المدارس.. بؤرة توتر جديدة بين تركيا وفرنسا

عبدالمقصود علي
مدرسة شارل ديغول الثانوية في أنقرة

منذ أيام هناك جدل واسع حول مدرستين فرنسيتين في تركيا، تريد وزارة التربية والتعليم تطبيق المنهج التركي فيهما. وترى أن غالبية التلاميذ في المدرستين أتراك مما يخالف الغرض من إنشائهما.


أصدرت الحكومة التركية الأسبوع الماضي قرارًا يقضي بمنع المؤسسات الفرنسية في البلاد من تسجيل طلاب أتراك جدد، اعتبارًا من العام الدراسي المقبل، إذ تطالب أنقرة بأن تكون قادرة على إنشاء مدارسها الخاصة بباريس.

وقالت صحيفة “لاكروا” الفرنسية، قبل 3 أسابيع من بدء العام الدراسي، اتخذت السلطات التركية قرارًا جذريًا: حظر أي تسجيل جديد للأطفال الأتراك في المدارس التي تخضع لنظام التعليم الفرنسي في الخارج، داخل البلاد.

صدمة

نظرًا لمزدوجي الجنسية، فسيكون لهذا الإجراء تأثير على 70% إلى 80% من حوالي 4000 طالب يتلقون تعليمهم في المدارس الفرنسية بتركيا، بحسب الصحيفة، وعلى الرغم من أن أولئك المسجلين بالفعل في مؤسسة ما سيتمكنون من إكمال تعليمهم هناك، لكن لن يتم السماح بتغييرات في المؤسسة، خاصة فيما يتعلق بالانتقال من رياض الأطفال إلى المرحلة التالية.

وتقول ماري روز كورو، مستشارة الفرنسيين الذين يعيشون في الخارج: “إنها صدمة للعديد من العائلات، المتواضعة في كثير من الأحيان، التي ستتعرض لهذا العقاب”.

وأضافت: “على عكس ما قد يعتقده المرء، فإن مدارسنا لا تقوم فقط بتعليم أبناء النخبة التركية. فهي تستقبل العديد من الأطفال من عائلات متواضعة عادوا إلى تركيا منذ عدة سنوات، لكن آباءهم نشأوا في فرنسا وغالبًا ما يشعرون بأهم فرنسيون أكثر من الأتراك، ويمكنهم، بفضل المنح الدراسية، الاستفادة من التعليم الجيد”.

دولة ذات سيادة

تشير “لاكروا” إلى أن تركيا تطالب منذ عدة سنوات بأن تكون المقررات التي يتم تدريسها في المؤسسات الفرنسية “متوافقة” مع المناهج الرسمية للدولة التركية، وأن يتم تدريس مقررات اللغة والتاريخ والحضارة التركية من قبل مدرسين معينين من قبل وزارة الخارجية التركية.

وتؤكد أن المقررات الدراسية في المؤسسات الخمس المعنية (المدرستان الثانويتان الفرنسيتان في إسطنبول وأنقرة، ومدرستان في إسطنبول وواحدة في أنقرة) تطبق برنامج التعليم الوطني الفرنسي، على عكس المؤسسات الأخرى الناطقة بالفرنسية في البلاد (مثل مدرسة جلطة سراي الثانوية المرموقة في إسطنبول).

وذكرت الصحيفة أنه بالنسبة للمدرسة الأخيرة تم دمجها في النظام التركي منذ عدة سنوات، حيث تعزيز الإسلام السياسي، ورؤية خاصة للتاريخ (مثل الإبادة الجماعية للأرمن، الموجودة في المقرارات الفرنسية والغائبة تمامًا عن المقررات التركية). وتوترت المفاوضات بشأن المدارس بين فرنسا وتركيا فجأة بداية هذه الصيف، حيث قال وزير التعليم “نحن لسنا مثل البلدان التي استعمرتها فرنسا. نحن دولة ذات سيادة”، منددة بشكل خاص بـ”غطرسة” باريس.

مدارس تركية بفرنسا

“إذا كنتم تريدون تقديم التعليم هنا، فستعملون وفقًا لشروطنا”، يتابع الوزير الذي اعتبر أن المدارس الفرنسية “أنشئت لأبناء موظفي البعثات الدبلوماسية، لكنها بدأت في قبول الطلاب الأتراك. وهذا مخالف للقانون”.

ولطالما أرادت تركيا إنشاء مدارسها الخاصة بباريس، وهو ما تعارضه الحكومة الفرنسية. ففي عام 2019 قال جان ميشيل بلانكير، وزير التربية الوطنية آنذاك: “يعلم الجميع أن تركيا لديها منطق خاص. لقد أدارت ظهرها للعلمانية التي ميزت تاريخها لعقود من الزمن، وهي تنخرط في منطق الأصولية الإسلامية، يجب أن نكون واضحين تمامًا بشأن هذه القضية، وبالتالي فأنا يقظ للغاية”.

وبالنسبة لماري روز كورو، فإن الأمر الملح اليوم هو إيجاد حل لـ 300 طالب في رياض الأطفال الذين كان من المقرر أن يعودوا إلى المؤسسات الفرنسية في بداية سبتمبر. وأوضحت قائلة: “هناك كل شيء: الفصول الدراسية، والمعلمون… ولكن تم إلغاء التسجيلات بأثر رجعي من قبل الوزارة”، معربة عن أملها أن تؤتي المساعي الحميدة التي يبذلها أولياء أمور الطلاب الأتراك المتفوقين ثمارها.

وتضيف نود على الأقل أن نكون قادرين على الاستفادة من الاستمرارية بين الحضانة والمرحلة الابتدائية، مؤكدة أيضًا أن “أي حل بديل، مثل التعلم عن بعد عبر  Cned، سيسمح لطلاب بمواصلة الاستفادة من منحهم الدراسية”.

ربما يعجبك أيضا