مقتل القادة لا يعني الهزيمة.. هكذا تكيفت حماس مع سياسة الاغتيالات

محمد النحاس

بعد مقتل قائد حركة حماس السياسي، إسماعيل هنية، زعمت إسرائيل أنها قتلت قبل أسابيع قائد كتائب القسام محمد الضيف.

كل هذا يحدث بينما تواصل إسرائيل شن أعنف حرب شهدها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، وقد يبدو للوهلة الأولى أن هذه التطورات في الصراع المستمر منذ 30 عامًا بين إسرائيل وحماس تمثل ضربة مدمرة للحركة الفلسطينية المقاومة، لكن التاريخ يقول عكس ذلك.

تداعيات الاغتيال

يشي تاريخ تطور حركات التمرّد عمومًا والجماعات الفلسطينية المسلحة بشكل خاص، وحماس بنحو أكثر خصوصية، أن الحركة قد لا تحافظ على وجودها فحسب، بل قد تخرج من الحرب أكثر قوة على الصعيدين العسكري والسياسي.

حسب “نيويورك تايمز”، يرى المحللون الإقليميون المتواصلون مع قادة حماس أن الضربات الأخيرة التي تلقتها، بما في ذلك اغتيال هنية، تقدم للجيش الإسرائيلي انتصارًا قصير الأمد على حساب النجاح الاستراتيجي طويل الأمد.

وتقول المحللة الفلسطينية تهاني مصطفى: “بدلًا من خلق الانفصال الذي كانوا يأملون فيه، والذي يجعل الناس يخافون أو يهزمون، سيكون لهذا تأثير معاكس، إسرائيل أعطتهم ورقة رابحة”.

قدرة حماس على العمل

الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل تسببت في تهجير حوالي 90% من سكان غزة الذين يربو عددهم على مليوني نسمة، ودمرت أجزاء واسعة من مدن القطاع وقتلت ما يزيد 39 ألف شخص.

رغم ذلك، تظل حماس غير قادرة على العمل فقط، بل تجند أيضًا مقاتلين جدد في غزة وخارجها، وفقًا لسكان محليين ومحللين، كما بدأت الجماعات المسلحة بالظهور من جديد في مناطق كانت إسرائيل قد طردتها منها قبل عدة أشهر بالنسبة لحماس.

يعني منطق التمرد أن البقاء في مواجهة جيش أقوى بكثير يوفر انتصارًا رمزيًا، كما أن ذلك يمنحها فرصة للبقاء، بغض النظر عن أي ضربات توجهها إسرائيل.

هل قتلت إسرائيل الضيف بالفعل؟

في يوم الأربعاء، قالت القوات العسكرية الإسرائيلية إن الضربة التي شنتها في 13 يوليو قد قتلت قائد القسام، محمد الضيف.

يُنظر إليه على أنه مهندس هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل، حماس لم تؤكد بعد مصير الضيف، ومع ذلك، فإن قتله سيكون نهاية لجهود إسرائيلية طويلة الأمد، والذي يُعتبر الرجل الثاني على قائمة المطلوبين في إسرائيل بعد يحيى السنوار، رئيس حماس في غزة.

أتى إعلان إسرائيل بقتل الضيف في اليوم الذي كان فيه المشيعون يجتمعون لتشييع هنية، الذي قُتل في طهران أثناء زيارة لحضور تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.

ما الذي يعنيه مقتل القادة؟

فقدان هنية سيكون أيضًا صعبًا على حماس، فقد كان يُنظر إليه من قبل المحللين الإقليميين كواحد من الشخصيات الأكثر اعتدالًا داخل الحركة، حيث كان يعمل كجسر بين فصائلها المتنافسة.

كما كان يُنظر إليه كقائد مستعد لدفع جهود الوساطة، بما في ذلك محادثات وقف إطلاق النار مع إسرائيل، ونقلت “نيويورك تايمز” عن خبير الشؤون الفلسطينية أن اغتيال هنية يبعث برسالة مفادها أن عملية التفاوض لا تهم.

يطرح خبراء غربيون أن “حصر حماس في الزواية” بعد اغتيال هنية، ومع مواصلة الحرب عليها المستمرة منذ نحو 10 أشهر فإن ذلك لن يترك خيارًا أمامها سوى مواصلة القتال، وأن تنحو منحى أكثر تشددًا، الضيف نفسه حل محل أحمد الجعبري، القائد العسكري الذي قتلته إسرائيل في 2012 في ضربة على سيارته وفي ذلك الوقت، كان يقود جهود حماس في وساطة للتوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد مع إسرائيل.

جدوى سياسة الاغتيالات

هناك تساؤلات مستمرة بشأن جدوى الحملات الإسرائيلية لاغتيال القادة الفلسطينيين والإقليميين، حيث أن هذه التكتيكات قد وفرت ببساطة مساحة لظهور قادة جدد كأعداء لإسرائيل.

وغالبًا ما يتم استبدالهم بقوى أكثر تطرفًا، على حد وصف صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

ماذا يقول التاريخ؟

في السبعينيات، قتلت إسرائيل وديع حداد، القائد العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ما أدى إلى انهيار تلك الجماعة بعد عقد من الزمن، وحل محلها عدو فلسطيني جديد، القوة الوطنية بقيادة ياسر عرفات، “فتح”، قتلت إسرائيل قائدها العسكري الشهير، خالد الوزير، لكنها فشلت في إضعاف المجموعة.

حماس، التي تأسست في 1987، درست بعناية تاريخ الجماعات الفلسطينية المسلحة على أمل تجنب مصيرها، ومنذ أوائل الألفية أصبحت حماس الجماعة التي ينظر إليها الفلسطينيون على أنها تتبنى مقاومة مسلحة للاحتلال الإسرائيلي، بينما تلاشت قدرات الجماعات الأخرى العسكرية أو، في حالة فتح، تخلت عن النضال كاستراتيجية لصالح المفاوضات.

مع انهيار محادثات السلام في أوائل الألفية، زادت قوة حماس وفشلت الاغتيالات الإسرائيلية  في تقويض قدرات الجماعة.

ربما يعجبك أيضا