سباق الطاقة النظيفة.. الصين تهزم أوروبا وأمريكا بسلاح الرياح

خبير يوضح لـ«رؤية» أسباب تفوق الصين في إنتاج الطاقة النظيفة

محمود عبدالله

لم تشفع قوة الاقتصاد الأمريكي والتطور التكنولوجي الواسع في أوروبا لتجنب الإعصار الصيني الذي عصف بأحلامهم في سباق الطاقة النظيفة عالميًا بسلاح “الرياح”، بل وبات بقاء القوتين بالمجال مُهددًا، مع سعي بكين إلى تعزيز مكانتها.

ونجحت الصين في إقصاء أمريكا وأوروبا بهذا النوع من الطاقة المستحدثة بالرهان على بناء منشآت تُنتج من طاقة الرياح والطاقة الشمسية ضعف ما تنتجه بقية دول العالم، لكن الأمر مثار قلق أوروبي واسع إذ تحقق المفوضية الأوروبية في هيمنة الموردين الصينيين على توربينات الرياح في 5 دول أعضاء بالاتحاد الأوروبي، هي إسبانيا واليونان وفرنسا ورومانيا وبلغاريا.

كيف فازت الصين؟

لم يكن تفوق الصين من قبيل الصدفة، بل تعمل الدولة التي تعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، بقوة على تطوير قدراتها في مجال مصادر الطاقة المستدامة، فهي تبني حاليًا منشآت توفر 180 جيجاواط من الطاقة الشمسية و159 جيجاواط إضافية من طاقة الرياح، وفقا لدراسة أجرتها المنظمة الأمريكية لمراقبة الطاقة العالمية.

كما خلصت الأبحاث التي أجرتها المنظمة إلى أن المجموع البالغ 339 جيجاواط يمثل نحو 64% من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي يتم إنشاؤها حاليًا في العالم، أي ما يقرب من ضعف بقية بلدان العالم مجتمعة.

طاقة الرياح في الصين

يقدر حجم سوق طاقة الرياح في الصين بـنحو 495.79 جيجاوات خلال العام  الجاري، ومن المتوقع أن يصل إلى 863.27 جيجاوات بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 11.73% خلال الفترة المتوقعة (2024-2029)، وفق شركة موردور إنتليجنس لأبحاث السوق.

وحسب موردور إنتليجنس، فإنه على المدى المتوسط، من المتوقع أن تقود السوق عوامل مثل اللوائح الحكومية، وانخفاض تكلفة كيلووات من الكهرباء المولدة من خلال مصادر الطاقة المتجددة، وسيؤدي الطلب المتزايد على مشاريع الطاقة المتجددة داخل الصين إلى دفع نمو سوق طاقة الرياح خلال الفترة المتوقعة.

زيادة الإنفاق

قال الدكتور فتحي كمال خبير الطاقة، إن إنفاق الصين بسخاء على الطاقة المتجددة، سبب رئيس في تفوقها عالميًا، ليس هذا فحسب بل القدرة على تطوير التوربينات والألواح الشمسية عزز من تفوقها أيضًا في هذا القطاع، إذ تستطيع إنتاج ألواح بأسعار معقولة مع قدرتها على الوفاء بمتطلبات مشروعاتها.

د.فتحي كمال

د.فتحي كمال

وأضاف في تصريحات لـ”شبكة رؤية الإخبارية“، أن قدرة الصين أيضًا على إنتاج طاقة من الرياح أو الشمس تفوق المتولدة من الفحم، يعزز من نجاحها مع وفرة السيولة بعكس البلدان الأخرى التي تعتمد على الاستيراد مع عدم القدرة على توليد كميات تضاهي الطاقة التقليدية وهو عامل مثبط في هذه المنظومة، سيما مع ارتفاع التكاليف بمجال الطاقة النظيفة.

الوقود الأحفوري

أوضح الدكتور فتحي كمال، أن توافر الخامات ومستلزمات الإنتاج لدى الصين يعزز من تنافسيتها بهذا المجال ويوفر عليها الدخول في صراعات ورغم التطور الأوروبي لكن القارة العجوز لم تنجح في اللحاق بركب الصين التي تطور التوربينات باستمرار، كما تُنتج وحدات متنوعة وبجودة مختلفة تقوم بالتصدير منها والإنفاق على مشروعاتها.

وأظهرت دراسة جديدة، الخميس 11 يوليو 2024، أن الصين تبني قدرات في مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية تعادل ضعف دول العالم مجتمعة، في حين يعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم هو أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة التي تؤدي إلى تغير المناخ.

عوامل نجاح الصين

عززت التطويرات التي انتهجتها الصين في تكنولوجيا توليد طاقة الرياح البحرية على مدى السنوات الخمس الماضية، تعظيم الكهرباء المنتجة لكل ميجاوات مركبة لتغطية المزيد من المواقع ذات سرعات الرياح المنخفضة، بحسب “إنتليجنس”.

ومن العوامل أيضًا، أنه في السنوات الأخيرة، أصبحت توربينات الرياح في الصين أكثر اتساعًا، مع ارتفاعات محورية أطول، وأقطار أوسع، وشفرات توربينات الرياح أكبر، ومع وجود خط ساحلي يبلغ طوله حوالي 18 ألف كيلومتر، تمتلك الصين أكثر من 1000 جيجاوات من الإمكانات التقنية لطاقة الرياح البحرية على ارتفاع محوري يبلغ 90 مترًا.

الرياح البحرية

ليس لدى الصين هدف وطني طويل المدى للرياح البحرية، لكن المقاطعات الساحلية حددت أهدافًا رسمية طموحة، وفي عام 2022، زادت قدرة طاقة الرياح البحرية الجديدة بشكل كبير على مستوى العالم، بسبب التوسع السريع في الصين، ما أعاد تشكيل قطاع طاقة الرياح البحرية.

طاقة الرياح

وقامت الصين وحدها بتركيب ما يقرب من 5.05 جيجاوات من طاقة الرياح البحرية الجديدة أي 8.77 جيجاوات من إجمالي القدرة المضافة الجديدة على مستوى العالم. ووفقا للمجلس العالمي لطاقة الرياح، من المتوقع أن تستضيف الصين أكثر من خمس توربينات الرياح البحرية في العالم، أي ما يعادل حوالي 52 جيجاوات من الرياح البحرية بحلول عام 2030.

منافسة أوروبية

يمثل توسع الصين في العام 2022 وحده ما يقرب من 48% من إجمالي 64.3 جيجاوات من طاقة الرياح البحرية المثبتة عالميًا، ونفس العام أيضًا قامت الدولة بتركيب 5.05 جيجاوات من طاقة الرياح البحرية، وهو ما يمثل أكثر من 57% من إجمالي التركيب.

ويتأهب المصنعون الصينيون للخروج من السوق المحلية والتنافس مع منافسيهم الأوروبيين على المبيعات العالمية، ومن خلال عملية مماثلة، تفوقت الصين على صناعة الألواح الشمسية العالمية.

توربينات الرياح

في شهر مايو من العام 2022، نشرت الصين أكبر توربينات الرياح العائمة لديها كجزء من مشروع مصمم لتطوير التكنولوجيا وإظهار قدرات توليد طاقة الرياح العائمة المعروف باسم فوياو.

وتم سحب المنصة العائمة من ماومينج في جنوب الصين إلى موقع يزيد عن 7 أميال قبالة الشاطئ في بحر الصين الجنوبي، ولذلك، من المتوقع أن تنمو طاقة الرياح البحرية بشكل أسرع في السنوات المقبلة، مع استثمارات إضافية في هذا القطاع.

أكبر المنافسين

سباق المنافسة في طاقتي الرياح والشمسية، تستأثر به الصين وفقًا للأرقام والإنتاج، يتبعها الولايات المتحدة بإنتاج 40 جيجاواط، والبرازيل بنحو 13 جيجاواط، والمملكة المتحدة بحوالي 10 جيجاواط، وإسبانيا بتسعة جيجاواط، وفقا للمنظمة الأمريكية لمراقبة الطاقة العالمية.

وحسب خبراء الطاقة حول العالم فإن هذا التناقض الصارخ بين الصين ومنافسيها، يوضح الطبيعة الاستباقية للغاية للصين في ما يتعلق بالتزاماتها ببناء مشاريع الطاقة المتجددة، ومع ذلك، لا تزال الصين تعتمد بشكل كبير على محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، وهي طاقة أحفورية شديدة التلوث، لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء.

ربما يعجبك أيضا