«نتنياهو ومعركة الحقائق».. تأثير التلاعب بالمعلومات على مستقبل إسرائيل

محلل إسرائيلي: تلاعب نتنياهو بالحقائق يهدد مستقبل إسرائيل

شروق صبري
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

تزايد التلاعب بالمعلومات واستخدام الأخبار الزائفة لتحقيق أهداف سياسية، مع التركيز على أمثلة من الولايات المتحدة وإسرائيل، وتأثير ذلك على المجتمع والسياسة والنظام القضائي.


في عصر تتزايد فيه التحديات المعلوماتية، أصبح التمييز بين الحقيقة والباطل أمرًا بالغ الصعوبة، ومع انتشار الأخبار الزائفة والتلاعب بالحقائق لأغراض سياسية واجتماعية، نجد أنفسنا أمام عدة أسئلة.

هل نحن على وشك فقدان الحقيقة كقيمة مطلقة؟ هل يمكن للمجتمعات أن تبقى متماسكة ومنظمة في ظل هذا التشويه المستمر للحقيقة؟ هذا التقرير يستعرض هذه الظاهرة ويبحث في تأثيراتها العميقة على النظام السياسي والاجتماعي، مع التركيز على أمثلة واقعية من الساحة الدولية.

تفشي الأكاذيب.. ترامب مثال

شهدت السنوات الأخيرة تحولًا مقلقًا، حيث أصبحت الحقيقة سلعة يمكن تشكيلها وتعديلها حسب الأهواء السياسية، وهذا التحول لم يقتصر على أماكن معينة بل انتشر على نطاق عالمي، على سبيل المثال، في عام 2017، زعمت مستشارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أن عدد الحضور في مراسم تنصيبه كان أكبر من أي حفل تنصيب سابق.

وفي تحليل له، أشار المحلل العسكري الإسرائيلي، بن كاسبيت، إلى أنه عندما عُرضت الصور التي تثبت عكس ذلك، لم تعتذر بل تمسكت بما أسمته “الحقائق البديلة”، هذه الظاهرة ليست مقتصرة على الولايات المتحدة، بل امتدت لتؤثر على مستويات متعددة من السياسة والمجتمع حول العالم. حسب صحيفة “معاريف” العبرية، اليوم الجمعة 16 أغسطس 2024.

السياسة والمجتمع

قال بن كاسبيت: “ما كان يعتبر نكتة في البداية تحول إلى واقع مزعج، منذ ذلك الوقت، أصبحنا نشهد تفشيًا سريعًا للظواهر التي تهدد الاستقرار العالمي، ومن بين هذه الظواهر، تزايد دور الشائعات والأخبار الزائفة وتفشي نظريات المؤامرة التي تهدد سلامة المجتمعات، وقد وصف المنتدى الاقتصادي العالمي هذا الانتشار بأنه التهديد الأكبر للبشرية”.

في إسرائيل، الوضع بات أكثر حدة، التلاعب بالحقائق واستخدام المعلومات المضللة أصبح أسلوبًا سياسيًا معتمدًا، يتجلى ذلك بوضوح في القضايا السياسية مثل مزاعم الفساد ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث يتم استخدام الأخبار الكاذبة لتوجيه الرأي العام وتحقيق أهداف سياسية معينة، حسب بن كاسبيت.

التأثير على إسرائيل

يرى المحلل العسكري الإسرائيلي أن التطورات بشأن الأكاذيب والحقائق البديلة لم تقتصر على السياسة الأمريكية فقط، بل تأثرت بها أيضاً إسرائيل بشكل ملحوظ، في السنوات الأخيرة، أصبحت الأكاذيب أداة سياسية تُستخدم لتغيير الروايات وصناعة واقع بديل، في الوقت نفسه، أصبحت الحقيقة مجرد بضاعة يمكن تعديلها وفقًا لمصالح سياسية.

ويذكر بن كاسبيت أنه منذ وقت ليس ببعيد، دار النقاش عن تحويل الأموال القطرية إلى حماس على مر السنوات، في برنامج تلفزيوني على قناة 14 الإسرائيلية، تم الحديث عن “حكومة الظل” التي هي المسؤولة عن نقل الأموال، وتجاهل دور رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في هذا الأمر، وفقًا لهذا التفسير، نتنياهو هو الضحية وليس الجاني.

المحلل العسكري الإسرائيلي في صحيفة معاريف العبرية بن كاسبيت

المحلل العسكري الإسرائيلي في صحيفة معاريف العبرية بن كاسبيت

أمثلة التلاعب بالحقائق

وفق بن كاسبيت، تشهد إسرائيل توترات سياسية متزايدة نتيجة لتلاعب المعلومات، فعلى سبيل المثال، هناك مزاعم متكررة بأن نتنياهو كان ضحية لمؤامرات وأنه لا علاقة له بالقضايا المرفوعة ضده، في بعض الأحيان، يتم تبرير أفعاله أو نقل المسؤولية عن المشكلات إلى جهات أخرى.

ويدلل بن كاسبيت على ذلك فيقول: “في الأوساط الإعلامية، هناك حالات مماثلة تتعلق بمحاكمات الفساد التي يتورط فيها قادة سياسيون، حيث يتم تحريف الحقائق أو إنكارها بشكل يهدف إلى حماية هؤلاء الأفراد أو تحويل اللوم إلى آخرين”.

تفاصيل القضايا القانونية

أشار المحلل العسكري الإسرائيلي إلى قضايا الفساد الأخرى مثل قضية “3000” الخاصة بالغواصات، وقضية “4000” تشير إلى تزايد التشكيك والتشويه للحقائق، حتى عندما تكون هناك أدلة واضحة، مثل التقارير والمستندات الرسمية، فإن الروايات البديلة والضغط السياسي يجعل من الصعب الوصول إلى الحقيقة.

وأضاف، على سبيل المثال، في قضية الغواصات، تعتبر الرواية الحالية أن نتنياهو ليس له علاقة مباشرة، رغم الأدلة التي تشير إلى خلاف ذلك، حسب ما نشرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية.

قضية “التعامل مع السجناء”

فيما يخص قضية الاتهامات بالتعامل السيئ مع سجناء حماس، يتم التركيز على تشويه سمعة القضاة العسكريين، مثل حملة التحريض ضد المدعية العامة العسكرية في إسرائيل سابقًا، يفعات تومر. حيث تم تشويه سمعتها بناءً على مزاعم كاذبة تهدف إلى التأثير على سير التحقيقات، حسب بن كاسبيت.

التحقيقات الرسمية لا تشير إلى وجود تلاعب أو تزوير، ولكن بعض الأطراف تستمر في نشر ادعاءات غير مدعومة بالأدلة، هذا يؤدي إلى تشكيك واسع في المؤسسات القانونية والأمنية.

مع تقدم الزمن، أصبح من الصعب التمييز بين الحقيقة والخيال، خاصة في ظل استمرار انتشار المعلومات المضللة، هذه الظاهرة تمثل تهديدًا كبيرًا ليس فقط على مستوى الأفراد، بل أيضًا على مستوى المؤسسات الوطنية والدولية.

صعود خطاب الكراهية

أخيرًا، يتطرق بن كاسبيت إلى دور الشخصيات العامة مثل الوزير دودي أمسالم، المسؤول عن الاتصال بين الحكومة والكنيست، في نشر خطاب الكراهية، وتصريحاته عن تلقي المدفوعات لنشر الكراهية تعكس مدى تأثير هذا الخطاب على المجتمع الإسرائيلي.

وتابع بن كاسبيت: “الوضع الحالي يتطلب من الجميع أن يكونوا واعين للتلاعب بالحقائق، مع تفشي الأكاذيب وتزايد التشكيك في كل ما هو موثق، يجب أن يكون لدينا قدرة على التمييز بين الحقيقة والخيال، إذ أن الحفاظ على نظام اجتماعي عادل يتطلب اليقظة والالتزام بالحقائق والشفافية”.

ربما يعجبك أيضا