فورين أفيرز: الولايات المتحدة غير مستعدة للحروب المستقبلية

كيف يمكن للولايات المتحدة مواجهة الحروب المستقبلية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي؟

بسام عباس
حروب المستقبل

يتحول مستقبل الحروب سريعًا إلى واقع تملأه آلاف الطائرات المسيرة في السماء مستخدمة أنظمة الذكاء الاصطناعي لتفادي العقبات وتحديد الأهداف المحتملة، وهو ما وضح جليا في الحرب الروسية الأوكرانية، والسباق المحموم لتطوير تقنيات متقدمة للتغلب على الخصم.

ولن تدور الحروب المستقبلية حول من يستطيع حشد أكبر عدد من الناس أو استخدام أفضل الطائرات والسفن والدبابات، بل ستهيمن عليها أنظمة الأسلحة ذاتية التشغيل والخوارزميات القوية على نحو مطرد.

 غير جاهزة

أوضحت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، في تقرير نشرته الاثنين 5 أغسطس 2024، أن هذا هو المستقبل الذي لا تزال الولايات المتحدة غير مستعدة له، فقواتها ليست جاهزة تمامًا للقتال في بيئة نادرًا ما تستمتع فيها بعنصر المفاجأة. وطائراتها وسفنها ودباباتها غير مجهزة للدفاع ضد هجوم الطائرات المسيرة، ولم يتبن جيشها بعد الذكاء الاصطناعي.

وأضافت أن البنتاجون لا يملك ما يكفي من المبادرات الرامية إلى تصحيح هذه الإخفاقات، كما أن جهوده الحالية تتحرك بوتيرة بطيئة جدًا، وفي المقابل، استخدم الجيش الروسي الطائرات المسيرة في أوكرانيا، وأعلنت الصين عن أكبر عملية إعادة هيكلة عسكرية، مع التركيز الجديد على بناء قوات تعتمد على التكنولوجيا.

وفي حال أرادت الولايات المتحدة الحفاظ على مكانتها كقوة عالمية بارزة، فسيتعين عليها تغيير مسارها بسرعة، فالبلاد تحتاج إلى إصلاح هيكل قواتها المسلحة، ويحتاج جيشها إلى إصلاح تكتيكاته وتطوير قيادته، وإلى طرق جديدة لشراء المعدات وأنواع جديدة من العتاد، فضلًا عن تدريب الجنود على تشغيل الطائرات المسيرة.

بعض الجنود يجهزون طائرة مسيرة بالأسلحة

بعض الجنود يجهزون طائرة مسيرة بالأسلحة

التغيير أو الهلاك

قالت المجلة إن الولايات المتحدة إذا فشلت في قيادة الثورة التكنولوجية في الروبوتات والذكاء الاصطناعي، فإن الجهات الفاعلة الأخرى المجهزة بالتقنيات الجديدة ستصبح أكثر استعدادًا لمحاولة شن هجمات على الولايات المتحدة، وقد تنجح هذه الأطراف في حال نفذت هجماتها.

وذكرت أن طبيعة الحرب غير قابلة للتغيير، ففي أي صراع مسلح، يسعى أحد الأطراف إلى فرض إرادته السياسية على الطرف الآخر من خلال العنف المنظم، ويتعين على الجيوش أن تتعامل مع ديناميكيات متقلبة باستمرار، بما في ذلك داخل صفوفها، فهي تواجه الخوف وسفك الدماء والموت، ومن المستبعد أن تتغير هذه الحقائق حتى مع ظهور الروبوتات.

أتمتة الحرب

أشارت المجلة إلى أنه كان يصعب على المخططين العسكريين التنبؤ بالابتكارات التي ستشكل المعارك المستقبلية، ولكن اليوم باتت التنبؤات أسهل، فالطائرات المسيرة منتشرة في كل مكان والروبوتات تستخدم بشكل متزايد، وأظهرت الحروب الحديثة أن الذكاء الاصطناعي غيَّر الطريقة التي تقاتل بها الجيوش، ومن المرجح أن يشهد الصراع الرئيس التالي دمجًا شاملًا للذكاء الاصطناعي في جميع جوانب التخطيط العسكري.

وذكرت أن الأتمتة ركزت على القوة البحرية والقوة الجوية في شكل مسيرات بحرية وجوية، لكنها ستتحول إلى حرب برية قريبًا، ومن المرجح مستقبلاً أن تقود المرحلة الأولى من أي حرب روبوتات أرضية قادرة على القيام بكل شيء بدءًا من الاستطلاع ووصولًا إلى تنفيذ هجمات مباشرة.

وقد تكون أتمتة الحرب ضرورية لإنقاذ حياة المدنيين، إذ من المرجح أن تكون ساحات القتال الحاسمة في المستقبل هي المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، وسيكون مثل هذا القتال أكثر فتكًا بكثير وأكثر استهلاكًا للموارد، وسيتعين على الجيوش نشر روبوتات صغيرة قادرة على المناورة في الشوارع وإغراق السماء بمسيرات للسيطرة على المدن.

0

طائرات مسيرة

إصلاحات ضرورية

أوضحت المجلة أن خصوم الولايات المتحدة يتقدمون في عدة نواح، حيث زادت روسيا إنتاجها من الطائرات المسيرة بشكل كبير وتستخدمها حاليًا لإحداث تأثير كبير في ساحة المعركة، وتهيمن الصين على السوق العالمية للطائرات المسيرة التجارية، إذ تسيطر شركة “دي جاي آي” الصينية (DJI) على نحو 70% من الإنتاج العالمي للطائرات المسيرة التجارية.

وأضافت أن الولايات المتحدة لا تزال تتمتع بأعلى مستويات الجودة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتنفق عليها أكثر من غيرها من الدول، ولكن الصين وروسيا تحرزان تقدمًا سريعًا، وستواجه واشنطن صعوبات في التغلب على العقبات البيروقراطية والصناعية التي تحول دون نشر ابتكاراتها في ساحة المعركة.

ونتيجة لذلك، يخاطر الجيش الأمريكي بخوض حرب يصبح فيها تدريبه من الدرجة الأولى وأسلحته التقليدية المتفوقة أقل فعالية، فالقوات الأمريكية لم تكن مستعدة بشكل كامل للعمل في ساحة المعركة، حيث يمكن رصد كل تحركاتها ويمكن استهدافها بسرعة من قبل الطائرات المسيرة التي تحوم في سماء المنطقة.

 تغيير الهياكل التنظيمية

قالت المجلة إن على الولايات المتحدة أن تتطلع إلى الشراء من مجموعة أكبر من الشركات ولا تكتفي بالشركات الحالية التي تشتري منها، ففي عام 2022، تلقت الشركات الكبرى مثل “لوكهيد مارتن” و”جنرال دايناميكس” أكثر من 30% من إجمالي عقود وزارة الدفاع الآجلة، فيما لم تتلق الشركات الجديدة المصنعة للأسلحة أية عقود.

لوكهيد مارتن

وللتكيف مع المستقبل، ستحتاج الولايات المتحدة إلى ما هو أكثر من مجرد إصلاح طريقة شرائها للأسلحة، ويتوجب عليها تغيير الهياكل التنظيمية وأنظمة التدريب العسكرية، وينبغي عليها أن تجعل سلسلة قيادتها المعقدة والهرمية أكثر مرونة وأن تمنح قدرًا أكبر من الاستقلالية للوحدات الصغيرة كثيرة الحركة.

ويجب أن تمتلك هذه الوحدات قادة مدربين ومتمكنين من اتخاذ قرارات قتالية حاسمة. وستكون مثل هذه الوحدات أكثر ذكاءً، وهي ميزة مهمة نظرًا للوتيرة السريعة للحرب التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وأقل عرضة للإصابة بالشلل في حال قام الخصوم بتعطيل خطوط اتصالاتهم مع المقر الرئيس.

ربما يعجبك أيضا