بسبب إسرائيل.. فشل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه غزة

دعم غير مشروط لإسرائيل.. ما دور الولايات المتحدة في الحرب على القطاع؟

بسام عباس
بنيامين نتنياهو يستقبل بايدن في مطار بن جوريون في تل أبيب

تدرك الإدارة الأمريكية جيدًا المخاطر التي يشكلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكن بدلًا من اتخاذ موقف حازم وكبح جماح هذا التصعيد المستمر، تواصل التصرف بطريقة خائفة وجبانة

وهذا التصرف يسمح لزعيم أجنبي متطرف بجر الولايات المتحدة إلى حرب كارثية أخرى، بينما تسير الإدارة الأمريكية بقيادة بايدن نحو هذه الكارثة بعينين مفتوحين.

تورط أمريكي في الاغتيالات

قالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، في تقرير نشرته الجمعة 9 أغسطس 2024، إن نتنياهو أوضح، في خطابه أمام الكونجرس الأمريكي الشهر الماضي، أنه يسعى للحرب مع إيران، وعاد إلى إسرائيل مصممًا على تنفيذ هدفه، وموقنًا بدعم الولايات المتحدة له، فأمر بقتل مسؤول كبير في حماس في الأراضي الإيرانية.

وفي أعقاب اغتيال إسرائيل الزعيم السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في طهران، في 31 يوليو، سارع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، للتأكيد بأن واشنطن “لم تكن على علم بالعملية العسكرية، وليست متورطة فيها”. ولكن التنسيق الأمريكي الإسرائيلي، وتبادل المعلومات الاستخبارية، يشيان بتورط الحكومة الأمريكية في هذا العمل، أو على الأقل تغاضيها عنه.

وهذا التصور منتشر على نطاق واسع، بصورة خاصة، في الشرق الأوسط، الذي لا يزال يترنح من صور المشرعين الأمريكيين وهم يصفقون لنتنياهو، الرجل المتهَم بارتكاب جرائم حرب في غزة. إن مجرد تصور تورط الولايات المتحدة في عملية الاغتيال له تأثير تصعيدي. إن هذا لا يخدم مصالح الولايات المتحدة، ويهدد الشعب الأمريكي.

قرار مفلس أخلاقي

أوضحت المجلة أن اغتيال هنية في طهران ليس فقط محاولة لجر إيران والولايات المتحدة إلى حرب، بل أيضًا وسيلة مؤكدة لتدمير مفاوضات وقف إطلاق النار، فنتنياهو يرفض حل الدولتين، ويسعى بدلًا من ذلك من أجل شرق أوسط مشتعل دائمًا، ما يمكنه من إنهاء التطهير العرقي في غزة، مع موافقة أمريكية على انتشار النيران.

وذكرت أن الخبراء داخل وزارة الخارجية حذروا الإدارة منذ أشهر من أن الدعم غير المشروط لإسرائيل كان قرارًا مفلسًا أخلاقيًا، ويتناقض بصورة مباشرة مع المصالح الأمريكية في المنطقة، ولكن الإدارة تجاهلت هذا التحذير وهمشته، والآن أصبحت الولايات المتحدة على وشك الانجرار إلى حرب أوسع نطاقًا لا تخدم مصالح الأمريكيين.

وأضافت أن إسرائيل منذ أن شنت هجومها على غزة، تساءل المعلقون عما إذا كان كبار المسؤولين الأمريكيين على علم بما يحدث في غزة، وما إذا كانوا يشاهدون الأهوال التي ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بها، ولذلك يتعين عليهم الإصرار على أن تغير إسرائيل سلوكها، أو تسحب الدعم الأمريكي.

 تمويل إسرائيل

وأشارت المجلة إلى أن استمرار إدارة بايدن في تمويل الهجمات الإسرائيلية على المدنيين في غزة، وتسليحها والدفاع عنها وعن غيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مثل عرقلة وصول الغذاء والمياه النظيفة والأدوية إلى القطاع، دمرت مصداقية الولايات المتحدة، وزادت في التهديدات للأمن القومي الأمريكي، بصورة خطيرة.

وتابعت أن التواطؤ الأمريكي يضع الدبلوماسيين الأمريكيين وأفراد الخدمة العسكرية هدفًا للانتقام المحتمل، بينما يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا، بصورة متزايدة، لافتة إلى أنه لا يزال في إمكان واشنطن اختيار طريق آخر يرفض العنف المستمر، والقتل العشوائي للمدنيين الأبرياء، واستمرار دورة الانتقام.

هاريس وتصحيح المسار

أوضحت المجلة أنه، من أجل منع مزيد من التصعيد وجعل احتمالات الدبلوماسية والسلام حقيقة واقعة، يتعين على المرشحة الرئاسية الديمقراطية، كامالا هاريس، أن تسعى لوضع حد للمذبحة، وإرسال إشارة واضحة، مفادها أن الولايات المتحدة لن تقدم دعمًا غير مشروط للحرب الإسرائيلية ضد حزب الله وإيران.

وأضافت أن هاريس عليها أن تصر على الدبلوماسية، ويجب عليها، عبر دورها الحالي كنائبة للرئيس، أن تضغط على الإدارة لتجنب حرب إقليمية، ويمكنها تصحيح المسار من خلال الإصرار على تطبيق القوانين الأمريكية، بصورة متسقة وعادلة فيما يتعلق بنقل الأسلحة.

ولفتت إلى أن تطبيق القوانين واللوائح الأمريكية تنتهكه الإدارة حاليًا، واستنادًا إلى انتهاكات إسرائيل الجسيمة المتكررة والمنهجية والموثقة لحقوق الإنسان وعرقلة المساعدات الإنسانية الأمريكية، فإنها لم تعد مؤهلة لتلقي المساعدة الأمنية الأمريكية.

ولفتت إلى إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تقوض المتطرفين من جميع الأطراف، ومن المؤسف أن هذا لا يمكن أن ينتظر حتى نوفمبر المقبل. وإذا لم تتحرك الآن، فإنها تخاطر بالأمن القومي الأمريكي واندلاع حرب كارثية في الشرق الأوسط، والتي من المحتم أن تنجر إليها الولايات المتحدة.

ربما يعجبك أيضا