«حرب الـ30 عامًا المنسية في الكونغو».. لماذا لم يضغط الغرب على رواندا؟

كيف يمكن أن يوقف الغرب أزمة حركة 23 مارس بالكونغو؟

شروق صبري
الكونغو

على مدار الثلاثين عامًا الماضية، شهد شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية نزاعًا مستمرًا لم يحظ بأي اهتمام عالمي يُذكر.


بلغ الصراع شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية عامه الثلاثين في 2023، وهو ما يمثل علامة فارقة مروعة لم تحظ بأي اهتمام عالمي تقريبًا.

تعكس الجرائم المتكررة مثل إعدام 171 مدنيًا على يد حركة 23 مارس في نوفمبر 2022، وتعامل أطباء بلا حدود مع آلاف الناجين من العنف الجنسي فضلًا عن أن أكثر من 7 ملايين كونغولي يعانون من التشرد، تجاهل المجتمع الدولي لهذه الأزمة.

تصاعد الصراع

خلال عام 2023، زادت سيطرة حركة 23 مارس على الأراضي بنسبة 70%، حيث فرضت حصارًا على مدينة غوما الرئيسة في شرق الكونغو وسيطرت على طرق حيوية، وأدى ذلك إلى توترات عرقية وانقسام مجتمعي، مع استغلال السياسيين لهذا الوضع لمصالحهم الشخصية. حسب ما نشرت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، اليوم الجمعة 26 يوليو 2024.

يُعتقد أن حركة 23 مارس تمولها وتدربها حكومة رواندا، مما يزيد من تعقيد الأزمة ويجعلها قضية إقليمية تتطلب تدخلًا دوليًا، وتعتمد رواندا على المساعدات والقروض الغربية، مما يجعلها عرضة للضغط الخارجي.

في 2013، أوقفت رواندا دعمها لحركة 23 مارس بعد تهديدات الدول الغربية بقطع المساعدات، مما أدى إلى انهيار الميليشيا. ومع ذلك، تتردد الحكومات الغربية اليوم في استخدام نفس التكتيك اليوم. فقد أصبحت كيغالي شريكًا جيوسياسيًا مهمًا.

عملية سلام أوسع

توفر رواندا للولايات المتحدة وأوروبا قوات عسكرية كفؤة في وسط إفريقيا يمكنها مواجهة المرتزقة الروس، كما تساعد في حماية استثماراتهم بالمنطقة، لكن التكاليف الإنسانية لسلوك رواندا لا تبرر هذه الفوائد، وتعتمد البلاد كثيرًا على المساعدات لتغيير ولاءاتها استجابة للضغط الغربي.

لذلك يجب على الولايات المتحدة وأوروبا استخدام نفوذهما، إذا فقدت حركة 23 مارس التمويل الرواندي، ستنهار مرة أخرى، مما يفتح الباب أمام عملية سلام أوسع.

بداية الاضطرابات

بدأت الاضطرابات في الكونغو في أوائل التسعينيات عندما حاول الرئيس موبوتو سيسي سيكو البقاء في السلطة من خلال تأجيج الانقسامات العرقية، تزايدت الأزمات مع تدفق اللاجئين بعد الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، هاجمت رواندا دول أخرى الكونغو لتفكيك الجماعات المسلحة، مما أدى إلى حرب إقليمية في 1998.

وانتهت المعارك الكبرى عام 2003 بفضل الضغط الدولي الساحق، وكانت النتيجة دستورًا كونغوليًا جديدًا وديمقراطية ناشئة، لكن الصراع استمر في شرق الكونغو، ولا تزال رواندا في مركزه.

انهيار الهدنة

بعد انتخابه في 2019، سعى الرئيس الكونغولي، فيليكس تشيسيكيدي، إلى تحسين العلاقات مع رواندا من خلال توقيع اتفاقيات تجارية وتعاون أمني، ورغم تحقيق بعض الاستقرار، انهارت هذه الجهود في منتصف عام 2021، عندما بدأت أوغندا مشاريع بناء الطرق بالقرب من الحدود الرواندية وأرسلت آلاف القوات إلى الكونغو.

دعمت رواندا مجددًا حركة 23 مارس، التي استولت على آلاف الأميال المربعة من الأراضي في شرق الكونغو بحلول صيف 2024. رغم تصريحات تشيسيكيدي المثيرة، لا يمكن للجيش الكونغولي مواجهة كاغامي بشكل فعّال. حيث إنه يستهدف ناخبيه لكسب الدعم المحلي وتوجيه الانتباه بعيدًا عن فشل قوات الأمن الكونغولية.

التصريحات الموجهة ضد كيغالي تشتت انتباه الكونغوليين عن مشاكلهم الداخلية وتوفر ذريعة لزيادة ميزانية الدفاع.

حركة 23 مارس

لإنهاء أزمة حركة 23 مارس، يجب على الغرب الضغط على رواندا عبر تهديدات بقطع المساعدات، مما سيدفع كيغالي لكبح دعمها للميليشيا. هذا الضغط يمكن أن يفتح الباب أمام عملية سلام شاملة ويخفف من معاناة الشعب الكونغولي. يمكن للكونغو بعد ذلك التركيز على بناء برامج إعادة دمج للمقاتلين وتطوير خطة اقتصادية توفر فرصًا لسكان الريف بعيدًا عن القتال.

يتطلب هذا أيضًا مواجهة النخب الفاسدة التي تعرقل انضباط الأجهزة الأمنية وتطبيق العدالة الانتقالية التي تعزز الكرامة والمصالحة. ورغم التحديات، يمتلك الكونغو الإمكانيات للتغلب على هذه المشاكل بفضل مجتمعه المدني القوي وروحه الديمقراطية. لكن لتحقيق ذلك، يحتاج إلى دعم دولي لكبح التدخلات الرواندية وضمان استقرار المنطقة.

ربما يعجبك أيضا