لم يضر الحوثي.. «هجوم الحديدة» يصب الزيت على النار

محمد النحاس
غارات إسرائيلية تستهدف ميناء الحديدة اليمني

في هجوم الحديدة، مارست القوات الإسرائيلية نفس التكتيكات التي تستخدمها بشكل مدمر  في  قطاع غزة منذ أشهر


هاجمت القوات الإسرائيلية “البنية التحتية الحيوية” في ميناء الحديدة في اليمن ردًا على هجوم مسيرة تابعة للحوثيين على تل أبيب.

الهجوم الذي وقع السبت، ادعى الجيش الإسرائيلي أنه استهدف “أهدافًا عسكرية”، لكن الشواهد تشي بأن الضربات ألحقت أضرارًا واسعة بمرافق النفط، وخزانات الوقود، ورصيف الميناء والرافعات، وكلها لا غنى عنها لتزويد السكان المدنيين في شمال اليمن بالوقود والغذاء.

تأثير الضربات الإسرائيلية

عطلت الضربات محطة الطاقة المركزية التي توفر الكهرباء للمدينة بأكملها، وتقول السلطات الحوثية إن الضربات قتلت ما لا يقل عن 3 أشخاص وأصابت 87 آخرين، بحسب مجلة “ريسبنسبول ستيت كرافت” الأمريكية.

وفي تغريدة على إكس (تويتر سابقًا) علّق الباحث في شؤون اليمن نيك برومفيلد على اختيار الإسرائيليين للأهداف: “الهجوم الإسرائيلي على مخازن النفط في الحديدة لم يكن مثالاً على إخفاء الحوثيين للأسلحة في البنية التحتية المدنية ومن ثم قصفها، على حد علمي، هذا استهداف إسرائيلي متعمد للبنية التحتية المدنية الحيوية”.

في هجوم الحديدة، مارست القوات الإسرائيلية نفس التكتيكات التي تستخدمها بشكل مدمر في قطاع غزة منذ أشهر، وفقًا للمجلة الأمريكية.

تصعيد خطير

حسب “ريسبنسبول ستيت كرافت”، يمثل الرد الإسرائيلي تصعيداً كبيراً ضد الحوثيين، الذين شنوا هجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ على أهداف إسرائيلية لكنهم لم يحققوا تأثيرًا  عسكريًّا كبيرًا.

اقتصاديًّا، كانت هجمات الحوثي مجدية فقد أصبح ميناء إيلات الإسرائيلي مفلسًا بعد تحويل جميع الشحنات إلى طرق أخرى أكثر أمانًا، كما أن البحرية الأمريكية أنفقت أكثر من مليار دولار في اعتراض أسلحة الحوثيين زهيدة الثمن في البحر الأحمر.

هجوم يفيد الحوثيين

على شاكلة حملة القصف الأمريكية – البريطانية غير الفعالة ضد الحوثيين التي بدأت في يناير، فإن الضربات الإسرائيلية تصب في صالح الحوثيين.

ومفسرًا ذلك يلفت المقال، إلى أن الصراع المباشر مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل يعد تعزيزًا للمكانة السياسية للحركة اليمنية المتمردة التي تعتمد سرديتها وإدعائتها التي تروج لها من الناحية الأيدولوجية على معاداة إسرائيل وأمريكا.

وجهة نظر مشابهة، تطرحها الصحفية المتخصصة في شؤون اليمين، أيونا كريج، فقد كتبت على منصة بلو سكاي أن “الضربات تمثل هدية للحوثيين”، لافتةً إلى أن الجماعة اليمينة المسلحة يعتمد وجودها وبقاءها وتطورها وتوسعها على الحرب.

الهجمات لن تردع الحوثيين

علاوةً على ذلك وبجانب، كون الرد الإسرائيلي غير متناسب مع هجوم مسيرة الحوثيين على تل أبيب، من المؤكد أن الضربات على الحديدة ستستفز الحركة لشن المزيد من الهجمات على إسرائيل.

وفقًا لصحيفة هآرتس، يعرف الجيش الإسرائيلي أن ضرب اليمن من غير المرجح أن يردع الحوثيين عن إطلاق المزيد من الطائرات المسيرة والصواريخ.

إذن فالتصعيد ضد الحوثيين لن يجعل إسرائيل أكثر أمانًا، لكنه يزيد من التوترات في المنطقة ويهدد بإشعال حرب واسعة النطاق.

تداعيات إنسانية

على صعيد الإنساني، فإن من سيعاني من تبعات الضربات الإسرائيلية هم، السكان المدنيون في اليمن، وفي حين يستفيد الحوثيين، فإن الأضرار الوحيدة التي تلحقها هذه الضربات “الاستعراضية” هي باليمنيين عبر استهداف النقطة الرئيسية لدخول الغذاء في بلد يستورد أكثر من 70٪ من إمداداته الغذائية و 90٪ من القمح.”

وستجعل الضربات الإسرائيلية في اليمن من الصعب على إدارة بايدن التظاهر بأن هجمات الحوثيين على الشحن التجاري في البحر الأحمر ليست مرتبطة بالحرب في غزة.

صراعات مرتبطة

وتريد الإدارة الأمريكية إبقاء هذه الصراعات في سياقات منفصلة للحفاظ على الوهم بأنها منعت الحرب في غزة من زعزعة استقرار المنطقة، لكن من الواضح أن جميعها مرتبطة، وفق المقال.

إذا أرادت الولايات المتحدة إنهاء هجمات الحوثيين على الشحن والهجمات الموجهة ضد إسرائيل، يجب عليها أن تمارس ضغطًا حقيقيًا على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء حملتها في غزة.

يرى مقال المجلة الأمريكية أن الحرب في غزة هي المحرك الرئيس لجميع هذه الصراعات الأخرى، ولن يتم حل أي منها بنجاح حتى يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار ونهاية الحصار الذي يخنق الشعب الفلسطيني هناك.

دور أمريكي

يتعين على الولايات المتحدة أن تضغط على الحكومة الإسرائيلية لتجنب أي تصعيدات أخرى ضد دول في المنطقة، ويتطلب ذلك -حسب المقال- إرسال رسالة واضحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عند زيارته لواشنطن هذا الأسبوع بأن الولايات المتحدة لن تنقذه إذا ذهب إلى الحرب في لبنان.

لم يعد بإمكان المنطقة تحمل المزيد من النزاعات، لذلك على الولايات المتحدة التوقف عن تأجيج الصراعات بإرسال العتاد العسكري لإسرائيل وبتوفير الغطاء السياسي والدبلوماسي، ليس فقط في حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة بل كذلك على إصرارها إغراق المنطقة في خضم تصعيد شامل.

ربما يعجبك أيضا