استراتيجية إسرائيل الفاشلة.. كيف جعلت حماس أقوى؟

شروق صبري
الحرب الإسرائيلية على غزة

إن الهجوم الإسرائيلي السريع في الخريف أفسح المجال لحرب استنزاف طاحنة ستترك لحماس القدرة على مهاجمة المدنيين الإسرائيليين حتى لو واصل الجيش الإسرائيلي حملته في جنوب غزة.


9 أشهر من العمليات القتالية الإسرائيلية في غزة لم تهزم حماس، كما أن إسرائيل ليست قريبة من هزيمة الجماعة، بل على العكس، أصبحت حماس أقوى مما كانت عليه يوم 7 أكتوبر 2023.

وهاجمت إسرائيل شمال وجنوب غزة، وهجرت 80% من السكان، وألحقت أضرارًا بنحو نصف المباني في غزة، وقيدت الوصول إلى المياه والغذاء والكهرباء، وتركت السكان على حافة المجاعة، بحسب مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية اليوم الجمعة 21 يونيو 2024

عدم أخلاقية إسرائيل

قتلت أكثر من 37 ألف شخص، وأسقطت 70 ألف طن من القنابل على القطاع، وهو ما يتجاوز إجمالي للقنابل بعد إسقاطها على لندن ودريسدن وهامبورج طوال الحرب العالمية الثانية.

ورغم أن العديد من المراقبين سلطوا الضوء على عدم أخلاقية سلوك إسرائيل، فإن قادة إسرائيل ظلوا يرددون أن هدف هزيمة حماس وإضعاف قدرتها على شن هجمات جديدة ضد المدنيين الإسرائيليين لابد أن يكون له الأسبقية على أية مخاوف بشأن حياة الفلسطينيين. ويجب معاقبة سكان غزة باعتبارها ضرورية لتدمير قوة حماس.

بحسب المجلة، فإنه بفضل الهجوم الإسرائيلي، فإن قوة حماس آخذة في النمو. لقد تطورت هذه الحركة إلى قوة عصابات عنيدة ومميتة في غزة مع استئناف العمليات القاتلة في المناطق الشمالية التي كان من المفترض أن تقوم إسرائيل بتطهيرها قبل بضعة أشهر فقط.

قوة حماس

الخلل الرئيسي في استراتيجية إسرائيل ليس فشل التكتيكات أو فرض قيود على القوة العسكرية، بل إن الفشل الذريع كان عبارة عن سوء فهم فادح لمصادر قوة حماس مما ألحق ضرراً كبيراً بإسرائيل حيث فشلت في إدراك أن المذبحة والدمار الذي أطلقته في غزة لم يؤدي إلا إلى زيادة قوة عدوها.

لعدة أشهر، ركزت الحكومات والمحللون اهتمامهم على عدد مقاتلي حماس الذين قتلتهم القوات الإسرائيلية، كما لو كانت هذه الإحصائية هي المقياس الأكثر أهمية لنجاح الحملة الإسرائيلية ضد الجماعة. ومن المؤكد أن العديد من مقاتلي حماس قد قُتلوا.

إنفوجراف| بعد 7 أشهر.. إسرائيل تتكبد فاتورة ضخمة للحرب في غزة

إنفوجراف| بعد 7 أشهر.. إسرائيل تتكبد فاتورة ضخمة للحرب في غزة

قتلى حماس

تقول إسرائيل إن 14 ألفًا من مقاتلي حماس الذين يتراوح عددهم بين 30 لـ40 ألفًا قبل الحرب قد ماتوا الآن، بينما تصر حماس على أنها فقدت فقط ما بين 6000 إلى 8000 مقاتل، وتشير مصادر استخباراتية إلى أن العدد الحقيقي لقتلى حماس يبلغ نحو 10 آلاف.

ومع ذلك، فإن التركيز على هذه الأرقام يجعل من الصعب إجراء تقييم حقيقي لقوة حماس. وعلى الرغم من الخسائر التي تكبدتها حماس، إلا أنها ما زالت تسيطر فعلياً على مساحات واسعة من غزة، بما في ذلك المناطق التي يتركز فيها المدنيون في القطاع الآن.

دعم حماس

لا تزال حماس تتمتع بدعم هائل من سكان غزة، مما يسمح للمسلحين بالاستيلاء على الإمدادات الإنسانية متى شاءوا تقريباً والعودة بسهولة إلى المناطق التي “طهرتها” القوات الإسرائيلية من قبل.

ووفقاً لتقييم إسرائيلي حديث، أصبح لدى حماس الآن عدد أكبر من المقاتلين في المناطق الشمالية من غزة، التي استولى عليها الجيش الإسرائيلي في الخريف على حساب مئات الجنود، مقارنة بما لديها في رفح في الجنوب.

حرب عصابات

وتشن حماس الآن حرب عصابات، عبر نصب كمائن وقنابل بدائية الصنع مصنوعة من ذخائر غير منفجرة أو من أسلحة الجيش، الإسرائيلي، وعمليات مطولة، وبإمكانها ضرب إسرائيل إذ قال مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا إنها قد تستمر حتى نهاية عام 2024.

ولدى حماس نحو 15 ألف مقاتل مسلح، أي ما يقرب من 10 أضعاف عدد المقاتلين الذين نفذوا هجمات 7 أكتوبر. علاوة على ذلك، فإن ما يزيد عن 80% من شبكة الأنفاق تحت الأرض التابعة للتنظيم صالحة للاستخدام في التخطيط وتخزين الأسلحة والتهرب من المراقبة والاعتقال والهجمات الإسرائيلية. وأغلب القيادات العليا لحماس في غزة على حالها.

حرب غزة

حرب غزة

حرب استنزاف

الاهتمام بأعداد الجثث يميل إلى الخلط بين النجاح التكتيكي والاستراتيجي وتجاهل التدابير الرئيسية التي من شأنها أن تظهر ما إذا كانت القوة الاستراتيجية للخصم تنمو حتى مع تزايد الخسائر المباشرة للمجموعة. بالنسبة للجماعة، المصدر الرئيسي للقوة ليس حجم الجيل الحالي من المقاتلين، بل قدرتها على كسب المؤيدين من المجتمع المحلي في المستقبل.

إن قوة جماعة مسلحة مثل حماس لا تأتي من العوامل المادية النموذجية التي يستخدمها المحللون للحكم على قوة الدول مثل حجم اقتصادها، والتطور التكنولوجي لجيوشها، ومدى الدعم الخارجي، والقوة العسكرية التي تتمتع بها أو قوة أنظمتهم التعليمية. لكن المصدر الأكثر أهمية لقوة حماس وغيرها من الجهات المسلحة هو القدرة على التجنيد، وجذب أجيال جديدة من المقاتلين والناشطين الذين ينفذون عمليات الجماعة.

ربما يعجبك أيضا