«خيانة من الداخل».. هل ساعد مراسل حماس في اغتيال الضيف؟

«السنوار بين السرية والخيانة».. كيف يؤثر الوضع الأمني على قيادة حماس؟

شروق صبري
يحي السنوار

لا تزال حماس تواجه تحديات أمنية داخلية وخارجية في ظل الاعتماد على الأساليب التقليدية في نقل المعلومات. ومع ذلك، يظل يحيى السنوار متواصلًا مع قادة الحركة. فكيف يقوم بذلك؟


منذ توليه منصب رئيس المكتب السياسي لحماس خلفًا لإسماعيل هنية، الذي اغتيل في طهران، بدأ يحيى السنوار في استخدام أساليب تقليدية وسرية لإدارة الحركة.

يثق السنوار في قلة قليلة فقط من الأشخاص، وهم فقط من يعرفون مكانه الحالي، إذ يتنقل بين أماكن مختلفة، ويشكل هؤلاء الأشخاص حلقة وصل بينه وبين القيادة العليا للحركة عند الحاجة، كما يعتمد على الاتصالات الهاتفية ذات الإجراءات الأمنية المعقدة.

الدائرة الأمنية المحيطة بالسنوار

وبحسب “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية اليوم 13 أغسطس 2024، فقد أوجد السنوار لنفسه “وضعًا أمنيًا آمنًا” يمكنه من إدارة الاتصالات الهاتفية، وهذا الأمر “استغرق وقتًا طويلًا”، لكن  الدائرة الصغيرة المحيطة به تعمل على تأمين جميع احتياجاته وضمان تواصله مع قادة الحركة داخل غزة وخارجها بطرق معقدة.

بالتالي، يتعامل السنوار مع مختلف المواقف، ويوجه التعليمات لكبار المسؤولين في الحركة بانتظام، حيث يُرسل رسائل مكتوبة بخط اليد أو مطبوعة، تحمل توقيعه الشخصي، ويتم تسليم هذه الرسائل يدويًا وبسرية تامة بين الأشخاص الموثوقين.

دور محمد سنوار

يلعب شقيق يحيى السنوار، محمد السنوار، وهو قائد بارز في “كتائب القسام”، الذراع العسكرية لحماس، دورًا كبيرًا في حماية شقيقه وتوجيه حركته.

يُعتبر محمد السنوار، أحد أبرز المطلوبين لدى إسرائيل، ويُعرف بصلابته وشدته، وتشير التقارير إلى أن محمد يشرف شخصيًا على مكان اختباء يحيى وتنقلاته.

كشف موقع محمد الضيف

على صعيد متصل، أفادت الصحيفة العبرية، أن المراسل الشخصي (ساعي البريد) لقائد رفح العسكري، محمد شبانة، كان وراء تسريب موقع قائد الجناح العسكري لحماس محمد ضيف، ما أدى إلى اغتياله.

ويُعتقد أن مراسل شبانة سرب موقع الضيف إلى إسرائيل، ما مكنها من تنفيذ غارة جوية أودت بحياته وحياة مساعده الرئيسي في خان يونس، رافع سلامة.

محمد الضيف

محمد الضيف

نتائج التحقيقات

ما يدعم هذا التسريب، التحقيقات التي أجرتها حماس بعد اغتيال الضيف في خان يونس، والتي كشفت عن تورط أحد أفراد الجهاز العسكري للحركة، والذي كان يقوم بتوصيل الرسائل نيابة عن قائد رفح العسكري محمد شبانة.

تشير التقارير إلى أن هذا الشخص، الذي ينتمي لعائلة كبيرة في رفح، قام بتسريب معلومات حساسة إلى إسرائيل، بما في ذلك خرائط مفصلة للمدينة والأنفاق والأسلحة التي تمتلكها حماس.

دور المراسل في تسريب المعلومات

قام المراسل بنقل معلومات حساسة إلى إسرائيل، مثل موقع اجتماع ضيف مع رافع سلامة، ما مكن الجيش الإسرائيلي من تنفيذ هجوم جوي أسفر عن مقتلهم، وتعتبر المعلومات جزءًا من تطور جديد في الصراع المستمر بين إسرائيل وحماس. بحسب “معاريف” الإسرائيلية أمس 12 أغسطس 2024.

من بين هذه المعلومات، تم الكشف عن مكان اجتماع الضيف وسلامة قبل استهدافهم، بالإضافة إلى تسليم خرائط مفصلة لمدينة رفح، تضمنت تفاصيل عن الأنفاق ونقاط تخزين الأسلحة.

العملية الجوية واستهداف الضيف

قبل أكثر من شهر، شنت القوات الجوية الإسرائيلية غارة على موقع يُعتقد أنه كان يضم محمد ضيف، قائد كتائب القسام، ورافع سلامة، قائد كتائب خان يونس، يُعد ضيف أحد أبرز المطلوبين لدى إسرائيل، وقد نجا من عدة محاولات اغتيال سابقة. بينما كان سلامة من بين المهندسين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر.

جاءت العملية كتصعيد كبير في الصراع القائم، حيث ردت حماس على محاولة الاغتيال بإعلان أن الهجوم يعكس عدم رغبة إسرائيل في التوصل إلى صفقة تبادل، ووصفت الهجوم بأنه “تصعيد خطير.”

معلومات الشاباك

وفقًا للتقارير الفلسطينية، أسفر الهجوم عن مقتل عشرات الأشخاص وإصابة مئات آخرين. لم يتم التأكد من عدد الضحايا بشكل دقيق حتى الآن، ولكن تم تسجيل دمار واسع في المنطقة المستهدفة. تُظهر التقييمات الأولية للأجهزة الأمنية الإسرائيلية تفاؤلاً بشأن نتائج الهجوم، حيث يُعتقد أن ضيف قُتل مع عدد من مساعديه.

وفي ليلة الهجوم، تلقت المخابرات الإسرائيلية “الشاباك” معلومات تفيد بأن محمد الضيف كان يختبئ في مجمع من الخيام في منطقة المواصي، فقررت قيادة الجيش شن غارة جوية واسعة النطاق، وتم استخدام طائرات حربية لإلقاء عشرات الأطنان من القنابل، ما أدى إلى تدمير المجمع بالكامل، حتى الآن، لم تعلن إسرائيل عن أي معلومات بشأن وجود رهائن في الموقع المستهدف.

ردود الفعل الإسرائيلية

اعتبر وزير الجيش الإسرائيلي، يوآف جالانت، أن اغتيال محمد الضيف، الذي وصفه بـ”بن لادن غزة”، هو خطوة مهمة نحو القضاء على حماس ككيان عسكري وحكومي. كما أشار إلى أن هذا الاغتيال يمثل خطوة كبيرة في تحقيق أهداف الحرب التي وضعتها إسرائيل منذ بداية الصراع.

هذه العملية تُعد إغلاقًا لدائرة طويلة من المطاردة للضيف، الذي نجا من سبع محاولات اغتيال سابقة على مدار عدة السنوات. كان قد أصيب في أربعة منها، بما في ذلك خلال عملية “الجرف الصامد”. واغتيال محمد الضيف يشكل انتصارًا كبيرًا للجيش الإسرائيلي، ويعتبر خطوة محورية في الجهود المبذولة للقضاء على قيادات حماس العسكرية وتحقيق أهداف الحرب التي تسعى إسرائيل لتحقيقها.

ربما يعجبك أيضا