منسيون بين الأزمات.. الأفغان يدفعون ثمن التجاهل بعد رحيل أمريكا

بين التجاهل والتعنت.. كيف عرقلت طالبان التقدم في أفغانستان؟

بسام عباس
مواطن أفغاني

بعد 3 سنوات من الرحيل الأمريكي، ما زالت الدول الغربية تربط أي تقدم في تخفيف العقوبات عن أفغانستان، والاعتراف بطالبان، ومقعد في الأمم المتحدة، باستعادة حقوق النساء، وسط تعنت من الحركة التي لم تفعل إلا زيادة القيود.

ولم يعد الغرب يفكر في أفغانستان، فالحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط هي أزمات فورية، والتعامل مع التحديات التي يفرضها صعود الصين هو محور مستمر، بالإضافة إلى الانتخابات الأمريكية، وليس لدى القادة الغربيين ما يكسبونه من تذكير الناخبين بحرب استمرت 20 عامًا وانتهت بهزيمة نكراء.

تجاهل مؤذ

قالت مجلة ” الإيكونوميست”، في مقال نشرته أمس الخميس 15 أغسطس 2024، إن السياسة الخارجية الأمريكية أصبحت متمثلة في إبقاء أفغانستان بعيدة عن عناوين الأخبار، وإبعادها عن مكتب الرئيس، كما يقول “آشلي جاكسون” من معهد التنمية الخارجية، ولم تُنسَ أفغانستان بقدر ما يتم تجاهلها عمدًا.

ومن منظور أمني، فإن القدرة على تجاهل بلد كان مصدرًا لعدم الاستقرار طيلة معظم نصف القرن الماضي تشكل حداثة مرحب بها، كما يلاحظ “جرايم سميث” من مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية أخرى، لكنه يخشى أن “نتجاهل الآن بعض الأمور التي قد تعود لتؤذينا”.

ويعنى تجاهل أفغانستان، تجاهل 44 مليون أفغاني، نصفهم من النساء والفتيات، كما يعني تجاهل 12.4 مليون شخص في حاجة ماسة إلى الغذاء، كما يعني تجاهل أزمة الهجرة الوشيكة، كما يعني تجاهل ويلات تغير المناخ، الذي يؤدي إلى تفاقم الجفاف الدوري في البلاد.

نقطة اتفاق

أوضحت المجلة أن تجاهل الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية ليس بالأمر السهل، ففي الأشهر الـ12 الماضية ضرب أفغانستان زلزال أودى بحياة ما يقرب من 1500 شخص، وسلسلة من الفيضانات المفاجئة التي قتلت مئات آخرين، وتجاهل أفغانستان يعني تجاهل الأمن الدولي أيضًا، فتنظيم “داعش” في ولاية خراسان عدو لحركة طالبان، ونفذ هجمات متعددة في أفغانستان وإيران.

وذكرت أن جيران أفغانستان اتخذوا نهجًا عمليًا، فالصين تستكشف الفرص الاقتصادية، وخاصة في الثروة المعدنية للبلاد، وإيران تريد إبعاد أمريكا، ومناقشة مسألة تقاسم المياه، أما مصلحة باكستان الرئيسة فتتمثل في نزع أنياب حركة طالبان الباكستانية، التي تتخذ من أفغانستان ملاذًا لها، والنقطة الوحيدة التي يتفق عليها الجميع عدم وجود رغبة في تغيير النظام، ولا في تجدد الحرب الأهلية.

حرية المناورة

قالت المجلة، إن عدم الاهتمام بأفغانستان يسمح بقدر من حرية المناورة، فقد نظمت الأمم المتحدة 3 جولات من المحادثات بشأن أفغانستان في قطر بين ما يقرب من 20 قوة عالمية وإقليمية، ولم تُدعَ طالبان إلى الجولة الأولى ورفضت المشاركة في الجولة الثانية، ولكنها حضرت الجولة الثالثة هذا الصيف.

وبعدما وافقت الأمم المتحدة على استبعاد النساء وغيرهن من الأفغان من خارج الحكومة، لم تسفر المحادثات عن نتائج حاسمة، ولكن مجرد المشاركة كانت بمثابة تمريرة للتقدم، ومن غير المرجح أن تمضي المحادثات قدمًا لو كانت الاستبعادات غير اللائقة موضوعًا لاهتمام وسائل الإعلام.

لا أهداف واضحة

أوضحت المجلة أن أفغانستان أصبحت اليوم أكثر أمنًا مما كانت عليه قبل 3 سنوات، ويرجع هذا في الأغلب إلى أن طالبان تدير البلاد الآن، وباتت المستشفيات في المناطق النائية في متناول اليد، وذلك بفضل تحسن الوضع الأمني ​​وإصلاح الطرق، وتحصل العديد من النساء والفتيات على تعليم هادئ من خلال حضور مدارس دينية.

وأضافت ان السيئ يفوق الجيد، فقد تكون المستشفيات في متناول اليد، ولكنها تعاني من نقص التمويل ونقص الموظفين ونقص المعدات، ولا تستطيع النساء الأفغانيات الأكثر فقرًا تحمل تكاليف ما يسمى بالدورات التدريبية، وهن الأكثر تضررًا من حظر التعليم.

وأفادت بأن جيران أفغانستان سعداء بالاهتمام بمصالحهم الخاصة، فيما يتركون الخطابة النبيلة بشأن القيم لأمريكا، وقد أعادت العديد من الدول، بما في ذلك الدول الغربية، تأسيس وجودها على الأرض، متوقفة عن إعادة فتح السفارات رسميًا، لافتة إلى أن العالم الخارجي ليس لديه خطة، ولا أهداف واضحة، ولا يواجه أي ضغوط للتوصل إلى حلول لمشاكل أفغانستان.

ربما يعجبك أيضا