«تصفية قادة حماس».. استراتيجية فعالة أم فخ دائم؟

هل أصبحت إسرائيل أكثر أماناً بعد مقتل قادة حماس؟

شروق صبري
قادة حماس

إن مقتل قادة حماس على مدار العقدين الماضيين أثار نقاشاً متجدداً حول مدى فعالية الاغتيالات المستهدفة في تحقيق الأمان لإسرائيل. فماذا حدث؟


عندما اغتالت إسرائيل قبل 20 عاما مؤسس حركة حماس والزعيم الروحي الشيخ أحمد ياسين، توقع بنيامين نتنياهو الذي كان حينها وزيرًا للمالية، أن تكون هذه الضربة كافية لردع الحركة عن مواجهة إسرائيل.

وقال نتنياهو حينها “حتى لو كان هناك رد فعل عنيف من حماس على المدى القصير، فإن التأثير على المدى الطويل سيكون في كبح جماح حماس وبقية المنظمات الإرهابية، لأن قادتهم سيتعلمون أنهم سيتعرضون للتدمير”.

تتبع قيادة حماس

لكن بعد مرور عقدين، ما زالت إسرائيل تطارد قادة حماس، وهذا يثير تساؤلات حول فعالية هذه الاستراتيجية، نتنياهو، الذي أصبح الآن رئيس وزراء إسرائيل، أعلن نيته في تتبع قادة حماس مع بداية الحرب 7 أكتوبر 2023.

قال المسؤولون الإسرائيليون إن سلسلة الاغتيالات الأخيرة ضرورية لخلق حالة من الخوف بين أعداء إسرائيل، وذلك بعد الفشل الأمني الذي مكن هجمات حماس في 7 أكتوبر، التي أسفرت عن مقتل 1200 شخص وأدت إلى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، بحسب “وول ستريت جورنال” الأمريكية اليوم 10 أغسطس 2024.

قتل قادة حماس

خلال الشهور العشرة الماضية من الحرب في غزة، أكدت إسرائيل أنها قتلت القائد العسكري لحماس ونائبه وعدداً من القادة الأدنى رتبة، ومؤخراً، تم الإبلاغ عن مقتل قائد حماس السياسي إسماعيل هنية في انفجار بطهران.

لم تؤكد إسرائيل أو تنفي هذا القتل، لكن حماس أثبتت قدرتها على التكيف والظهور بقادة جدد. هذا الأسبوع، قررت حماس تعيين يحيى السنوار، المشتبه في تخطيطه لهجمات 7 أكتوبر، ليكون بديلاً لهنية، السنوار لديه علاقات وثيقة بإيران، التي تسعى أيضاً إلى تدمير إسرائيل.

مقاتلو حزب الله يحملون نعش فؤاد شكر

مقاتلو حزب الله يحملون نعش فؤاد شكر

التحديات والمخاطر المتزايدة

النقاش حول الاغتيالات المستهدفة يظل مفتوحا بسبب المخاطر المرتبطة بها. التوسع في الهجمات الإسرائيلية لم يتوقف عند غزة، بل شمل لبنان وسوريا، حيث تسعى إسرائيل لعرقلة محاولات إيران لتسليح حزب الله، وهو حليف لحماس.

وأمس، قُتل قائد محلي لحماس في مدينة صيدا اللبنانية خلال غارة جوية إسرائيلية، مما رفع عدد القادة الذين تم قتلهم على الأراضي اللبنانية منذ بداية الحرب في غزة إلى سبعة على الأقل.

وجاء مقتل هنية في طهران  بعد ساعات من قتل الجيش الإسرائيلي لقائد بارز في حزب الله في بيروت، رداً على هجوم صاروخي من لبنان أسفر عن مقتل 12 شخصا في هضبة الجولان. التوترات الآن في ذروتها، وإسرائيل في انتظار رد فعل من إيران وحزب الله، مما يثير المخاوف من تصعيد واسع في المنطقة.

فلسطينيون يركضون للاحتماء من النيران الإسرائيلية خلال اشتباكات في مخيم النصيرات للاجئين في قطاع غزة عام 2004
تاريخ وفعالية الاغتيالات

تعود سياسة الاغتيالات المستهدفة في إسرائيل إلى فترة ما قبل تأسيس إسرائيل عام 1948، حيث كان يتم تنفيذ عمليات ضد ضباط ودبلوماسيين بريطانيين في فلسطين الانتدابية. منذ الحرب العالمية الثانية، استخدمت إسرائيل الاغتيالات في أكثر من 2700 عملية.

مما يجعلها واحدة من أكثر الدول استخداماً لهذه الاستراتيجية في العالم الغربي. كانت الأهداف تتنوع بين ردع الهجمات، وتقليص القدرات العسكرية للعدو، أو إرسال رسالة بأن إسرائيل لن تتردد في قتل أي شخص يسعى لإلحاق الضرر بها.

صعود حماس

بعد مذبحة ميونيخ عام 1972، أمرت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مئير بالانتقام من المتورطين عبر عملية “غضب الله”، والتي أظهرت كيف يمكن أن تتسبب الاغتيالات في عواقب غير متوقعة، مثل قتل نادل مغربي في النرويج عن طريق الخطأ، مما أدى إلى محاكمة قصيرة للأفراد الإسرائيليين المتورطين.

وبعد صعود حماس في أواخر الثمانينات زاد من استخدام إسرائيل للاغتيالات، مثل قتل أبرز قادة كتائب القسام يحيى عياش بوضع متفجرات سرية في هاتف انفجر لاحقًا بجوار أذنه.

بعد ذلك، استمرت العمليات ضد قادة حماس مثل محاولة استهداف خالد مشعل، الذي تم تسميمه في الأردن عام 1997، لكن الأردن هدد بإنهاء معاهدة السلام ما لم يتم إنقاذه، مما أدى إلى تدخل إسرائيل لتقديم مادة الترياق المضادة للسموم.

الفعالية والتأثير طويل الأمد

الفعالية الحقيقية للاغتيالات المستهدفة لا تزال محل نقاش. بعض الدراسات تشير إلى أن هذه العمليات قد تكون فعالة في تعطيل الجماعات الإرهابية وخلق تأثيرات رمزية قوية. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي أيضاً إلى ظهور قادة أكثر تطرفاً.

وعلى الجانب الآخر، كان أحد المسؤولين الإسرائيليين الذين صوتوا لقتل الشيخ ياسين في عام 2004 هو رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، الذي كان وزيراً للصناعة في ذلك الوقت. ورغم تشكك أولمرت في فعالية عمليات القتل المستهدفة دائماً، فإنه يعتقد أن قتل الشيخ ياسين كان مفيداً في تقليص التهديد الذي تشكله حماس.

وقال أولمرت: “لقد كان الشيخ ياسين الزعيم المطلق لحماس، وكان القضاء عليه بالغ الأهمية في خلق أزمة قيادية لفترة من الزمن في حماس”.

مدى فاعلية الاغتيالات

في النهاية، بينما قد توفر الاغتيالات المستهدفة بعض النجاح في تعطيل العمليات وتوجيه الضغوط إلى الجماعات المسلحة، فإنها تأتي بتكلفة عالية من حيث المخاطر المحتملة والتداعيات الدولية.

والسؤال الرئيسي هو ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستؤدي إلى تحقيق الأمن المستدام لإسرائيل أو إذا كانت ستسهم في زيادة العنف وتفاقم الصراع؟

ربما يعجبك أيضا