اغتيال هنية.. قمع إيران يولد جيلًا جديدًا من المتآمرين

إسراء عبدالمطلب

أدى القمع الوحشي إلى جيل جديد من الإيرانيين المستعدين للتعاون في مؤامرات ضد حكومتهم.


من غير المفاجئ أن تلاحق إسرائيل إسماعيل هنية، الزعيم السياسي الأعلى لحماس، الذي اغتيل جراء غارة جوية في طهران الأربعاء 31 يوليو 2024.

وحاولت إسرائيل قتل هنية عدة مرات، وبعد أحداث 7 أكتوبر، قالت إسرائيل إن قيادة الحركة أصبحت “أمواتاً يمشون”، ومنذ ذلك الحين بدأت إسرائيل في تكثيف حربها السرية ضد إيران، والتي تصفها بـ”رأس الأفعى” لشبكة من الوكلاء الإرهابيين.

اسرائيل تغتال إسماعيل هنية في غارة على إقامته بطهران | MEO

تصعيد الحرب ضد إيران

حسب مجلة “فورين بوليسي” في تقرير نشر أمس الأربعاء 31 يوليو 2024، فإنه مع استمرار الحرب في غزة دون نهاية في الأفق، بدأت إسرائيل في استهداف كبار قادة حماس وحزب الله والحرس الثوري الإيراني واحدًا تلو الآخر.

وجاء الهجوم المباشر غير المسبوق، الذي شنته إيران على إسرائيل في 13 من أبريل، والذي دفع حلفاء إسرائيل إلى تعزيز الدفاعات الجوية ضد أكثر من 300 طائرة دون طيار وصواريخ كروز وباليستية، ردًا على اغتيال قائد في الحرس الثوري الإيراني في سوريا.

وبحسب 3 مسؤولين إيرانيين تحدثوا إلى صحيفة نيويورك تايمز، أصدر المرشد الإيراني علي خامنئي أمراً بضرب إسرائيل بشكل مباشر، رداً على مقتل هنية في طهران.

وأعطى خامنئي الأمر في اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الأربعاء، وبعد وقت قصير من إعلان إيران عن مقتل هنية، وفقاً للمسؤولين الإيرانيين الثلاثة، بما في ذلك عضوان من الحرس الثوري الإيراني، التي لم تكشف الصحيفة هويتهم.

فشل الإجراءات الإيرانية في الردع

حسب “فورين بوليسي” فإنه إذا كانت إسرائيل نفذت عملية اغتيال زعيم حماس في قلب العاصمة الإيرانية، فإن هذا يشير إلى فشل الإجراءات الإيرانية في الردع، ولن يكون لوفاة هنية تأثير عملي على الأرض في غزة، حيث كان يقيم في الدوحة بقطر، ولكنه سيعرقل على الأرجح الجولة الحالية من محادثات وقف إطلاق النار ويقوض الآمال في التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن وإنهاء الأعمال العدائية. وقد تكون هذه النتيجة ملائمة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وشركائه، الذين يواجه ائتلافهم الهش تهديدًا بالانهيار.

ويعد اغتيال هنية مهم بسبب موقعه وتوقيته، إذ ذكرت التقارير أن إسرائيل نفذت غارة جوية على منزله في طهران، مما يسبب إحراجًا شديدًا لإيران بالإضافة إلى إرسال رسالة بأن لا أحد في البلاد في مأمن، فإن مقتل زعيم حماس في طهران يشير إلى أن الإيرانيين داخل إيران ساعدوا في تنفيذ العملية.

تهديد الاستبداد الإيراني لأمنه الداخلي

لم يُعترف بعد بشكل كافٍ بالدعم الشعبي الإيراني المتزايد لإسرائيل كرد فعل على هجمات السابع من أكتوبر والرد الإسرائيلي على غزة. فقد عبر عدد مفاجئ من الإيرانيين عن مواقف مؤيدة لإسرائيل سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في المظاهرات في الدول الغربية، ورحب العديد منهم بالانتقام الإسرائيلي لهجوم الثالث عشر من أبريل إلى حد أن النظام اضطر إلى تهديدهم بالاعتقال.

وحركة “المرأة، الحياة، الحرية” غير المسبوقة في عام 2022، التي شهدت خروج مئات الآلاف من المحتجين إلى الشوارع للمطالبة بالمساواة والحرية وإسقاط النظام، أثرت بشكل كبير على الرأي العام الإيراني. و”استمر النظام الإيراني في قمع المتظاهرين، مما زاد من الاستياء الشعبي ودعم الكثير من الإيرانيين لإسرائيل لا ينبع من حب عميق للدولة اليهودية، بل من كراهية شديدة لحكومتهم” وفقًا لفورين بوليسي.

استغلال إسرائيل للاستياء الشعبي الإيراني

تثبت اغتيالات هنية أن الاستبداد في إيران يشكل الآن تهديداً لأمنها الداخلي. وأدى القمع الوحشي إلى جيل جديد من الإيرانيين المستعدين للتعاون في مؤامرات ضد حكومتهم، ما يسهل عمليات إسرائيل داخل إيران. وتنفذ العديد من الاغتيالات والهجمات المنسوبة إلى إسرائيل تُنفذ بمساعدة مجندين إيرانيين محليين، مما يعكس عمق الاستياء الشعبي.

ويرسل اغتيال هنية رسالة قوية لأولئك الذين ينتمون إلى النظام الإيراني، ليس فقط بشأن مهارة وقدرة إسرائيل على الاختراق، بل وأيضًا بشأن مدى استعداد المواطنين الإيرانيين للمخاطرة بحياتهم لمساعدة أعداء بلادهم. ومن المحتمل أن اعتراف المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي بتداعيات القمع الوحشي يعكس فهمه لتأثيراته السلبية على الأمن القومي.

ومع استمرار افتقار الجمهورية الإيرانية للشرعية الشعبية، من المرجح أن تواصل إسرائيل استغلال الاستياء الواسع النطاق بين الشعب الإيراني لتحقيق أهدافها.

ربما يعجبك أيضا