عراقتشي.. وزير إيراني ثوري في حكومة إصلاحية

دبلوماسية الميدان.. رؤية وزير خارجية إيران المقترح

يوسف بنده

في أكتوبر 2025، سينتهي أجل الاتفاق النووي، وبالتالي ستواجه إيران خطر إعادة فرض العقوبات الدولية، وهو ما يحتاج إلى شخصية ذات خبرة مثل سيد عباس عراقتشي.


اقترح الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان، سيد عباس عراقتشي البالغ من العمر 62 عامًا، وزيرًا للخارجية الإيرانية.

لكن يأتي الوزير الذي شارك في صياغة الاتفاق النووي عام 2015، في توقيت حرج، حيث لا تزال تهدد إيران بالانتقام من إسرائيل ردًا على اغتيالها إسماعيل هنية. وفي الوقت نفسه تواجه الجمهورية الإسلامية الكثير من الضغوط للتراجع عن وعيدها.

عراقتشي

سيد عباس عراقتشي

وزير الحكومة الإصلاحية

يأتي انتخاب عراقتشي تماشيًا مع تطلعات الحكومة الإصلاحية الجديدة التي تسعى للتوازن بين الشرق والغرب، والتي رفعت شعار “التنمية في الداخل وخفض التصعيد في الخارج“. ولذلك لا يجب أن تكون مصالح إيران مرهونة بتصفية الحسابات مع إسرائيل أولًا.

ويقول الدبلوماسي السابق، حميد رضا دهقاني، في حوار مع وكالة خبر اونلاين، اليوم الخميس 15 أغسطس 2024، إن عراقتشي الأقرب لوزير الخارجية الراحل، حسين عبداللهيان، إذ سيركز على ملفيّن، الأول الحفاظ على سياسية الأولية لدول الجوار التي أعلنتها حكومة الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي. والثاني يتعلق بملف الحوار مع الغرب الذي هدفه هو رفع العقوبات عن كاهل الاقتصاد الإيراني قبل أي شيء آخر.

لكن يأتي عراقتشي في توقيت صعب، حيث يتنازع الداخل الإيراني بين توجيه صفعة قوية لإسرائيل ردًا على اغتيالها إسماعيل هنية على الأراضي الإيرانية، وهو مطلب التيار المتشدد والحرس الثوري. ومطلب آخر من جانب الإصلاحيين والرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أن يكون الرد لو تحتم مناسبًا ومماثلًا باغتيال شخصية إسرائيلية.

عراقتشي وظريف أثناء اجتماع التوقيع على الاتفاق النووي

عراقتشي وظريف أثناء اجتماع التوقيع على الاتفاق النووي 2015

ليس جليلي ولا ظريف

هناك نظرة سائدة في الإعلام الإيراني أن عباس عراقتشي، لا يحمل شخصية سعيد جليلي الذي فاوض الغرب إبان عهد الرئيس أحمدي نجاد، وهو لا يريد التوصل لاتفاق معه. وكذلك لا يمثل شخصية وزير الخارجية الأسبق الذي عمل معه، محمد جواد ظريف، الذي كان يصر على أولوية التوصل لاتفاق مع الغرب قبل أي شيء.

وبحسب تقرير صحيفة فرهيختكان الإيرانية، فإن عراقتشي قدم برنامجه للبرلمان الإيراني، بحيث يبدو فيه التزامه بمقررات النظام الحاكم وأوامر المرشد الأعلى، فهو يقول إنه ملتزم بقوانين الدولة الإيرانية ودستورها، بما فيها خضوع وزارته لوثيقة رؤية 2025 وخطة التنمية السابعة.

وقد انتقد خبراء أن عراقتشي يريد أن يقدم رؤية تقليدية لعمل وزارة الخارجية بما لا يضعه في صراع مع التيار المحافظ، حتى أنه ربط بين السياسة الخارجية والاقتصاد. بينما واجب وزارة الخارجية ليس تنفيذ الدبلوماسية الاقتصادية، بل تسهيلها. إن كان يسعى إلى مغازلة التيار المحافظ بالشعار الذي رفعه المرشد الأعلى، علي خامنئي تحت مفهوم “الاقتصاد المقاوم”.

عراقتشي مع نصرالله

عراقتشي مع نصرالله

وزير ثوري

يعد عراقتشي من الشخصيات المقربة من المحافظين والإصلاحيين على حد سواء، ولذلك هو شخص مفضل لدى الرئيس بزشكيان الذي يسعى إلى تشكيل حكومة وفاق قبل أن تكون حكومة إصلاحية.

وتاريخ عمل عراقتشي في الحرس الثوري وتقربه من جناحه الخارجي، فيلق القدس، يظهر أنه شخص يحمل قدرًا من الثورية التي تروق للتيار المحافظ والنظام الحاكم.

وحسب تقرير وكالة آنا الإيرانية، أمس الأربعاء 14 أغسطس، فإن عراقتشي أثناء اجتماعه مع لجنة الأمن القومي البرلمانية التي تناقشت معه حول برنامجه الذي تقدم به للحصول على حقيبة وزير الخارجية، أكد على أهمية محور المقاومة كقوة إقليمية لإثبات مكانة إيران الخارجية.

ويبدو أن عراقتشي أراد أن يثبت للبرلمان الذي يسيطر عليه التيار المحافظ، أنه ملتزم بسياسة دبلوماسية الميدان أو الدبلوماسية البطولية التي طالب المرشد الأعلى، خامنئي وزراء خارجية الحكومات السابقة الالتزام بها.

كذلك، الرؤية التي يحملها عراقتشي بأن حل الخلافات بين إيران والولايات المتحدة أمر مستحيل بسبب الخلافات الجوهرية بين الطرفين، تجعله يحافظ على نظرة براجماتية، لذلك قال أمام لجنة الأمن القومي: “نسعى لإدارة الصراع مع واشنطن، لأنه ليس من الممكن حله معها بسبب الخلافات الجوهرية”.

سيد عباس غراقتشي 2

سيد عباس غراقتشي

رجل المرحلة

حسب تقرير موقع ستيمسون الأمريكي، 12 أغسطس، فإن عراقتشي شخصية معروفة في الغرب كأحد كبار المفاوضين في الاتفاق النووي لعام 2015.

ويضيف التقرير، إن الأشهر الخمسة عشر المقبلة سوف تلعب دورًا حاسمًا في السياسة الخارجية الإيرانية والقضية النووية في البلاد.

معللاً، أن في أكتوبر 2025، سينتهي أجل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231، الذي يتضمن نص خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، وبالتالي ستواجه إيران خطر إعادة فرض العقوبات الدولية، وهو ما يحتاج إلى شخصية ذات خبرة مثل سيد عباس عراقتشي.

ربما يعجبك أيضا