«الانتقام الأعمى».. كيف تضر سياسات الاغتيال بإسرائيل؟

محمد النحاس

كان هنية شخصية سياسية تعيش في المنفى في السنوات الأخيرة وبدت أن لديه تأثير ضئيل أو عدم تأثير على الأنشطة العسكرية لعناصر حماس في غزة، لكن الأثر الفوري الرئيسي للاغتيال سيكون عرقلة مفاوضات وقف إطلاق النار


من المرجح أن يكون اغتيال الزعيم السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في إيران، بلا أي تأثيرات إيجابية، بما في ذلك على أمن إسرائيل نفسه.

بدلًا من ذلك، ستزداد احتمالية اندلاع المزيد من الحروب والموت والدمار في الشرق الأوسط، وسوف يشعر النظام الإيراني بضرورة الرد، رغم أن ضحية الاغتيال ليس إيرانيًا، فقد حدث الهجوم في قلب إيران، واغتيال ضيف أجنبي كان في العاصمة لحضور تنصيب الرئيس الإيراني الجديد يعد إحراجًا لطهران.

الرد الإيراني

سوف يوازن صانعو القرار الإيرانيون بين اعتبارات متضاربة عند اختيار كيفية الرد، إحدى الإشارات إلى تفكيرهم هي رد فعل إيران على الهجوم الإسرائيلي على مجمع دبلوماسي إيراني في دمشق في أبريل.

كان ذلك الانتقام الإيراني عبارة عن هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل كان كبيرًا، ولكنه صُمم لتقليل الأضرار التي تلحق بإسرائيل، وبالتالي تقليل أي مبرر لإسرائيل للتصعيد، حسب ما أورد مقال لمجلة “ريسبنسبول ستيت كرافت” الأمريكية، في 1 أغسطس 2024.

ولن يكون رد إيران على الاغتيال الأخير بالضرورة هو نفسه، ولكن النظام قد يبحث مرة أخرى عن طرق لتوصيل رسالة قوية مع تقليل مخاطر التصعيد، حسب كاتب المقال، بول آر بيلار، وهو زميل بمركز الدراسات الأمنية بجامعة جورجتاون، وزميل غير مقيم بمعهد كوينسي.

انجرار المنطقة للحرب

أصبحت الممارسة الإسرائيلية التقليدية، تعامُل أي عمل مسلح ضد إسرائيل كما لو كان عدوانًا غير مُبرر بدلًا من كونه انتقامًا لشيء فعلته إسرائيل نفسها.

وبالتالي، يمكن توقع أنه مهما كان رد إيران هذه المرة، سترد إسرائيل بعنف، هذه الضربات المتبادلة تحمل خطر انزلاق الموقف عن السيطرة.

سياسة الاغتيالات الفاشلة

سجل إسرائيل الطويل من الاغتيالات، فضلًا عن أعمال التخريب الأخرى في إيران، كان يركز في الماضي على العلماء النوويين الإيرانيين.  تلك الاغتيالات، على عكس الإجراءات الدبلوماسية، لم تفعل شيئًا لمنع تقدم البرنامج النووي الإيراني إلى وضعه الحالي الذي يوشك فيه على الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لأسلحة نووية.

وبالمثل، فإن اغتيال هنية لن يزعزع موقف حماس ضد الإسرائيليين، سواء في قطاع غزة أو في أي مكان آخر. 

كان هنية شخصية سياسية تعيش في المنفى في السنوات الأخيرة وبدت أن لديه تأثير ضئيل أو عدم تأثير على الأنشطة العسكرية لعناصر حماس في غزة، لكن الأثر الفوري الرئيس للاغتيال سيكون عرقلة مفاوضات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، بسبب دور هنية وزيادة التوتر والعداء في البيئة الدبلوماسية.

الجبهة اللبنانية

على الجبهة اللبنانية، وتحديدًا بعد هجوم مجدل شمس، والذي أصاب فيه صاروخ ملعب كرة قدم قبل أيام قليلة وقتل 12 شخصًا، ليس إسرائيليين، بل دروز في قرية بمرتفعات الجولان المحتلة في سوريا.

كان الإنكار القوي من قبل حزب الله هو أمر منطقي بالنظر إلى صعوبة تخيل أي دافع محتمل لحزب الله لاستهداف الدروز في مناطق سورية محتلة، غالبية الدروز في مرتفعات الجولان هم سوريون، رغم سنوات الاحتلال الإسرائيلي، وبدلًا من هجوم متعمد من حزب الله، قد يكون الصاروخ إما عن طريق الخطأ لحزب الله أو، وهو الأمر أكثر احتمالًا، صاروخ من القبة الحديدية الإسرائيلية والذي أخطأ هدفه.

رغم كل الشكوك، كانت الاستجابة الإسرائيلية التلقائية هي قتل شخصية أخرى من حزب الله، هذه المرة من خلال هجوم جوي في حي مُكتظ بالسكان في بيروت، ما أسفر أيضًا عن مقتل 3 مدنيين وإصابة العشرات.

إزجاء رغبة الانتقام

كما هو الحال مع عمليات الاغتيال ضد حماس، لن يقلل هذا القتل من قدرة أو رغبة حزب الله في الإضرار بالإسرائيليين، سيجعل فقط الجهود الدبلوماسية لاستقرار الحدود الإسرائيلية اللبنانية ومنع الحرب الشاملة أكثر صعوبة.

اللجوء التلقائي الإسرائيلي إلى الاغتيالات غير الفعالة يعكس جزئيًا نوعًا من الغضب الداخلي الذي تجلى بشكل متكرر في الفظائع والمعاناة الجماعية في قطاع غزة على مدار التسعة أشهر الماضية.

مآرب أخرى لنتنياهو

قد يكون هناك أيضًا عنصر آخر يتعلق برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ودوافعه الشخصية للإبقاء على نوع من الحرب، في محاولة للتخلص من مشاكله السياسية والقانونية، سواء تم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة أم لا.

ورغم المؤشرات السابقة على ميل إسرائيل لعدم التصعيد المباشر إلى حرب شاملة مع حزب الله أو إيران، فإن جر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران هو على الأرجح هدف لنتنياهو. 

وسوف يخدم ذلك الأغراض المتعددة التي طالما روجها الجانب الإسرائيلي، بما في ذلك تحويل الانتباه عن أفعال إسرائيل في غزة وأماكن أخري، سواء تحقق نتنياهو هذا الهدف أم لا، فإن أحدث اغتيال إسرائيلي يعزز مكانتها في طليعة الإرهاب في الشرق الأوسط، ويعد اغتيال الزعيم السياسي لحماس عملًا من أعمال الإرهاب الدولي (وفقًا لتعريف رسمي أمريكي) وأحد المصادر الرئيسة لعدم الاستقرار الإقليمي، حسب المقال.

ربما يعجبك أيضا