انهيار الأسواق يجبر المستثمرين على إعادة النظر في أفضل الملاذات الآمنة

مصطفى خلف الله
أسعار الذهب العالمية تعاود الارتفاع فوق 2400 دولار للأونصة

استطاعت القليل من الأصول الصمود أمام الانهيار واسع النطاق الذي اجتاح أسواق الأسهم والسندات والعملات أمس الأول، بعد تأجير خفض الفائدة ومخاوف دخول الاقتصاد الأمريكي في موجة من الركود.

وكشفت التحركات غير المعتادة أن بعض المستثمرين يعيدون النظر في ما قد يكون أفضل الملاذات الآمنة التي يلجأون إليها، إذ يسحب المتداولون بسرعة الأموال من الأصول الشائعة التي كانت تعد ذات يوم رهانات جيدة، على غرار أسهم شركات الرقائق الإلكترونية والأسهم في اليابان، وفقًا لوكالة “بلومبرج الشرق”، اليوم الأربعاء 7 أغسطس 2024.

الذهب يفقد عرشه

تعرضت السلع الأساسية لخسائر كبيرة أمس الأول، إذ انتشرت الاضطرابات التي اجتاحت أسواق الأسهم لتصل إلى المواد الخام، ربما يكون الانخفاض الذي شهدته أسعار الذهب مفاجئة بالنسبة للبعض، إذ تراجعت أسعار العقود الفورية بنسبة تصل إلى 2.3% في وقت ما من التداول، خصوصا أن سمعة المعدن النفيس الراسخة أنه ملاذ آمن.

استقرت أسعار الذهب بعد أن انجرف المعدن في موجة التراجع العالمي، أمس الإثنين، عندما هبط مع قيام بعض المتداولين بخفض حيازاتهم لتغطية طلبات الهامش المحتملة.

معاناة الذهب

يشير التاريخ إلى أنه في أوقات الاضطرابات الشديدة، يميل الذهب إلى الضعف أيضًا، إذ يضطر بعض المضاربين إلى تغطية مطالب هامش احتياطي (للأموال المستثمرة لدى شركات إدارة الأصول) غير المتوقعة عندما تتراجع الأصول في كافة المجالات. أشار بنك “غولدمان ساكس غروب”، الذي ما زال متفائلا بشدة إزاء مستقبل سبائك الذهب، إلى أن هذه الديناميكية ربما لعبت دورًا في جلسة تعاملات أمس الأول.

كتب محللون من بينهم دان سترايفن في مذكرة للعملاء، مع التأكيد مجددا على سعر البنك المستهدف لارتفاع الذهب إلى مستوى قياسي عند 2700 دولار للأونصة خلال 2025، إن المعدن النفيس “يمكن أن يعاني من تأثيرات سلبية مفاجئة من انهيارات أوسع نطاقا في السوق، إذ يصفي المستثمرون مراكز الذهب لتغطية مطالبات هامش الاحتياطي”.

تحول كبير للرينغت المالي

في حين هبطت كافة العملات الرئيسة الحساسة للمخاطر مثل الدولار الأسترالي والبيزو المكسيكي والراند الجنوب أفريقي مقابل الدولار الأميركي، حقق الرينغت الماليزي عند نقطة ما من التعاملات، أفضل أداء يومي له منذ 2015، وتفوق على جميع نظرائه في الأسواق الناشئة أمس الأول.

أعلنت ماليزيا اليوم الجمعة عن خطة إنفاق أقل حجمًا تبلغ 393.8 مليار رينجيت (83.3 مليار دولار)، وسط سعي الدولة إلى خفض عجز الموازنة في 2024، وتعزيز ثقة المستثمرين

يمثل هذا تحولًا كبيرًا للعملة التي عانت من صعوبات وانخفضت في فبراير الماضي لأدنى مستوياتها مقابل الدولار منذ 1998. يبدو أن الرينغت حاليا يتحضر للتعافي مع تزايد التفاؤل بشأن نمو الاقتصاد في ماليزيا، إذ تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني كل التقديرات. كما تعزز أموال الأجانب الداخلة لسوق السندات وتحسن صادرات قطاع التكنولوجيا قوة الرينغت الماليزي.

الاقتراض الصيني يمضي قدما

تحرك العديد من المقترضين الصينيين نحو سوق سندات اليوان منخفضة التكلفة والمستقرة نسبيا لإصدار الديون، في أسبوع شهد تقلبا كبيرا في مناطق أخرى من العالم، حتى مع تراجع المقترضين الأميركيين من ذوي التصنيف الائتماني المرتفع، عن الطرح.

تتجه الصين نحو بيع كمية قياسية من السندات السيادية المقومة باليوان في الخارج هذا العام، في خطوة من شأنها أن تساعد السلطات على دعم العملة الضعيفة وتعزيز شعبيتها

تسويق سندات مقومة باليوان

في سوق اليوان الخارجية اليوم، تقوم شركة “بيزهو إنداستريال إنفسمنت هولدينغ غروب” (Pizhou Industrial Investment Holding Group) وهي ذراع تمويل حكومي محلي، بتسويق سندات مقومة باليوان لأجل 3 أعوام بعائد 5%.

في الوقت نفسه، كلفت الحكومة المحلية في شنزن البنوك بتقديم سندات يوان متعددة الشرائح. تأتي هذه التحركات بعد صفقات إصدار من شركة “جيانغسو رونشين سيتي إنفستمنت غروب” (Jiangsu Runxin City Investment Group) وشركة “هوانغشي ستيت-أوند أسيتس مانجمنت” (Huangshi State-Owned Assets Management).

تدعم تكاليف التمويل المنخفضة للديون المقوم باليوان هذا القطاع. انخفضت معدلات أسعار الفائدة بين البنوك لأجل 3 شهور على اليوان الخارجي في هونغ كونغ -معروفة أيضا بـ”سعر فائدة بين البنوك في هونغ كونغ” (Hibor)- إلى 2.06% اليوم، في أدنى مستوى خلال أكثر من 3 أعوام، وفق بيانات بلومبرج.

صمود منغوليا

أنهى مؤشر بورصة منغوليا “توب 20” والذي يتعقب أكبر 20 شركة في البلاد، جلسة تعاملات أمس الأول مرتفعا 1%، ليصبح المؤشر الوحيد الذي حقق مكاسب في آسيا، وواحدا من 4 مؤشرات حققت مكاسب على مستوى العالم، بحسب بيانات بلومبرج (المؤشرات الأخرى كانت في جامايكا والجبل الأسود وتونس).

كانت شركة استخراج الفحم “تافانتولغوي” (Tavantolgoi) وشركة منتجات الألبان “سوو” (Suu) أكبر الرابحين في المؤشر.

ارتفعت الأسهم اليابانية مع جلسة الافتتاح اليوم، مما قاد المكاسب في آسيا، لتعويض بعض الخسائر التي تكبدتها في موجة البيع العالمية أمس الإثنين.

تكشف بيانات بلومبرج أن سوق الأسهم في البلاد، الذي تهيمن عليه شركات المواد الخام والسلع الاستهلاكية الأساسية، تحركت بشكل عكسي مع أداء مؤشر “إم إس سي آي” لآسيا والمحيط الهادئ منذ أواخر الشهر الماضي.

مؤشر هانج سنج للعقارات

من بين 11 شركة تطوير عقاري مدرجة في مؤشر “هانج سنج” للعقارات، ارتفعت 9 شركات أمس الأول. جاءت شركة تشغل المجمعات التجارية “وارف ريل استيت إنفستمنت” أكبر الرابحين في مؤشر “هانج سنج” الرئيسي، بعد ارتفاعه بأكثر من 6%، في أفضل موجة صعود له خلال أكثر من سنتين.

شهدت شركة “نيو وورلد ديفلوبمنت”، وشركة “صن هونج كاي بروبرتيز” ارتفاعا بأكثر من 4.5%، رغم أن إنفاق قطاع التجزئة وأسعار المنازل في هونغ كونغ ما زال ضعيفا، فإن خفض أسعار الفائدة بصورة أسرع من المتوقع في الولايات المتحدة الأميركية سيجبر المركز المالي الآسيوي على اقتفاء أثره، نظرا لربط عملته بالدولار الأمريكي.

يمكن أن تسفر الرهون العقارية رخيصة التكلفة عن زيادة شراء المنازل، وتعطي دفعة لشركات تطوير العقارات. ارتفع أيضا اليوان الخارجي لأقوى مستوياته أمس الأول منذ ديسمبر الماضي، ما يوحي بأن المشترين الصينيين ربما يكونون بصدد الشراء بطريقة أكبر في هونغ كونغ في المستقبل القريب، حيث يشعرون بأنهم يتمتعون بموقف مالي أفضل.

ربما يعجبك أيضا