موجة من التغييرات.. بريطانيا تتبنى نهجًا جديدًا في قضية الهجرة

محمد النحاس

يركز نهج حزب العمال على إعادة طالبي اللجوء المرفوضين إلى بلدان آمنة لتخفيف تراكم الطلبات، ويهدف إلى تعاون أوثق مع الشركاء الأوروبيين للقضاء على العصابات التي تهرب المهاجرين


مطلع الشهر الجاري، حقق حزب العمال البريطاني فوزًا ساحقًا  في الانتخابات العامة منهيًا 14 عاما من حكم المحافظين، وحمل العمال تعهدًا بأن: “التغيير يبدأ على الفور”.

وأعلنت الحكومة البريطانية، هذا الأسبوع، إطلاق “برنامج جاد” لإعادة المهاجرين غير المصرح لهم بالبقاء في المملكة المتحدة إلى بلدانهم الأصلية، مُنهية بذلك خطة الحكومة السابقة لترحيلهم إلى رواندا.

تحول في سياسة بريطانيا؟

يأتي الإعلان في إطار تحول كبير في سياسة الهجرة بالمملكة المتحدة، حيث تسعى الحكومة الجديدة إلى معالجة القضية بطرق إنسانية وفعّالة.

وتحاول بريطانيا منذ سنوات الحد من الهجرة غير النظامية، خاصة تلك التي تتم عبر بحر المانش، وتعرضت سياسة الحكومة السابقة لانتقادات واسعة من جمعيات مساعدة طالبي اللجوء وهيئات دولية وأوروبية.

وأكد رئيس الوزراء الجديد كير ستارمر، فور وصوله إلى السلطة، إلغاء مشروع ترحيل المهاجرين إلى رواندا، والذي أُطلق في عام 2022 لكنه لم يُنفذ، معتبرًا أنه “مات ودُفن” قبل أن يبدأ.

تكلفة كبيرة

بدلاً من ذلك، تعهد ستارمر بتسريع معالجة طلبات اللجوء، وتعزيز مكافحة عصابات المهربين، مع التركيز على تحسين إدارة الحدود. في هذا السياق، عرضت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر تفاصيل البرنامج الجديد في مجلس العموم، مشيرة إلى أن خطة ترحيل المهاجرين إلى رواندا، التي كلفت دافعي الضرائب البريطانيين “700 مليون جنيه إسترليني” (830 مليون يورو)، تم استبدالها برحلات لإعادة الأشخاص غير المصرح لهم بالبقاء إلى بلدانهم الأصلية.

وأوضحت كوبر أنها طلبت تكثيف عمليات المراقبة هذا الصيف لاستهداف العمل غير القانوني في القطاعات ذات المخاطر العالية.

هل تنجح السياسة الجديدة؟

في تصريح خاص لشبكة رؤية الإخبارية الجمعة 27 يوليو 2024، قال الباحث في العلاقات الدولية وخبير الشؤون الأوروبية، بهاء محمود: “لا يمكن لأي دولة أن تتحكم في ملف اللاجئين باستخدام مقاربات أمنية فقط. الأرقام الصادرة عن الهيئات الدولية حول الرحلات اليومية مرعبة.

وأردف: الغرب بشكل عام يتبنى فكرًا أمنيًا، ويقوم بتصدير الأسلحة إلى مناطق الصراعات التي يخرج منها اللاجئون، مما يجعل الدوامة مستمرة. تعود معظم حالات اللاجئين إلى دول غير آمنة في شمال أفريقيا مثل ليبيا، أو دول مثل النيجر، والنتيجة تظل كما هي”.

التعاون مع الجيران

تنوي الحكومة الجديدة أيضاً تعزيز تعاونها مع جيرانها الأوروبيين لمكافحة أسباب الهجرة، من خلال “عملية روما”، وهو برنامج للتعاون بين الدول المصدّرة للمهاجرين والدول المقصودة، الذي أطلق العام الماضي برعاية رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.

كما أعلنت بريطانيا الأسبوع الماضي عن رغبتها في تخصيص 84 مليون جنيه إسترليني (99 مليون يورو) كمساعدات تنموية لشمال أفريقيا والشرق الأوسط.

هدر للمال العام

وصفت كوبر خطة الترحيل إلى رواندا بأنها “أكثر هدر صادم لأموال دافعي الضرائب” شهدته في حياتها، حيث أنفق حزب المحافظين 700 مليون جنيه إسترليني على الخطة، وتم ترحيل أربعة مهاجرين فقط، وقد ذهبوا طوعاً. أبلغت كوبر البرلمان أيضاً أن حكومة سوناك كانت تخطط لإنفاق أكثر من عشرة مليارات جنيه على الخطة بشكل عام.

في خطوة أخرى، أعلنت حكومة حزب العمال الجديدة عن ترحيل 46 شخصاً إلى فيتنام وتيمور الشرقية، بعد التخلي عن خطة الحكومة السابقة بترحيل المهاجرين إلى رواندا.

خطوات عملية

قالت كوبر إن الرحلات التي كانت مخصصة لترحيل مهاجرين غير شرعيين إلى رواندا ستُستخدم بدلاً من ذلك لترحيل مجرمين أجانب ومخالفين لقوانين الهجرة، مشيرة إلى أن الطائرة التي أقلعت الأربعاء ووصلت الخميس هي الأولى إلى تيمور الشرقية وفيتنام منذ عام 2022. مضيفةً:”تُظهر رحلة اليوم أن الحكومة تتخذ إجراءات سريعة وحاسمة لتأمين حدودنا وإعادة أولئك الذين ليس لديهم الحق في الوجود هنا”.

وإجمالاً، يركز نهج حزب العمال على إعادة طالبي اللجوء المرفوضين إلى بلدان آمنة لتخفيف تراكم الطلبات، ويهدف إلى تعاون أوثق مع الشركاء الأوروبيين للقضاء على العصابات التي تهرب المهاجرين. قال مرصد الهجرة بجامعة أكسفورد إن المواطنين الفيتناميين يمثلون 20% من المهاجرين غير الشرعيين الذين تم اعتراضهم أثناء عبور القناة بين يناير ومارس هذا العام.

ربما يعجبك أيضا