تحول مُرتقب.. كيف تتأثر سياسة أمريكا الخارجية بصعود «فانس» كنائب لترامب؟

محمد النحاس

يؤمن فانس بضرورة أن تقف أوروبا عسكريًا على قدميها وأن توفر دفاعها الذاتي، متجاوزًا النقاشات التقليدية حول "تقاسم الأعباء" ليؤكد على الحاجة لتحديث هياكل التحالفات الأمريكية.


في تصريح شهير، أشار المستشار الألماني أوتو فون بسمارك إلى أن الولايات المتحدة مُحاطة بجيران ضعفاء من الشمال والجنوب وبالمحيطات من الشرق والغرب، ما يمنحها ميزات جغرافية فريدة.

هذه العزلة الجغرافية سمحت لأمريكا بتشكيل النظام الدولي، ولكنها بقيت مُنفصلة عنه بطرق لا تستطيعها الدول الأوروبية.

مواقف فانس

مع ذلك، شهدنا تاريخيًا تباينًا بين قدرة أمريكا غير المسبوقة على التأثير في العالم وبين نقص مناقشات السياسة الخارجية في حواراتها العامة، وفق مقال لمجلة “ريسبنسبول ستيت كرافت” الأمريكية، الجمعة 19 يوليو 2024. 

لكن هذا الوضع تغيّر مؤخرًا مع قرار الرئيس السابق دونالد ترامب باختيار السناتور جي دي فانس كنائب له، ما أثار جدلًا واسعًا بشأن رؤى فانس للسياسة الخارجية، حيث تم وصفه بأوصاف مثل أنه صاحب نزعة “انعزالية متطرفة” على مختلف القضايا باستثناء حرب أوكرانيا.

العلاقة مع أوروبا والناتو

فهم فانس يتطلب النظر إلى سياق أوسع؛ فهو ناقد قوي للسياسة الغربية تجاه أوكرانيا، ويعتقد أن العلاقات الأمريكية الأطلسية بحاجة للتغيير لمواجهة التحديات الجديدة.

ويؤمن فانس بضرورة أن تقف أوروبا عسكريًا على قدميها وأن توفر دفاعها الذاتي، متجاوزًا النقاشات التقليدية عن “تقاسم الأعباء”، ليؤكد على الحاجة لتحديث هياكل التحالفات الأمريكية.

ليس ذلك بالدعوة للتخلي عن أوروبا أو الناتو، بل لتحقيق شراكة حقيقية بدلًا من الاعتماد المتزايد على أمريكا، ويتزامن صعود فانس مع تغيير جذري في الديناميات الحزبية، حيث يمثل اختيار ترامب لفانس رفضًا قويًا للتوافق السياسي القديم الذي أصبح بعيدًا عن التحديات الحالية التي تواجه الولايات المتحدة، بحسب المقال. 

تصورات جديدة

إذا فاز ترامب في الانتخابات، فمن المرجح أن يسعى لإنهاء حرب أوكرانيا بسرعة كأحد أولوياته الرئيسة، وربما إعادة توجيه السياسة الخارجية بعيدًا عن التدخلات غير الضرورية والارتباطات الأجنبية، بحسب المقال. 

وتعكس مواقف فانس على أوكرانيا هدفًا استراتيجيًا أوسع يتمثل في تغيير طبيعة العلاقات مع الشركاء لتكون أكثر توازنًا واستدامة في ظل المنافسة المتجددة بين القوى الكبرى. 

يلفت المقال إلى أن هناك توافق بين العديد من المفكرين في السياسة الخارجية الواقعية على أن اعتماد أوروبا المتزايد على الولايات المتحدة يشكل عبئًا وليس ميزة.

جيل جديد

على مستوى أعم، يمثل صعود فانس إلى الساحة السياسية انتقالًا إلى جيل جديد من السياسيين الذين يسعون لإعادة تصور مكانة أمريكا في العالم بعد عقود من السياسات التي هدفت للحفاظ على الهيمنة الأمريكية بعد الحرب الباردة، هؤلاء القادة يدركون أن التزام أمريكا الزائد في الخارج يقود إلى تدهور داخلي ويسعون لإنهاء هذا النمط المدمر.

وتاريخيًا، كان النقاش حول السياسة الخارجية محدودًا في دوائر الخبراء، ولكن مع الأزمات الحالية في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، بدأ الرأي العام الأمريكي يولي اهتمامًا متزايدًا بالسياسة الخارجية، وقد يكون قرار ترامب بتعيين فانس لحظة مفصلية في تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية، حيث يدرك الناخبون أن السياسة الخارجية لا يجب أن تُترك للتكنوقراط والمصالح الخاصة.

يرى المقال ختامًا أن هذه التحولات في الساحة السياسية الأمريكية جزءًا من عملية ديمقراطية أوسع تسعى لإشراك الجمهور بشكل أكبر في صياغة السياسة الخارجية، ومع دخول الأزمات العالمية مرحلة حرجة، أصبح من الضروري إعادة تقييم التزامات الولايات المتحدة الخارجية وضمان توافقها مع مصالحها الوطنية.

ربما يعجبك أيضا