مركز فاروس يناقش الدور التركي-الإيراني في الساحل الإفريقي

الدور التركي-الإيراني في الساحل الإفريقي.. حدود الهيمنة وخطط الانتشار

يوسف بنده

يتبين حرص كل من تركيا وإيران على تلافي الأخطاء التي وقعت فيها الدول الغربية التي كان من شأنها توسع الهوة بين الغرب ودول الساحل.


يشهد الساحل الإفريقي تحولات جيوسياسية حادة، إذ أن انسحاب القوات الفرنسية ومن بعدها القوات الأمريكية يمثل نقطة تحول في طبيعة التوازنات التي تدور حولها تلك المنطقة.

وحسب دراسة لمركز فاروس للاستشارات، نشرت مؤخرًا فإن هذا المتغير أفسح المجال أمام دول أخرى لملء الفراغ واستعراض النفوذ، وفي ظل الاضطراب الذي يسود المشهد العالمي من حيث الصراع بين الغرب وروسيا.

منطقة الساحل الإفريقي بالأخطر عالمياً

منطقة الساحل الإفريقي

قوى جديدة

انطلقت موسكو لمغازلة دول الساحل وعرض خدماتها في سياق تبادل الخبرات الأمنية بشأن مواجهة حركات التمرد والجماعات الإرهابية.

شكلت هذه المتغيرات فرصة مواتية أمام قوى أمثال تركيا وإيران لتجاوز إقليمها وبسط نفوذها في الساحل، وفي سيناريو يشبه ما قامت به في ليبيا، قامت تركيا بإرسال مرتزقة سوريين إلى النيجر بدأ نقلهم في شهر سبتمبر الماضي بعد وقوع الانقلاب العسكري هناك بقيادة عبد الرحمن تشياني، وتفيد التقارير أن هؤلاء المرتزقة يعملون لصالح قوات فاغنر الروسية.

وفي تحركات موازية، تجري مباحثات بين إيران والمجلس العسكري في النيجر بشأن صفقة لتوريد 300 طن من اليورانيوم النيجري بقيمة 56 مليون دولار إلى إيران.

مجموعة دول الساحل الأفريقي

مجموعة دول الساحل الأفريقي

في مواجهة الأحادية

يأتي نشاط القوى الصغيرة والمتوسطة في منطقة خارج اهتمامها الكلاسيكي (الساحل) كنتيجة منطقية تتوافق ودور هذه القوى في ضوء متغيرات المشهد العالمي الراهن، حيث إن انخراط القوى الكبرى في حرب نفوذ من أجل تغيير قواعد النظام العالمي التي باتت لفترة طويلة تتسم بالأُحادية، أفسح المجال للقوى المتوسطة والصغيرة لإعادة هندسة نفوذها ولعب دور أوسع.

ورغم اختلاف ملامح السياسة الخارجية لكل من تركيا وإيران، لكن خلقت الظروف في منطقة الساحل بيئة خصبة تتلاقى مع طموحات كلا من طهران وأنقرة على حدة، وبعد توالي الانقلابات في الساحل، اختلفت الظروف السياسية لكل من موريتانيا وتشاد عن نظرائها في مالي والنيجر وبوركينافاسو.

وحازت دول الانقلابات الثلاث على اهتمام تركيا وإيران بشكل لافت، وتمثل الدولتان أبرز القوى الفاعلة هناك في الوقت الراهن.

منطقة الساحل الإفريقي بالأخطر عالمياً

منطقة الساحل الإفريقي

مآلات الحضور التركي والإيراني

تنافس إقليمي وغير إقليمي:

على الرغم من أنه لا يمكن اعتبار الدور التركي أو الإيراني في الوقت الحالي في مرحلة تنافس أو تعاون، لكن إذا تمادى انخراط الدولتين في الساحل يمكن أن تتحدد شكل العلاقة بينهما سواء في اتجاه تعاوني أو تنافسي، كما أن نشاطهما يجذب قوى أفريقية إقليمية ترى أنها الأجدر بلعب دور أكبر في إقليمها.

توسيع قدرة دول الساحل على المناورة والاختيار:

إن وجود أكثر من قوة فاعلة في دول الساحل يحسن موقف هذه الدول كهدف اقتصادي واستثماري بين عديد من القوى، ويسلط الضوء أمامها على تجارب اقتصادية جديدة بعد عقود من الارتباط بالاقتصاد الفرنسي، ويعمل على تنويع شراكاتها دون الاقتصار على شركاء محددين.

إعادة الولايات المتحدة والغرب صياغة دورهما في الساحل:

في 27 يونيو الماضي، سلمت الصين جيش بوركينا فاسو نحو 100 مركبة مدرعة جديدة، وحذرت أمريكا النيجر بشأن علاقاتها مع روسيا وإيران، ولا يمكن إنكار الأهمية الاستراتيجية التي يحملها الساحل وغرب أفريقيا في العقيدتين الأمريكية والفرنسية، لذا من المتوقع أن تحاول فرنسا وأمريكا إيجاد صيغة جديدة من التعاون مع دول الساحل لقطع الطريق على روسيا وحلفائها من الانفراد بالقرار في الساحل الأفريقي.

ومن هنا، يتبين حرص كل من تركيا وإيران على تلافي الأخطاء التي وقعت فيها الدول الغربية التي كان من شأنها توسع الهوة بين الغرب ودول الساحل، كما أنه لا يمكن تجاهل أن استمرار الحضور التركي والإيراني في الساحل يتغذى على السخط الأفريقي إزاء الغرب وأيضًا الترحيب بالدور الروسي.

فضلًا عن تحسن الحالة الأمنية في الإقليم، وفي حال تغير أحد أركان المعادلة، فمن المتوقع أن يصاب النفوذ التركي والإيراني بضربة قوية، وحتى الوقت الراهن، لا يمكن اعتبار أن هناك شراكة استراتيجية في طور الإعداد بين الساحل وكل من تركيا وإيران، إذ إن جميع الأطراف ما زالت في مرحلة الاستكشاف لحدود نواياهم وإمكاناتهم وقدرتهم على التأثير والاستمرار.

للاطلاع على الدراسة كاملة، اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا