراضي اللبنانية، فيجب تنفيذ ذلك الآن، من خلال استيعاب وابل الصواريخ القوية والطائرات بدون طيار لعدة أسابيع.

ومن الأفضل أن يحدث ذلك الآن وليس بعد عامين أو ثلاثة أعوام، عندما يصبح لدى حزب الله صواريخ أكثر دقة، وربما تمتلك إيران أسلحة نووية، وسيضطر سكان الشمال إلى الإخلاء مرة أخرى بعد ترميم أنقاض الحرب الحالية بشق الأنفس.

إذا توصل الجيش الإسرائيلي ومؤسسة الدفاع إلى نتيجة مفادها أن إسرائيل غير قادرة على تقليل تهديد صواريخ حزب الله والطائرات بدون طيار والصمود في وجه هجوم إيراني آخر، في مثل هذه الحالة، فمن الأفضل التوصل إلى اتفاق حدودي الآن على غرار القرار 1701  لمجلس الأمن، الذي أنهى حرب لبنان الثانية. وإعداد وتجهيز الجيش الإسرائيلي بطريقة تمكنه من التعامل بنجاح وفي وقت قصير مع التهديد المشترك الذي يشكله إيران وحزب الله في غضون سنوات قليلة.

ربما يعجبك أيضا