جذور العداء.. لماذا تزداد «كراهية روسيا» في الغرب؟

من كراهية الماضي إلى رهاب الحاضر.. تأثير الحرب في أوكرانيا على «سمعة روسيا»

محمد النحاس

تاريخيًّا، تعود جذور رهاب روسيا إلى الحقبة السوفييتية عندما كان الخوف من الشيوعية الروسية منتشراً في الغرب وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، استمرت هذه المشاعر تجاه روسيا الحديثة، خاصة بعد أحداث مثل ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 والحرب في أوكرانيا.


مع تواصل الحرب بين موسكو وكييف، التي بدأت في فبراير 2022، ليس من المستغرب أن تزداد حالة الكراهية في أوكرانيا ضد روسيا، هذه الحالة من المرجح أن تكون طويلة الأمد.

وإجمالاً فإن الكراهية تجاه الآخر، أمر غير مبرر، ولا يمكن قبوله في المجمتعات المتحضرة، لكن في ظل حالة من التوترات الجيوسياسية المحمومة والصدامات واسعة النطاق، فقد ازدادت معدلات “كراهية روسيا”، فما الذي يعنيه هذا المصطلح؟ وهل يوجد فرق بينه وبين “رهاب روسيا”؟ وهل الغرب لديه الأول أم الثاني؟

أبعاد تاريخية

في الشهر الماضي، أطلقت أوليسيا فيليبينكو، محررة مقيمة في كييف، حسابًا على تويتر بعنوان “كنت أكره روسيا قبل أن يصبح الأمر شائعًا” ودعت فيليبينكو الناس لإرسال صور تشرح سبب كراهيتهم لروسيا، حسب ما ذكر مقال لمجلة ناشونال إنترست.

سرعان ما جذب الموقع بضعة عشرات من المشاركات، معظمها من أشخاص في الدول الأوروبية التي غزّاها الاتحاد السوفيتي في الماضي، وتُظهر صور دبابات سوفيتية تحتل مدنًا أوروبية مختلفة (بودابست عام 1956، براغ عام 1968) أو قبورًا جماعية بعد الاحتلال السوفيتي (فنلندا عام 1940، أو دول البلطيق عامي 1940 و1945).

ونشر شخص من الدنمارك صورة للدمار الذي لحق بجزيرة بورنهولم، التي حررها السوفييت من الاحتلال النازي عام 1945 ولكنها دُمرت في هذه العملية. ونشر سويدي لوحة لمعركة بولتافا عام 1709، وهي نقطة تحول في حرب الشمال العظمى بين روسيا والسويد. كما شارك صيني صورة للاشتباكات على نهر أوسوري عام 1969، ونشر أرميني صورة للاحتلال السوفيتي لأرمينيا عام 1920.

الروسوفوبيا.. ما هي؟

بحسب مجلة كومنتاري الأمريكية، فإن “الروسوفوبيا” أو “رهاب روسيا”، يشير إلى مشاعر تتجاوز الخوف إلى الكراهية تجاه روسيا، وغالبًا ما يُستخدم لوصف المشاعر السلبية تجاه الحكومة الروسية أو حتى تجاه الشعب الروسي.

تاريخيًّا، تعود جذور رهاب روسيا إلى الحقبة السوفييتية عندما كان الخوف من الشيوعية الروسية منتشراً في الغرب.

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، استمرت هذه المشاعر تجاه روسيا الحديثة، خاصة بعد أحداث مثل ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 والحرب في أوكرانيا.

كيف يرى الروس الأمر؟

في السياق الحديث، يُستخدم المصطلح بشكل متزايد من قبل المسؤولين الروس لوصف الممارسات الغربية تجاه روسيا.

ويعتبر المسؤولون الروس أن المواقف الغربية، غير عادلة ومبنية على تحامل ضد روسيا ذاتها، وليس فقط ضد سياساتها.

الرئيس فلاديمير بوتين، على سبيل المثال، أشار إلى المتظاهرين المؤيدين للاتحاد الأوروبي في أوكرانيا بوصفهم يعانون “رهاب روسيا” ما يعني أنهم ليسوا فقط خائفين من روسيا ولكن يكرهون الروس أيضًا.

خوف مبرر

على الجهة الأخرى، تجادل ناشونال إنترست بأن روسيا طالما اشتكت من أن الغرب لديه “رهاب” إزاءها، أي خوف غير عقلاني وغير مبرر، غير أن المقال المنشور بالمجلة الأمريكية يؤكد أن هذا “الخوف مبرر لأنه ينبع من تهديد وحقيقي ويمثل استجابة صادقة لعنف فعلي”، مردفًا بأنه لا شك أن الحرب الحالية زادت من كراهية العديد من الأوكرانيين لروسيا وللروس.

ويردف المقال أن الكراهية هي شعور نادرًا ما يُناقش في المجتمعات التي يسميها “متحضرة” وفي الوقت الحالي، لا يُتسامح مع الكراهية في المجتمع المدني، وتُعتبر ظاهرة سلبية.

ومبررًا يتابع المقال، أنه عندما يكون مجتمع في حالة حرب، ويكون ووجود كيانه الوطني مهددًا، قد تُغض الدولة الطرف عن الكراهية تجاه العدو أو حتى تشجعها.

فاشية جديدة

في المقابل يرى المسؤولون في موسكو أن كييف تسعى لتغذية الكراهية ضد الروس، في نزعة يصفونها بأنها “فاشية جديدة” بل وأبعد من ذلك حيث يصف بعضهم القوميين في أوكرانيا بـ “النازيين الجدد”.

هذه الحالة إجمالاً ليست جديدة على المجمتعات الغربية، فقد ظهرت في الولايات المتحدة وبريطانيا خلال الحربين العالميتين، وفي حين يرى الغرب أن هذه الظاهرة تختص بها المجتمعات الشمولية إلّا أن التاريخ يخبرنا أنها تفشت كذلك في دول تصف نفسها بالديمقراطية.

وليس الأمر مرتبطًا بالغرب فحسب؛ فلجيران روسيا الاسكندنافيين كلمة خاصة بـ”الخوف من روسيا”، تختلف عن الرهاب من روسيا، في السويدية يطلق عليه “rysskräck” وفي الفنلندية يُطلق عليه “venäjäpelko” وفي النرويجية “russerskrekkو”russenangst”هذه المطلحات تترواح ترجمتها بين “الرعب أو الخوف أو الهلع من روسيا”.

ربما يعجبك أيضا