«لعبة الدجاج» بين الديمقراطيين وبايدن.. لا أحد يريد التراجع

كيف تغيرت آلية الترشح في الحزب الديمقراطي عبر الزمن؟

بسام عباس

منذ المناظرة الرئاسية بين جو بايدن ودونالد ترامب، يتساءل الكثيرون لماذا لم يتمكن الحزب الديمقراطي من إقناع بايدن بالتنحي عن منصبه كمرشح له، والسبب هو أنه “لا يستطيع”.

وإذا تمكن الحزب من تحدي بايدن، فيمكنه تحقيق أكثر من مجرد تغيير مرشحه، إلا أن صورة الحزب في السنوات القليلة الماضية، تلوّنت ببعض عناصره الأكثر تطرفًا، وهم الناشطون في الانتخابات التمهيدية.

لا أحد يتراجع

قال المحلل السياسي في شبكة “سي إن إن”، فريد زكريا، في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” 19 يوليو 2024، إن أزمة ثقة الديمقراطيين في بايدن أصبحت بمثابة “لعبة الدجاج”، لا يريد أحد أن يتراجع عن موقفه، فالديمقراطيون يواصلون الضغط على بايدن الذي بدوره لا يريد التخلي عن ترشحه.

وأوضح أن ديمقراطيون بارزون يضغطون على بايدن للتخلي عن محاولته إعادة انتخابه والسماح لمرشح مختلف بمواجهة ترامب، لافتًا إلى أنهم لا يملكون وسيلة حقيقية لإجباره على الانسحاب من السباق. كل ما يمكنهم فعله هو “الضغط على بايدن خلف الكواليس، وإحراجه علنًا، والتهديد بتركه مفلسًا ووحيدًا في طريقه.

وأشار إلى أن كل هذا مجرد تهديدات، فهم لا يتمتعون بالسلطة إلا إذا صدقهم بايدن، ويعتقد أن الحزب سيقف ضده بحزم حتى مع اقتراب يوم الانتخابات وتزايد خطر رئاسة ترامب مرة أخرى.

تجويف الأحزاب

ذكر فريد أنه قبل أن تهيمن الانتخابات التمهيدية على الانتخابات الأمريكية، كان الذين يحددون ما إذا كان المرشح مناسبًا للانتخابات، هم المندوبين إلى المؤتمر، وهم مجموعة من المسؤولين المنتخبين الحاليين أو السابقين ممن لديهم خبرة في الترشح للانتخابات العامة، وفي جذب الدعم السائد وفي الحكم فعليًا.

وتابع أن الذين يتخذون القرار الآن هم عدد صغير من الناخبين الأساسيين، وهم غالبًا أكثر تطرفًا إيديولوجيًّا من الناخب العادي، والذين يعتبر الولاء الإيديولوجي أكثر أهمية بالنسبة لهم من القدرة على الانتخاب.

وأضاف أن الولايات المتحدة، وسط التطرف العنيف في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي، تخلت الأحزاب عن تلك السلطة المركزية، وتبنت النظام الأساسي، والنتيجة هي أن السلطة في أمريكا انتقلت من قادة الحزب إلى نشطاء الحزب، ما أدى إلى تجويف الأحزاب، وتركها دون القدرة على تشكيل نفسها.

وضع مأساوي

قال فريد إنه على الجانب المشرق للديمقراطيين، يمكن أن تؤدي أزمة بايدن إلى تغييرات في كيفية اختيار الحزب لمرشحيه للرئاسة، فمنذ السبعينيات، كانت هذه السلطة في الغالب في يد الحزبيين المسجلين الذين يصوتون في الانتخابات التمهيدية في الولاية، وليس القادة والمسؤولين المنتخبين الذين اعتادوا التمتع بمزيد من الحرية، باعتبارهم “المندوبين الكبار” في مؤتمرات الترشيح.

ولفت إلى أن الوضع المأساوي الذي يواجه الديمقراطيين مع بايدن هو أنه كان مرشحًا قويًّا ضد ترامب في 2020، وكان رئيسًا ممتازًا حقق إنجازات كبيرة في السياسة الداخلية والخارجية على حد سواء، وكان أسلوبه لائقًا ولهجته ومتعاطفة، ولكن منذ أشهر، أصبح من الواضح أن هذا لن يكون كافيًا.

ففي أوائل شهر مايو الماضي، أشارت استطلاعات الرأي إلى أن بايدن يتجه نحو الخسارة، وأن الرقم الرئيس الذي يجب النظر إليه هو السؤال عمَّن يشعر الناخبون بأنه أكثر كفاءة، ومن الواضح أن هناك شعور بين الناخبين بأن بايدن كان أكبر من أن يتمكن من تولي المنصب، وهو تصور لا يستطيع تغييره.

تحقيق التوازن

أوضح فريد أن تغيير المرشحين للانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر يمكن أن تكون بداية لإعادة ضبط أوسع نطاقًا، وعلى قادة الحزب إصلاح النظام الأساسي لتحقيق التوازن بين قوة الأقلية الناشطة والأغلبية الأكثر انتشارًا، فالمزيد من المندوبين الكبار الذين يتمتعون بحرية التصويت كما يرغبون سيكونون بمثابة خطوة مهمة.

وأضاف أن رسالة الحزب الديمقراطي يجب أن يشكلها حكام الولايات وأعضاء مجلس الشيوخ ورؤساء البلديات، وليس الناشطين والأكاديميين، ويمكن أن تشهد الأسابيع القليلة المقبلة تحولًا من شأنه أن يجعل الحزب الديمقراطي أكثر جاذبية لمزيد من الأمريكيين لعقود من الزمن.

ربما يعجبك أيضا