لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.. إسرائيل تُفضل حربًا شاملة ضد حزب الله

التوغل في لبنان.. هل تفضل إسرائيل مواجهة عسكرية شاملة مع حزب الله؟

أحمد الحفيظ
حزب الله اللبناني

في ظل التوترات المستمرة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، تثار تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل تفضل الدخول في حرب شاملة مع الحزب، بدلاً من الاكتفاء بالردود المحدودة أو العمليات الجراحية.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الأحد 18 أغسطس 2024، فأنه على الرغم من المخاطر الهائلة التي قد تنجم عن مواجهة عسكرية واسعة النطاق، فإن هناك عدة عوامل قد تدفع إسرائيل إلى تفضيل خيار الحرب الشاملة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

تحييد التهديد الأمني المستمر

منذ انتهاء حرب لبنان الثانية في عام 2006، ظل حزب الله يشكل تهديدًا دائمًا على أمن إسرائيل، حيث طوّر الحزب ترسانة ضخمة من الصواريخ التي يمكن أن تصل إلى عمق الأراضي الإسرائيلية. تقدر بعض التقارير أن حزب الله يمتلك أكثر من 100 ألف صاروخ، بعضها قادر على ضرب تل أبيب والمدن الإسرائيلية الكبرى.
أمام هذا الخطر المتنامي، قد ترى إسرائيل في الحرب الشاملة وسيلة لتوجيه ضربة قاصمة لقدرات حزب الله العسكرية، وتحقيق ما تسميه “تحييد التهديد الأمني المستمر”.

 ما وراء نهر الليطاني

من الأهداف الاستراتيجية الأساسية لإسرائيل في أي حرب شاملة محتملة مع حزب الله هو إبعاد قوات الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني.
يعتبر نهر الليطاني حاجزًا جغرافيًا طبيعيًا يمتد عبر جنوب لبنان، وقد يكون إبعاد حزب الله عن المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية، وتقليص وجوده العسكري جنوب النهر، من الأولويات الرئيسية لإسرائيل.

هذا التحرك من شأنه أن يحد من قدرة الحزب على شن هجمات صاروخية مكثفة على شمال إسرائيل، ويعزز أمن المستوطنات والمدن الحدودية، بالإضافة إلى ذلك، سيقلل هذا التحرك من تهديد الأنفاق الهجومية التي قد يستخدمها حزب الله في حال اندلاع نزاع، مما يوفر عمقًا استراتيجيًا أكبر لإسرائيل ويجعل أي هجوم مستقبلي أكثر صعوبة على الحزب.

إسرائيل ترى أن تحقيق هذا الهدف قد يعيد تشكيل التوازن العسكري في جنوب لبنان، ويفرض واقعًا جديدًا يمكنها من خلاله تعزيز أمنها القومي بشكل مستدام.

ضرب النفوذ الإيراني في المنطقة

إسرائيل تعتبر حزب الله ذراعًا عسكريًا لإيران في المنطقة، ويشكل وجود الحزب في لبنان جزءًا من استراتيجية إيران لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط.
في هذا السياق، قد تكون الحرب الشاملة فرصة لإسرائيل لتوجيه ضربة مزدوجة، تقليص نفوذ إيران في لبنان وسوريا، وإضعاف القدرات العسكرية لحزب الله بشكل يحد من تهديده لإسرائيل على المدى الطويل.

استعادة الردع

الردع هو أحد الأعمدة الأساسية في العقيدة الأمنية الإسرائيلية، ومنذ حرب 2006، تعتقد إسرائيل أن قدرتها على ردع حزب الله قد تآكلت، خاصة مع تزايد قوة الحزب العسكرية وتطور قدراته الهجومية والدفاعية.
وقد تسعى إسرائيل إلى إعادة بناء قوة ردعها من خلال عملية عسكرية واسعة النطاق تهدف إلى توجيه رسالة قوية لحزب الله وللدول المجاورة بأن أي تهديد لأمن إسرائيل سيُقابل برد ساحق، كما أن حرب شاملة، في هذا السياق، يمكن أن تُعتبر وسيلة لاستعادة التوازن الردعي في المنطقة.

السيطرة على الأوضاع الداخلية في لبنان

يعاني لبنان من أزمات اقتصادية وسياسية عميقة، وتعتبر إسرائيل أن حزب الله جزء من هذه الأزمات بسبب سيطرته الكبيرة على مؤسسات الدولة اللبنانية.
حرب شاملة يمكن أن تستهدف ليس فقط قدرات حزب الله العسكرية، ولكن أيضًا نفوذه السياسي داخل لبنان، من خلال إضعاف حزب الله، قد تسعى إسرائيل إلى خلق واقع سياسي جديد في لبنان يكون أكثر توازنًا وأقل تهديدًا لأمنها.
هذا الهدف قد يتماشى مع رغبة إسرائيل في رؤية حكومة لبنانية مستقلة عن النفوذ الإيراني، مما يسهم في استقرار طويل الأمد على حدودها الشمالية.

استباق الحرب

من منظور إسرائيلي، الحرب مع حزب الله قد تكون حتمية في المستقبل القريب، إذا كانت الحرب قادمة لا محالة، فقد تفضل إسرائيل المبادرة بشن هجوم شامل بدلاً من انتظار أن يبادر حزب الله بالهجوم.
وعلى الرغم من المخاطر الكبيرة والتداعيات الإنسانية والسياسية التي قد تنجم عن حرب شاملة مع حزب الله، ترى إسرائيل في هذا الخيار وسيلة لتحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى.

ربما يعجبك أيضا