فوز ترامب.. هل يمحو إرث بايدن السياسي؟

عمر رأفت
الرئيس الأمريكي جو بايدن

يعد الرئيس الأمريكي جو بايدن، حلقة الوصل بين الولايات المتحدة ما بعد الحرب العالمية الثانية والآن، فمن خلال خبراته الكبيرة، تمكن من سد تلك الفجوة بين الحقبتين.

وذكرت مجلة فورين بوليسي، في تحليل لها، أمس الأحد 21 يوليو 2024، أن بايدن عمل بالسياسة فترة كبيرة (36 عامًا في مجلس الشيوخ، و8 سنوات كنائب للرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما).

إرث ثقيل

تلخصت مجهودات بايدن عندما أصبح رئيسًا في دعم حلف شمال الأطلسي “الناتو” لمواجهة روسيا وحربها على أوكرانيا، ومن ناحية أخرى، عمل على تطوير الصناعة الأمريكية، حيث ركزت على استعادة الطبقة العاملة.

وبهذا، ترك بايدن وراءه إرثًا لبى مطالب كل من الأمميين والشعبويين، وستصنف فترة ولايته بأنها من الأفضل لدى المؤرخين، أما خطأه الوحيد يمكن تلخيصه في انسحابه من أفغانستان في عام 2021.

وقالت فورين بوليسي في تحليلها، إنه بعد أسابيع من الضغوط المستمرة من حزبه الديمقراطي، أعلن البالغ من العمر 81 عامًا انسحابه من الترشح للرئاسة لولاية  أخرى، مفسحًا المجال لكامالا هاريس كخليفة له قبل ما يزيد عن 3 أشهر من الانتخابات القادمة.

الأمر يعتمد على هاريس

أضافت فورين بوليسي، أن الأمر يعتمد على ما إذا كانت هاريس قادرة على هزيمة ترامب في الانتخابات المقبلة، في الوقت الذي يرى فيه الخبراء أنها تعاني في استطلاعات الرأي مثل بايدن.

وقال أحد المؤرخين في جامعة فيرجينيا، ويدعى سيدني ميلكيس: “أوفى بايدن بوعده بأن يكون جسرًا يربط ما بين الجيل القديم والجديد من الديمقراطيين، لكن مصير إرثه يقع الآن على عاتق كامالا هاريس، تمامًا كما وقع إرث فرانكلين روزفلت على نجاح هاري ترومان، فإذا خسرت وجاء ترامب، فيمكن محو هذا الإرث”.

ويأتي خروج بايدن من السباق الرئاسي بعد أحداث شهدت إنكار بايدن لخطورة موقفه من الترشح، وعدم ثقة حزبه به، حيث ظهر ذلك في الأسابيع التي تلت مناظرته الكارثية مع ترامب في 27 يونيو الماضي، وهو يتحدث بشكل متلعثم وغير متماسك، ورغم مطالبة كبار الشخصيات من الديمقراطيين بانسحاب بايدن، لكنه في بادئ الأمر أعلن عن ترشحه للرئاسة، وسُئل بايدن عن سبب قراره الترشح لولاية ثانية بعد أن أشار في عام 2020 إلى أنه سيكون راضيًا كونه “جسرًا” للجيل القادم من الديمقراطيين.

مجتهد رغم العيوب في شخصيته

قال بايدن: “ما تغير هو خطورة الوضع الذي ورثته فيما يتعلق بالاقتصاد وسياستنا الخارجية والانقسام الداخلي”، وتحدث عن مسيرته المهنية الطويلة، وقال إن حكمته عوضت تقدمه في السن.

وأضاف في تصريحاته: “يمنحني معظم المؤرخين الرئاسيين الفضل في إنجاز أكثر من عمل، لتمرير أجزاء كبيرة من التشريعات، وما أدركته هو أن الوقت الطويل الذي أمضيته في مجلس الشيوخ قد زودني بالحكمة اللازمة لمعرفة كيفية التعامل مع الكونجرس لإنجاز الأمور”.

وقال كبير مستشاري بايدن السابق في مجلس الشيوخ، مايكل هالتزل، إن بايدن كان مجتهدًا وتمكن، رغم العيوب في شخصيته، من كسب العديد من المعجبين، وفي كل من الاقتصاد والجغرافيا السياسية، حقق إنجازات مقارنة بأسلافه الديمقراطيين، بِل كلينتون وباراك أوباما.

دعم موقف القيادة الأمريكية

أضاف هالتزل: “أعتقد أن المؤرخين في المستقبل سيقيمونه بدرجة عالية، لقد قام بمحو أثار الفوضى التي كانت على مدى أربع سنوات لدونالد ترامب، وثانيًا، وضع سياسات مكنت من تحقيق انتعاش اقتصادي أسرع وأكثر شمولاً مما كان من حق أي شخص أن يتوقعه، واستعاد مكانتنا في العالم”.

وقال سفير الولايات المتحدة السابق لدى حلف شمال الأطلسي، إيفو دالدر، إن إعادة بناء بايدن لحلف الناتو دعم موقف القيادة الأمريكية، وفي مواجهة الصين، قام ببناء شراكات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ مثل ” أوكوس” (الشراكة الأمنية الثلاثية بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) والتقريب بين مجتمعي المحيطين الهندي والهادئ وعبر المحيط الأطلسي”.

وتابع دالدر، الذي يشغل الآن منصب رئيس مجلس شيكاغو للشؤون العالمية: “كان الأمر جديدًا وحيويًا تمامًا للعالم الذي نواجهه”، ومع ذلك، فإن خبرة بايدن التي امتدت من فيتنام إلى العراق جعلته يشعر بالقلق من نشر قوات أمريكية على الأرض، ونتيجة لذلك، أمر بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان بعد عقد من الزمان، حيث رأى فشل السيطرة على الأوضاع هناك، بل أنه تبنى اتفاق السلام الذي توصل إليه ترامب مع طالبان، والذي تجاوز الحكومة الأفغانية بالكامل، وسيطرة المتشددين بشكل سريع.

تسليم الشعلة لهاريس

في سياق متصل،  قال رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين لبايدن، في عام 2021، جاريد بيرنشتاين، أنه ظهر مصطلح أصبح يُعرف باسم “اقتصاد البيديوم”، وهو مزيج من السياسة الصناعية والسياسة التجارية المنغلقة، وأضاف أن بايدن كان يعتقد منذ فترة طويلة أن القيادة العالمية للولايات المتحدة تعتمد بشكل كامل على قيادتها الاقتصادية، وأن هذا الأمر فقد خلال عقود من الخفض الزائد للعجز، مما أدى إلى انخفاض سريع في الاستثمار العام الذي أضر بالطبقة الوسطى.

وأشارت فورين بوليسي إلى أن بايدن الآن يسلم شعلة إرثه إلى هاريس، ومن الجدير بالذكر أن هاريس سرعان ما حظيت بتأييد بيل وهيلاري كلينتون، لكن أوباما لم يدعمها حتى الآن، وقالت هاريس في بيان إنها تنوي كسب هذا الترشيح والفوز به.

ربما يعجبك أيضا