رُب ضارة نافعة.. مستقبل «مشرق» ينتظر ترامب بعد محاولة اغتياله

كيف ترسم حادثة بنسلفانيا مستقبل ترامب؟

محمد النحاس

الصورة الدراماتيكية التي ظهر بها ترامب في الحادثة، من المرجح أن تكون شعارًا رئيسيًّا ليس فقط خلال حملته الانتخابية بل كذلك لكامل مسيرته السياسية.


الغضب، ثم الاستثارة، وأخيرًا الثقة.. هذه هي المشاعر التي أججتها محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب في أوساط الجمهوريين خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا.

أما الديمقراطيون، فقد كانوا قلقين ومرتبكين في ظل تصاعد تهديدات العنف السياسي، ووسط حالة اللايقين بشأن مصير مرشح الحزب الديمقراطي الرئيس الأمريكي جو بايدن في الانتخابات التي ستجري خلال شهر نوفمبر من خريف العام الجاري.

من الغضب إلى الإعجاب

في غضون دقائق من إطلاق النار في تجمع ترامب في بتلر، بنسلفانيا، تحول غضب الجمهوريين من إطلاق النار إلى إعجاب برد فعل ترامب التلقائي، ثم إلى ابتهاج بصموده، وهي ردود فعل تعززت بسبب الشعور بالاضطهاد الذي يشعر به أنصاره، وفق ما ذكر تقرير لمجلة بوليتيكو الأمريكية اليوم الأحد 14 يوليو 2024.

وقبل ظهور تقارير موثوقة عن هوية مطلق النار المقتول، كان الجمهوريون يلومون خصومهم السياسيين على الحادثة. وقال النائب مايك كيلي (جمهوري – بنسلفانيا)، الذي كان حاضرًا في التجمع: “لن نتسامح مع هذا الهجوم من اليسار”.

هذا الاتهام الضمني، استحضر اغتيال الرئيس جون كينيدي في عام 1963، والذي نسبه العديد من الديمقراطيين آنذاك على الفور إلى العداءات اليمينية التي واجهها الرئيس في دالاس.

استغلال سياسي

في عالم متصل الإنترنت ويموج بالاستقطاب، جاءت الادعاءات بسرعة، رغم قلة المعلومات حول الدافع. وقال السيناتور الجمهوري جي دي فانس (من أوهايو): “الفرضية الأساسية لحملة بايدن هي أن الرئيس دونالد ترامب فاشي استبدادي يجب إيقافه بأي ثمن”، مضيفًا: “هذا الخطاب أدى مباشرة إلى محاولة اغتيال الرئيس ترامب”.

على ذات المنوال، انضم السيناتور مايك لي (جمهوري – يوتا) إلى روبرت أوبراين، المستشار السابق للأمن القومي لترامب، لدعوة بايدن لإسقاط جميع التهم الفيدرالية ضد الرئيس السابق.

استجابة فورية

حتى أبناء ترامب استجابوا على الفور لمحاولة قتل والدهم بشعور من الانتصار بدلاً من الصدمة، وسرعان ما كتب ترامب جونيور “لن يتوقف أبدًا عن القتال لإنقاذ أمريكا”، مرفقًا صورة والده رافعًا قبضته، فيما تسيل الدماء على وجهه،  مع خلفية العلم الأمريكي.

ap24195803307155 scaled

آخرون، بما في ذلك أعضاء حاليون في الكونجرس، سارعوا لنشر نفس الصور أو صور مشابهة، وتعلّق مجلة بوليتكو على هذا التفاعل قائلةً: كان كل ذلك تباهٍ محض.. رغبة في قول شيء عبر الإنترنت، كما هو شائع الآن في الرد على أي أخبار، دون التفكير في التداعيات.

عكست السرعة وكثافة الرد الفعل أيضًا الغضب المتأجج الذي يشعر به العديد من مؤيدي ترامب. يرى أنصاره بأنه تجري ملاحقته من قبل الحكومة بطريقة تناسب زعيم معارضة منفي، وكما قال الجمهوري فانس، كان هذا هو النتيجة الحتمية لانغماس أمريكا في أساليب العالم الثالث، وترى بوليتيكو أن إدعائات اليمين حول الحادثة لا تعكس الواقع بقدر ما تصوّر الطريقة التي يفكر بها الجمهوريون.

فعالية سياسية

بالنسبة إلى الجمهوريين سوف تثبت هذه الصور فعاليتها السياسية، وفي الحملات، يمكن أن تتصلب التصورات بسرعة لتصبح حقيقة والرمزية غالبًا ما تكون أكثر أهمية من الجوهر.

الصورة الدراماتيكية التي ظهر بها ترامب في الحادثة، من المرجح أن تكون شعارًا رئيسيًّا ليس فقط خلال حملته الانتخابية بل كذلك لكامل مسيرته السياسية.

حتى قبل مناظرة بايدن الكارثية الشهر الماضي، كان ترامب قد خاض حملة قوية، يصور نفسه في صورة سياسي قوي يواجه رئيس شائخ وضعيف. وبحسب الصحيفة سيكون المؤتمر الانتخابي القادم لترامب محلاً للاحتفاء به كـ “بطل وقائد كان على وشك من الموت”.

مأزق الديمقراطيين

تنبأ مستشار الحزب الجمهوري القديم مايك مورفي أن استطلاعات الرأي بعد الحادثة ستجلب المزيد من الدعم لترامب، مع احتمال تحول المزيد من المستقلين نحوه. وليس واضحًا ما إذا كان إطلاق النار سيُعجل من دعوات الديمقراطيين لبايدن للانسحاب من السباق.

واستجاب معظم الديمقراطيين المنتخبين لإطلاق النار بإدانة العنف السياسي لكن القليل فقط منهم من أراد مناقشة تأثير الحادثة على حملة بايدن، لكنهم على كل حالٍ توقعوا فداحة التأثير المحتمل أمام جهودهم المتعثرة بالفعل.

واستشهد خبير استراتيجي ديمقراطي سابق بعبارة بيل كلينتون الشهيرة حول “القوي والخطأ” دائمًا ما يتغلب على “الضعيف والصحيح”.

ربما يعجبك أيضا