اليمين المتطرف يستغل الغضب الشعبي.. ماذا يحدث في بريطانيا؟

إسراء عبدالمطلب

برز مؤيدو اليمين المتطرف واستُهدفت تجمعات لمهاجرين وخاصة المسلمين وتم إحراق فنادق تأوي طالبي لجوء وتعرضت مبان عامة ومراكز شرطة للهجوم من قبل حشود غاضبة في مختلف أنحاء البلاد.


اجتاحت أعمال شغب أجزاء من المملكة المتحدة إثر هجوم بسكين استهدف أطفالاً في حصة رقص بإحدى مدارس بلدة ساوثبورت في شمال غرب إنجلترا، ما أدى إلى مقتل 3 فتيات وإصابة عدد من الأشخاص.

ومع تصاعد أعمال الشغب، أعلنت السلطات أن المشتبه به في الهجوم هو “أكسل” شاب يبلغ من العمر 17 عامًا، ولد في كارديف، ويلز، لأبوين روانديين، وكشفت السلطات عن أن الشاب ليس لاجئًا مسلمًا كما روجت بعض الأخبار، إلا أن الاحتجاجات التي تلت الهجوم تحولت إلى صدامات عرقية وطائفية.

سبوت - - بريطانيا تواجه أسوأ أعمال شغب منذ 13 عاماً

أعمال شغب عرقية وطائفية

حسب وكالة أنباء “فرانس برس”، واجهت السلطات البريطانية، الأحد 4 أغسطس 2024، ضغوطًا متزايدة لاحتواء أسوأ أعمال شغب تشهدها إنجلترا منذ 13 عاماً، والتي اندلعت إثر مقتل فتيات في مدرسة رقص، وحرض عليها نشطاء يمينيون متطرفون.

وانتشرت الاضطرابات المرتبطة بمعلومات مضللة عن حادث الطعن الجماعي الذي أودى بحياة الفتيات الأسبوع الماضي إلى العديد من البلدات والمدن يوم السبت، حيث شهدت صدامات بين المتظاهرين المناهضين للهجرة وأولئك الذين يعارضونهم. وتشكل هذه الاضطرابات أكبر تحدٍ لرئيس الوزراء كير ستارمر، الذي تولى منصبه قبل شهر فقط بعد قيادة حزب العمال إلى فوز ساحق على حزب المحافظين.

ملثمون مناهضون للهجرة

في أحدث التطورات، شهدت مدينة روثرهام في جنوب يوركشير يوم الأحد أعمال شغب، حيث قام متظاهرون ملثمون مناهضون للهجرة بتحطيم نوافذ فندق يُستخدم لإيواء طالبي اللجوء. وأوقف نحو 90 شخصاً بعد صدامات اندلعت يوم السبت في عدة مدن إنجليزية، منها ليفربول ومانشستر وبريستول وبلاكبول وهال، بالإضافة إلى بلفاست في إيرلندا الشمالية.

وفي بعض الحالات، قذف مثيرو الشغب الحجارة والزجاجات على الشرطة، مما أدى إلى إصابة عدد من عناصرها، ونهبوا وأحرقوا متاجر، كما سُمعوا وهم يرددون شعارات مناهضة للإسلام. وتُعد هذه الأحداث أسوأ أعمال شغب تشهدها إنجلترا منذ صيف عام 2011، عندما اندلعت اضطرابات واسعة النطاق عقب مقتل رجل على يد الشرطة في شمال لندن.

عقوبات وعواقب

قالت تيفاني لينش من اتحاد الشرطة في إنجلترا وويلز: “لقد شهدنا سابقاً أعمال شغب واشتباكات من هذا النوع، لكنها كانت محصورة في مناطق معينة من البلاد. أما الآن، فهي تنتشر عبر المدن والبلدات الكبرى”.

وأعلنت الحكومة أن قوات الأمن تتوفر على “كل الموارد اللازمة” للتعامل مع الاضطرابات، وقد عززت الشرطة عدد عناصرها لمحاولة السيطرة على الوضع. وأكدت وزيرة العدل شبانة محمود أن “النظام القضائي جاهز لإصدار الأحكام في أسرع وقت ممكن”. فيما قالت وزيرة الأمن ديانا جونسون لمحطة “بي بي سي” إن أعمال الشغب “لن يتم التسامح معها”، محذرة من “عقوبات وعواقب” ستطال الفوضى.

اليمين المتطرف

مع استمرار أعمال الشغب في روثرهام، دخلت الاضطرابات يومها الخامس بعد الهجوم بالسكين يوم الاثنين على مدرسة رقص في ساوثبورت قرب ليفربول على الساحل الشمالي الغربي لإنجلترا.

وبرز مؤيدو اليمين المتطرف واستُهدفت تجمعات لمهاجرين وخاصة المسلمين وتم إحراق فنادق تأوي طالبي لجوء وتعرضت مبان عامة ومراكز شرطة للهجوم من قبل حشود غاضبة في مختلف أنحاء البلاد، وتساءل الكثيرون عن ما إذا كان العنف مخططاً له أو نتج بشكل عفوي، وكيف تحول هجوم بسكين، نفذه شاب من كارديف من عائلة رواندية، إلى أعمال شغب استهدفت بشكل رئيسي المسلمين.

وكانت قوانين الحماية الإعلامية في المملكة المتحدة منعت الشرطة من الكشف عن اسم المشتبه به في البداية، نظراً لأنه قاصر، مما استغله اليمين المتطرف.

نشر الكراهية

حسب بيان منظمة “الأمل لا الكراهية”، وهي مؤسسة خيرية لمكافحة العنصرية، فإن اليمين المتطرف نظم سلسلة من المظاهرات في جميع أنحاء البلاد “على خلفية أجندة ضد المهاجرين، والمسلمين، والتعددية الثقافية”. وأضافت أن ما حدث كان “أسوأ موجة من العنف اليميني المتطرف في المملكة المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية”.

ويتكون اليمين المتطرف الجديد في المملكة المتحدة من مجموعات صغيرة وأفراد يظهرون بشكل رئيسي على الإنترنت، ولكن لديهم تأثير كبير بفضل قدرتهم على استغلال الشكاوى الحقيقية ونشر الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

منظمة متطرفة

من بين أبرز الشخصيات في هذا السياق ستيفن كريستوفر ياكسيلي لينون، المعروف باسم تومي روبنسون، وهو عضو سابق في الحزب الوطني البريطاني (BNP) الذي يُعتبر جزءاً من الفاشية الجديدة. روبنسون هو أيضاً مؤسس مشارك لرابطة الدفاع الإنجليزية (EDL)، منظمة شعبوية يمينية ضد المهاجرين والأسلمة في إنجلترا.

ورغم أن الحزب الوطني البريطاني لم يحقق تمثيلاً منتخباً، ورابطة الدفاع الإنجليزية تُعتبر غير فعالة، إلا أن شرطة ميرسيسايد أفادت بأن مؤيدي رابطة الدفاع الإنجليزية كانوا بارزين في مواجهة مع الشرطة أمام مسجد في ساوثبورت، وتدرس الحكومة البريطانية الآن تصنيف المجموعة كمنظمة متطرفة.

رابطة الدفاع الإنجليزية

تأسست رابطة الدفاع الإنجليزية في لندن عام 2009، وكان العديد من أعضائها من مشجعي كرة القدم الذين اعتبروا أن المسلمين لا يمكن أن يكونوا إنجليزاً حقيقيين. ارتبطت أعمال الشغب أثناء مباريات كرة القدم تاريخياً بالنشاط اليميني المتطرف في المملكة المتحدة، وإن كان هذا الارتباط قد تراجع منذ ذروته في السبعينيات والثمانينيات.

وتستخدم جماعات اليمين المتطرف تكتيك زرع عدم الثقة في الشرطة وتشويه مصداقيتها لتحريض الناس ضد وكالات إنفاذ القانون وتشجيع العنف.

ربما يعجبك أيضا