بعد توقف الشغب بالمملكة المتحدة.. ستارمر يتنتظر التحدى الأصعب

هل تستطيع بريطانيا السيطرة على أزمة الهجرة بعد إخماد الشغب؟

شروق صبري
رئيس الوزراء كير ستارمر

رغم أن الحكومة تمكنت من احتواء أعمال الشغب، يبقى التحدي الأكبر هو معالجة الأسباب الأساسية للهجرة غير القانونية وتحقيق التوازن بين خفض الهجرة وتجنب الأضرار الاقتصادية المحتملة.


تمكنت الحكومة البريطانية الجديدة من وقف أعمال الشغب الأخيرة المعادية للهجرة من خلال اعتقال ومحاكمة مئات الأشخاص الذين شاركوا في أسبوع كامل من العنف.

شمل العنف تدمير المساجد ومحاولات إشعال النار في فنادق تأوي المهاجرين. وكانت هذه الأعمال العنيفة بمثابة اختبار صعب لرئيس الوزراء كير ستارمر، الذي تولى السلطة الشهر الماضي بعد فوز حزبه العمال بأغلبية ساحقة. ينسب إليه الفضل في إعادة النظام للشوارع بسرعة.

التحدي الأصعب لستارمر

بالنسبة لستارمر، فإن المهمة الأصعب هي معالجة الأسباب الجذرية لأعمال الشغب، وخاصة الوفاء بالوعود بخفض مستويات الهجرة القانونية وغير القانونية التي بلغت أرقامًا قياسية في السنوات الأخيرة، ما حوّل قضية الهجرة إلى أحد أهم قضايا الناخبين في وقت يشهد ضعفًا في النمو الاقتصادي. حسب ما نشرت جيروزاليم بوست الأمريكية اليوم الاثنين 19 أغسطس 2024.

أظهر استطلاع رأي أجراه معهد “يوغوف” أن أكثر من نصف البريطانيين يرون أن “الهجرة واللجوء” من القضايا الرئيسية التي تواجه البلاد، ما يقترب من مستوى القلق بشأن الاقتصاد. هذا أعلى مستوى من القلق بشأن الهجرة منذ عام 2016، عندما صوتت المملكة المتحدة على مغادرة الاتحاد الأوروبي جزئيًا بسبب مخاوف من زيادة الهجرة من أوروبا الشرقية.

ارتفاع الهجرة بعد بريكست

منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، ارتفعت الهجرة رغم الوعود المتكررة من الحكومات المحافظة بتقليلها. ساهم هذا الفشل في صعود حزب الإصلاح المعادي للهجرة، الذي حصل على 14% من الأصوات في الانتخابات الأخيرة، ما يعكس صعود دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة في فرنسا وهولندا وألمانيا.

منذ عام 2000، تضاعفت نسبة السكان المولودين خارج المملكة المتحدة لتصل إلى 17%، وهي نسبة أعلى من 14% في الولايات المتحدة. أكثر من 40% من سكان لندن البالغ عددهم تسعة ملايين نسمة ولدوا في الخارج.

قلق من زيادة الهجرة

بدأت أعمال الشغب بعد حادثة طعن 3 فتيات صغيرات في ساوثبورت، بالقرب من ليفربول، والتي تم نسبها زورًا عبر الإنترنت إلى مهاجر دخل البلاد بشكل غير قانوني. كانت المشاهد صادمة لبريطانيا.

حشود تحاول إشعال النار في فندق يُعتقد أنه يستضيف مهاجرين، والهجوم على سيارة تقل ممرضتين فلبينيتين في طريقهما إلى العمل، ودموع مهاجر نيجيري جاء للعمل كممرض بعدما أُحرقت سيارته.

أعمال الشغب في بريطانيا

أعمال الشغب في بريطانيا

اندلاع الغضب العنصري

تشكلت هذه الأحداث لتكون أكبر اندلاع للغضب العنصري في بريطانيا منذ الثمانينيات، وجعلت العديد من مجموعات الأقليات في البلاد يتساءلون عن مدى ترحيبهم في مجتمع يُفترض أنه متسامح ويزداد تنوعًا. عزا ستارمر العنف إلى “بلطجة اليمين المتطرف”.

لكن بعض المحللين السياسيين يحذرون من أن لوم العنصرية فقط قد يكون خطأ، مشيرين إلى أن هناك دعمًا أوسع لأعمال الشغب. رغم أن معظم البريطانيين عارضوا العنف، إلا أن 7% منهم أعربوا عن تأييدهم للشغب بدرجات متفاوتة، وعبّر كثيرون عن قلقهم من سرعة الهجرة وقدرة البلاد على استيعاب المهاجرين.

التحديات الاقتصادية

على عكس الولايات المتحدة، لم تكن بريطانيا تاريخيًا دولة هجرة. حتى التسعينيات، كان عدد المهاجرين الذين يغادرون البلاد يعادل عدد الوافدين، ما حافظ على استقرار الهجرة الصافية عند الصفر. لكن مع بداية التسعينيات، بدأ عدد الوافدين يتجاوز عدد المغادرين، وتسارع ذلك مع زيادة الهجرة القانونية من الاتحاد الأوروبي.

كان متوقعًا أن يقلل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الهجرة القانونية نظرًا لأن معظم مواطني الاتحاد لم يعودوا قادرين على العيش في المملكة المتحدة دون تأشيرة.

أكبر من المهاجرين

لكن القواعد الجديدة سمحت بدخول أعداد أكبر من المهاجرين من أجزاء أخرى من العالم، ما أدى إلى زيادة صافية في الهجرة القانونية لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 764,000 في عام 2022 قبل أن تنخفض قليلاً إلى 685,000 في 2023 .

فيما يتعلق بالهجرة غير القانونية، زادت الأعداد بشكل ملحوظ مع محاولة المهاجرين عبور القناة الإنجليزية في زوارق مطاطية. رغم التخلي عن خطة الحكومة السابقة لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، تعهدت حكومة ستارمر بتفكيك عصابات التهريب وتسريع معالجة طلبات اللجوء.

ربما يعجبك أيضا