صديقة لروسيا وحليفة للغرب.. كيف تدير الهند علاقاتها الدولية؟

محمد النحاس

تلعب الأدوار الجيوسياسية للهند وروسيا في الجنوب العالمي دوراً محورياً في علاقاتهما، حيث تتبنى الهند موقفاً غير منحاز بشأن حرب روسيا وأوكرانيا، هذا الموقف المحايد ساعد روسيا في كسب التأييد وتوسيع تجارتها مع دول الجنوب العالمي


تسعى الهند لتعزيز مكانتها على الساحة الدولية من خلال الموازنة في علاقاتها بين القوى المختلفة لتحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية.

تجلى ذلك خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى موسكو، الأسبوع الماضي، حيث ظهر رفقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي كان يقود بنفسه سيارة كهربائية صغيرة يستقلها الزعيمان، في مشهد يعكس متانة علاقات الرجلين.. فما أبعاد العلاقات الهندية الروسية؟ وكيف تدير نيودلهي شبكة من المصالح المعقدة؟ 

وجهة غير متوقعة

هذه الزيارة أثارت الكثير من التكهنات في وسائل الإعلام بشأن الرسائل التي يسعى الزعيمان إلى إيصالها للعالم بشأن العلاقات الثنائية بين الهند حليفة الغرب، وروسيا عدوه الأبرز، بحسب تحليل نشرته مجلة “ريسبنسبول ستيت كرافت” الأمريكية في 11 يوليو 2024. 

كانت روسيا، الخاضعة للعقوبات الغربية، وجهة غير متوقعة لأول زيارة خارجية لمودي بعد فوزه في الانتخابات الهندية وحصوله على فترة ثالثة في الحكم.

انتصار دبلوماسي

اعتبرت صحيفة “كوميرسانت” الروسية الزيارة انتصارًا دبلوماسيًا مهمًا لموسكو، وأشارت إلى أن مودي، كأحد زعماء الجنوب العالمي، يسعى للوصول إلى اتفاق مع بوتين بشأن خطوات لتعزيز التعاون الثنائي والأمن الدولي.

وتناولت المحادثات بين الجانبين تعزيز وتوسيع العلاقات العسكرية والشراكة في قطاع الطاقة الذرية، إضافة إلى ضرورة إنهاء الصراع في أوكرانيا، وأكد مودي أهمية الحوار لحل النزاعات، مشيرًا إلى أن القنابل والصواريخ لا تجلب السلام، حسب التحليل. 

دعم الهند لروسيا

الزيارة التي تقاطع توقيتها مع قمة الناتو، أثارت حفيظة القوى الغربية، وغطتها وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية بكثير من التوجس. 

وفي تحليلها للزيارة، اعتبرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، أن مودي “الذي يقود أكبر ديمقراطية في العالم” دعم بوتين على مدار عامي الحرب في أوكرانيا، حيث جعل الهند واحدة من العملاء القلائل المخلصين للنفط والغاز الخاضع لعقوبات غربية.

مجالات متنوعة

التعاون بين الجانبين يمتد لمجالات متنوعة، ورأى تحليل “سي إن إن” أن اختيار سيارة كهربائية للتنقل في روسيا الغنية بالنفط له دلالات أخرى، فالعلاقة بين مودي وبوتين، تحولت إلى الطاقة الخضراء والنووية.

وتجرى الهند وروسيا محادثات لبناء 6 مفاعلات نووية جديدة عالية الطاقة في الهند، بالإضافة إلى محطات صغيرة للطاقة النووية، وفق وكالة الأنباء الروسية الرسمية “تاس”.

العلاقات الجيوسياسية

تلعب الأدوار الجيوسياسية للهند وروسيا في الجنوب العالمي دورًا محوريًا في علاقاتهما، حيث تتبنى الهند موقفًا غير مُنحاز بشأن حرب روسيا وأوكرانيا.

 هذا الموقف المحايد ساعد روسيا في كسب التأييد وتوسيع تجارتها مع دول الجنوب العالمي، حسب المجلة الأمريكية. 

ازدهار التجارة

ازدهرت التجارة بين الهند وروسيا بشكل كبير بعد فرض الدول الغربية عقوبات على النفط الروسي، حيث أصبحت الهند ثاني أكبر مستورد للنفط الروسي. 

ورغم ذلك، فإن التجارة غير متوازنة حيث تستورد الهند من روسيا أكثر بكثير مما تصدره، وتسعى الهند لزيادة صادراتها إلى روسيا لتقليل العجز التجاري.

قلق من الصين ورسالة لأمريكا

تواجه الهند تحديات مع الصين بسبب التوترات الحدودية، ودعم روسيا القوي لبكين يثير قلق الهند، نظرًا لاعتمادها الكبير على الأسلحة والمعدات الروسية للدفاع، كما أن الهند لا تدعم توسيع مجموعة بريكس أو منظمة شنجهاي للتعاون، وتسعى لتعزيز علاقاتها مع الغرب من خلال المشاركة في مجموعة العشرين، وفق “ريسبنسبول ستيت كرافت”. 

وتتسم العلاقات بين الهند والولايات المتحدة بالتعقيد، خاصة بعد أن أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية الهند في قائمة “الدول المثيرة للقلق” بشأن الحرية الدينية، وأثار هذا الموقف استياء الهند، وقد تكون زيارة مودي إلى موسكو إشارة إلى واشنطن بأن الهند لديها خيارات عالمية خارج النفوذ الأمريكي.

من المتوقع أن تسفر زيارة مودي إلى موسكو عن نتائج ملموسة في تعزيز العلاقات الثنائية، ومع ذلك، يبقى التحدي هو موازنة المصالح السيادية مع الشركاء المختلفين، وختامًا يرى تحليل المجلة الأمريكية أن الهند قد تثبت أنها شريك موثوق في المستقبل إذا استمرت في الالتزام بالدبلوماسية لحل النزاعات، خاصة في قضية أوكرانيا.

ربما يعجبك أيضا