أسرار الصراع.. لماذا يتسابق الجميع للسيطرة على ميناء الحديدة؟

إسراء عبدالمطلب

تكتسب موانئ الحديدة أهميتها لأنها تمثل شريان الحياة الرئيسي لنحو سبعة ملايين يمني في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال غرب البلاد.


تركزت الأنظار على مدينة الحديدة اليمنية وموانئها بعد الغارات الأمريكية البريطانية، وأثارت التطورات اهتمام المراقبين بشأن الأهمية الاستراتيجية للمدينة وتأثيرها على خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.

وتحتوي مدينة الحديدة على 3 موانئ رئيسية، ميناء الحديدة التجاري، الذي يعتبر ذا أهمية استراتيجية واقتصادية تاريخية، ثم ميناء الصليف المعروف بإنتاج وتصدير الملح، وأخيرًا ميناء رأس عيسى المخصص لتصدير النفط.

لماذا تتناحر الدول على ميناء الحديدة؟

حسب هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، شنت إسرائيل في 20 يوليو الماضي، ضربة عنيفة على ميناء الحديدة الرئيسي، وذلك رداً على استهداف حركة أنصار الله الحوثية تل أبيب بطائرة مسيرة، وأثار الهجوم اهتمامًا متزايدًا بموقع الحديدة في سياق الصراع الإقليمي المستمر، والذي تفاقم منذ الهجوم الذي شنته حركة حماس على غلاف غزة، والحرب التي تخوضها إسرائيل ضد القطاع المحاصر.

وأسفر الهجوم الإسرائيلي عن أضرار تزيد قيمتها على 20 مليون دولار أمريكي بجانب مقتل ما بين 6 و9 أشخاص وإصابة أكثر من 80 آخرين، وبدا الهجوم وكأنه عمل انتقامي وليس مجرد رد على هجمات الحوثيين، حيث استهدف تقليل التوتر في البحر الأحمر وتخفيف لغة التهديد التي أطلقها الحوثيون ضد إسرائيل.

الأهمية الاستراتيجية لميناء الحديدة

تتوسط المدينة الساحلية اليمنية الحديدة الساحل الغربي لليمن، الذي يمتد على نحو 33% من السواحل البحرية للبلاد التي تصل طولها إلى حوالي 2200 كيلومتر، بما في ذلك خليج عدن في جنوب البلاد، وتشمل الحديدة 3 موانئ رئيسية: ميناء الحديدة التجاري التاريخي الذي يُعد الأكثر أهمية استراتيجية واقتصاديًا، ثم ميناء الصليف المعروف بإنتاج وتصدير الملح، يليه ميناء رأس عيسى النفطي.

وتقع الموانئ في منتصف الساحل الغربي، بين ميناء ميدي شمالاً بالقرب من الحدود مع السعودية، وميناء المخا التاريخي، الذي اشتهر قروناً بتصدير البن، والذي يُعرف الآن باسم “موكا كافيه” نسبةً إلى هذا الميناء.

وتشرف موانئ الحديدة أيضًا على مجموعة من الجزر ذات الأهمية الاستراتيجية شمال غرب الحديدة، مثل جزيرة كمَران وأرخبيل جزر حنيش جنوب غرب المدينة، وصولاً إلى جزيرة ميون عند مضيق باب المندب في جنوب البحر الأحمر.

شريان الحياة الرئيسي لليمن

تكتسب موانئ الحديدة أهميتها لأنها تمثل شريان الحياة الرئيسي لنحو 7 ملايين يمني في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال غرب البلاد، حيث توفر حوالي 80% من وارداتهم من الغذاء والدواء والمشتقات النفطية وغيرها، ولهذا السبب سعت السعودية وبريطانيا، اللتان تسيطران على ملف النزاع اليمني في الأمم المتحدة، إلى التوصل إلى اتفاق في ديسمبر 2018، بهدف الحفاظ على هذا الميناء بعيداً عن الصراع.

وفي البداية، تم الاتفاق على تسليم الميناء إلى خفر السواحل الذين كانوا في الخدمة قبل بدء الحرب عام 2015، وتشكيل بعثة “أونما” التابعة للأمم المتحدة لمراقبة الوضع على الأرض وضمان الالتزام بالاتفاق كما تم الاتفاق على إنشاء لجنة خاصة في ميناء جيبوتي لتفتيش السفن المتوجهة إلى الحديدة.

لماذا لا تهدأ الأمور في البحر الأحمر؟

تم تجاوز الاتفاق بطرق ملتوية، مما أدى إلى توجيه الاتهامات إلى الحوثيين وإيران باستخدام الميناء لأغراض عسكرية، مثل تهريب الأسلحة وتصنيع الصواريخ والطائرات دون طيار وكان الهدف من الاتفاق إنسانيًا، لضمان تدفق المساعدات الإغاثية، ومن غير المرجح أن تعكس الانخفاضات الحالية في الهجمات المتبادلة بين إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا من جهة والحوثيين من جهة أخرى نهاية التوتر في البحر الأحمر.

ويعود السبب الأول إلى إصرار إيران على تنفيذ أجندتها ضد المصالح الغربية والإسرائيلية عبر حلفائها الحوثيين، الذين يسعون أيضاً لتحقيق مكاسب سياسية ودعائية في اليمن، والسبب الثاني هو أن الحديدة وموانئها الثلاثة لا تزال محل تنازع بين الحوثيين وخصومهم اليمنيين، الذين يصرون على أن إدانتهم للهجمات الغربية والإسرائيلية لا تعني نهاية صراعهم مع الحوثيين، ما لم تنجح هذه الحركة في التوصل إلى حل شامل، سواء بالسلام أو بالحرب، يعيد استقرار الدولة اليمنية ويضمن أمن اليمن وجيرانه والعالم أجمع.

ربما يعجبك أيضا