وسط كارثة في الشرق الأوسط.. لماذا توجه نتنياهو إلى واشنطن؟

إسراء عبدالمطلب

من المقرر أن يلقي رئيس الوزراء الإسرائيلي كلمة أمام الكونجرس، في حين تنتظره أشهر من الصدمات والخراب، ومستقبل سياسي غامض.


في المرة الأخيرة التي زار فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، واشنطن كانت الآمال كبيرة في تحقيق السلام أو على الأقل رؤية معينة للسلام.

وكان ذلك في سبتمبر 2020، وظهر في البيت الأبيض الذي كان مقر إقامة دونالد ترامب آنذاك، وهو الذي أجبر نتنياهو على التنحي عن السلطة ولكنه عاد في نهاية المطاف على رأس التحالف الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه اتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الثقة - CNN Arabic

الشرق الأوسط الجديد

حسب صحيفة واشنطن بوست، اليوم الاثنين 22 يوليو 2024، ظهر نتنياهو في سبتمبر على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة حاملاً خريطة توضح الروابط الجديدة التي أقامتها إسرائيل في المنطقة، والتي تحمل عنوان “الشرق الأوسط الجديد”. وتم محو أي أثر لفلسطين أو المطالبات الفلسطينية من على الخريطة.

وجاء السابع من أكتوبر، وتغير العالم وهزت الحرب التي أعقبت الضربة القاتلة التي شنتها حركة حماس على جنوب إسرائيل المنطقة. وسحقت الحملة الإسرائيلية المستمرة ضد حماس قطاع غزة، وأدت إلى مقتل عشرات الآلاف وكارثة إنسانية مترامية الأطراف.

توسع الاستيطان الإسرائيلي

بدأت الإجراءات القانونية الدولية ضد إسرائيل وحكومتها اليمينية في التزايد وتصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع، يوآف جالانت، في غضون أيام لدورهما المزعوم في تجويع سكان غزة؛ وتنظر محكمة العدل الدولية، الذراع القضائية للأمم المتحدة، في قضية تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية وحكمت بشكل منفصل يوم الجمعة بأن إسرائيل يجب أن تنهي احتلالها للأراضي الفلسطينية وتفكيك مستوطناتها.

ويعد هذا أمر غير مقبول سياسيًا بالنسبة لنتنياهو، الذي توسع في مشروع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية خلال فترة حكمه الطويلة. وهو يأتي إلى واشنطن هذا الأسبوع قبل خطاب مثير للجدل أمام الكونجرس، في حين تلوح في الأفق شهور من الصدمة والخراب، ومستقبل سياسي غامض أمامه.

نتنياهو تحت الضغوط

حاولت بعض الدول، إلى جانب الرئيس بايدن وحلفائه، التفاوض على هدنة بين الأطراف المتحاربة. ولم تسفر المحادثات بعد عن وقف إطلاق النار الذي يرغب فيه الفلسطينيون ومعظم المجتمع الدولي، أو الإفراج بالجملة عن الرهائن الإسرائيليين الذي يسعى إليه الجمهور الإسرائيلي الحزين.

ويلقي بعض المسؤولين الأمريكيين والعرب باللوم على نتنياهو الذي قد يتعرض موقفه للخطر في حالة وقف الأعمال العدائية لإحباط الاتفاق عمدًا. ويتعرض نتنياهو لضغوط من جميع الجهات إذ لديه ائتلاف غير راضٍ عنه وشركاء من أقصى اليمين، من بينهم بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن جفير الذين يهددون بإسقاطه إذا وافق على وقف إطلاق النار.

وقال مايكل كوبلو من منتدى السياسة الإسرائيلية: “لديه عائلات الرهائن والمعارضة السياسية تتظاهر في الشوارع بأعداد متزايدة لصالح وقف إطلاق النار، ومؤسسة أمنية تؤيد بشدة أيضًا التوصل إلى اتفاق لوقف القتال وإعادة الرهائن الأحياء إلى الوطن. كان بايدن يدفع بلا تحفظ من أجل وقف إطلاق النار واتفاقية الرهائن، ويريد جميع شركاء إسرائيل الإقليميين أن ينتهي القتال منذ أشهر”.

نتنياهو يكسب الوقت

إن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي “الماكر” حسب وصف الصحيفة، إلى واشنطن هي خدعة لتخفيف بعض هذه الضغوط. وقال العضو في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي والمفاوض الأمريكي المخضرم السابق، آرون ديفيد ميلر، إن “التوجيه الأساسي لنتنياهو هو الحفاظ على نفسه في السلطة، وهو ينجح”. مضيفًا أنه “يأتي إلى هنا لاستخدام الكونجرس والبيت الأبيض كدعائم، لإثبات أنه لا غنى عنه” للجمهور الإسرائيلي، ما يشير إلى أن نتنياهو كان “يلعب من أجل كسب الوقت”.

ومن المرجح أنه يحتضن الجمهوريون الحريصون على ثني بايدن المحاصر بالفعل، نتنياهو وموقفه المتحدي بشأن الحرب. وكتبت نيري زيلبر في صحيفة فاينانشال تايمز : “ما يسعى نتنياهو على الأرجح إلى تحقيقه هو الوصول إلى نهاية الشهر وعطلة الصيف البرلمانية. وتمتد العطلة حتى أواخر أكتوبر، وخلال هذه الفترة من الصعب للغاية الإطاحة بحكومة قائمة أو استبدالها.

وإذا تمكن نتنياهو من الوصول إلى هذه المرحلة، فإن أقرب موعد يمكن أن تعقد فيه الانتخابات سيكون في الربع الأول من عام 2025”. وبحلول تلك النقطة، قد يكون هناك ساكن جديد للبيت الأبيض، وربما يتوقع نتنياهو أن تعزز فترة ولاية ترامب الثانية حظوظه السياسية – تمامًا كما فعلت فترة ولايته الأولى. لكن المرشح الرئاسي الجمهوري أظهر حماسًا أقل لنتنياهو في الأشهر الأخيرة، في حين تبدو اتفاقيات إبراهيم التي وصفها ترامب بأنها إنجازه المميز في السياسة الخارجية ليس لها صلة في الوقت الحالي.

لا يوجد فرصة لليوم التالي

في غضون ذلك، يواجه بايدن تمردًا من اليسار بسبب سلوك إسرائيل في الحرب وتمكين الولايات المتحدة لها. وسعى إلى إشراك بعض جيران إسرائيل العرب في مشروع طموح “بعد الحرب” لغزة والذي من شأنه أن يرى كيانًا تكنوقراطيًا فلسطينيًا يدير تلك المنطقة والضفة الغربية بشكل مشترك، وتمويلًا لإعادة الإعمار يتدفق إلى غزة، والإسرائيليين والفلسطينيين يعودون إلى المحادثات بشأن حل الدولتين.

ومع استمرار الحرب واستمرار نتنياهو في منصبه، يبدو أن هذه الرؤية للسلام محكوم عليها بالفشل. فقد صوت الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) يوم الجمعة على رفض إقامة دولة فلسطينية وهي خطوة رمزية أكدت موقف نتنياهو قبل رحلته إلى الولايات المتحدة. ويبدو أنه ما دام نتنياهو موجودًا، فلن تكون هناك أي فرصة للتحرك نحو خطة اليوم التالي.

ربما يعجبك أيضا