زيادة الإنفاق العسكري والتسلح في أوروبا.. ما الدوافع؟

وسط أزمات وتحديات.. أوروبا ملزمة بزيادة الاتفاق العسكري

يوسف بنده

إنّ تغيير السياسة الدفاعية ورفع الإنفاق العسكري في أوروبا لن يكون بالأمر السهل، خاصةً مع الأخذ بعين الاعتبار العقيدة الدفاعية القديمة التي اتبعتها الدول الأوروبية منذ انتهاء الحرب الباردة.


أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز عن “نقطة تحول” في مجال التسلح والإنفاق الدفاعي، إذ قرر البوندستاج الألماني إنشاء صندوق خاص للجيش بقيمة 100 مليار يورو.

وفي ملف رصده المركز الأوروبي لمكافحة الاستخبارات، فإن هذا التغيير الكبير في وضع السياسة الأمنية نتيجة للحرب في أوكرانيا.

ألمانيا تعاني ركودًا اقتصاديًّا

تصعيد الانفاق العسكري

تشهد قضية التسليح في ألمانيا تحولا كبيرًا وانقسامًا بين الأحزاب الألمانية، أبرزها الانتقادات المتزايدة بسبب عدم اتخاذ السلطات الألمانية الخطوات الكافية لتعزيز صناعة الدفاع رغم اشتداد حاجة ألمانيا إليها، وتوجيه الأموال إلى تمويل قطاعات أخرى.

وحسب تقرير المركز الأوروبي، تسعى ألمانيا للحصول على أسلحة نووية خاصة بها، وذلك لتهديدين محتملين أولهما تهديد موسكو الوشيك لألمانيا، كذلك تهديد واشنطن بالتوقف عن كونها رادعاً نووياً يمكن الاعتماد عليه.

وبالنسبة لدول مثل فرنسا، يُلقي ازدياد الإنفاق العسكري بثقله على ميزانيتها، مما قد يؤثر على برامج أخرى مثل الرعاية الصحية والتعليم، ويُثير بعض الخبراء قلقهم من أن يؤدي التركيز على الإنفاق العسكري إلى إهمال الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى.

الاتحاد الأوروبي يحدد عدة شركات

خلق فرص عمل

لكن على الصعيد الإيجابي، يُساهم زيادة الإنفاق العسكري في خلق فرص عمل ودعم الصناعة الدفاعية الوطنية، كما يعزز قدرات فرنسا الدفاعية ويُمكنها من الوفاء بالتزاماتها تجاه حلفائها.

بالنسبة لهولندا، يرجع تغير موقفها بشأن العقيدة الدفاعية وزيادة إنفاقها العسكري لعدة عوامل، من بينها الحرب الأوكرانية والتخوف من خروج حدود المعارك خارج أوكرانيا، ورغبتها في تقديم المساعدة العسكرية إلى أوكرانيا. كما إن سعي رئيس الوزراء روته لتولي منصب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي يضيف بعداً مقنعاً إلى استراتيجية الدفاع الهولندي.

أما بلجيكا فإنها لا تمتلك أية خيارات أخرى سوى رفع الإنفاق العسكري وإعادة تسليح جيشها، وإعادة النظر في حجم قواتها المسلحة، خاصة وأنها لا تطبق التجنيد الإجباري، ما يتطلب منها إجراءات سياسية وتشريعية ومجتمعية، من أجل طرح إعادة الخدمة العسكرية الإلزامية للمناقشة، وتأهيل المجتمع البلجيكي لتقبل الفكرة، إضافة إلى توضيح ضرورة زيادة ميزانية التسلح، وجعل الإنفاق الدفاعي من أولويات الحكومة الفترة المقبلة.

4107b5d4 d93a 41b5 b7d7 7fc9fd58d6f6

الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا يوقعان اتفاقية أمنية

ليس سهلًا

إنّ تغيير السياسة الدفاعية ورفع الإنفاق العسكري في أوروبا لن يكون بالأمر السهل، خاصةً مع الأخذ بعين الاعتبار العقيدة الدفاعية القديمة التي اتبعتها الدول الأوروبية منذ انتهاء الحرب الباردة. لقد تمسّكت الدول الأوروبية بهذه العقيدة لثلاثين عامًا، ممّا يعني أنّ أخطاءها قد تطلب سنوات لإصلاحها.

إذ يتطلب التغيير تدريب الجيوش على أحدث الأسلحة، وشراء أسلحة نوعية، وتقوية صناعة الأسلحة، ودمج التكنولوجيا الحديثة في جميع المجالات العسكرية. إنّ كل هذه الخطوات تتطلب استثمارات ضخمة، ممّا قد يُشكل عبئًا على ميزانيات الدول الأوروبية.

كذلك، مسألة زيادة الانفاق ليس من السهل تلافي تأثيرها على الوضع الاقتصادي لأوروبا، فإن بلد مثل بلجيكا يواجه تحديات جسيمة تتعلق بخطوات التسلح ودعم أوكرانيا عسكرياً، كونها واحدة من الدول الأوروبية التي تعاني من ديون مرتفعة، وبحاجة لخفض الإنفاق في عدة قطاعات، وفي الوقت نفسه هي ملزمة أمام الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو لرفع الإنفاق الدفاعي واستمرار تقديم الدعم لكييف.

ما يجعلها أمام معضلة لها أبعاد سياسية وعسكرية واقتصادية، تتطلب حلولاً منطقية تتناسب مع تطورات المرحلة الراهنة.

للاطلاع على التقرير الأصلي، اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا