صحيفة فرنسية: هجوم أوكرانيا على كورسك خطوة نحو المجهول

عبدالمقصود علي
الهجوم الأوكراني في منطقة كورسك الروسية

الجيش الأوكراني يريد استغلال توغله في الأراضي الروسية، في منطقة كورسك، لإعادة إطلاق مفاوضات السلام مع موسكو.


هجوم القوات الأوكرانية على أراضي روسيا خلال الأسبوعين الماضيين يعد خطوة نحو المجهول، فلم يعد ممكنًا للرئيس فلاديمير بوتين التظاهر بأن عمليته الخاصة بأوكرانيا تحت السيطرة، كما أن كييف من خلال الخطوة يمكنها التتسبب في انتشار الصراع وخروجه عن السيطرة.

هذا ملخص ما كتبه “سيفيرن هوسون” في مقالة بصحيفة “لا كروا” الفرنسية، أشار فيها إلى أن المقربين من الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يرون أن الهدف من التوغل في كورسك هو إجبار موسكو على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بهدف الحصول على سلام عادل.

ثمن الحرب

قال هوسون، في التقرير، الذي نشرته الصحيفة اليوم الثلاثاء 20 أغسطس، إن الشهادات التي جمعتها “لا كروا” لا تترك مجالًا كبيرًا للشك فيما يتعلق بحجم العملية، وتتيح الاقتراب من محنة وغضب الأشخاص النادرين الذين ما زالوا يعيشون في هذه الأراضي، حيث اختفى أي وجود للدولة، وتذكروا أن المدنيين، وخاصة أفقرهم، هم أول من يدفع ثمن الحرب.

وأكد الخبراء العسكريون البعد التكتيكي والنفسي لهذا الهجوم، إذ طرحوا أسبابًا مختلفة لتبريره: تخفيف الضغط في دونباس من خلال إجبار موسكو على إعادة نشر جزء من قواتها في أماكن أخرى؛ وإنشاء “منطقة عازلة” لوقف القصف على الأراضي الحدودية الأوكرانية؛ ورفع معنويات السكان بعد عدة أشهر من التراجع البطيء لكنه مستمر على الجبهة الشرقية.

ومن خلال التصرف بهذه الطريقة، تخاطر كييف بشدة وقد تتسبب في انتشار الصراع ويصبح خارج نطاق السيطرة، بحسب الكاتب، لكن حاشية الرئيس زيلينسكي تدعي أيضًا أن الهدف من هذا التوغل هو إجبار موسكو على الجلوس “على الجانب الآخر من الطاولة” بهدف الحصول على “سلام عادل” – في حين أن المناقشات بين المعسكرين متوقفة منذ ربيع عام 2022.

ضجيج القنابل

“دعونا نصر على أنه من الضروري ألا يختفي هدف السلام تحت ضجيج القنابل، يتابع هوسون، ولن يكون لهذه الجبهة الجديدة أي معنى إلا إذا أدت إلى زيادة احتمالات فتح باب المفاوضات من خلال جعل فلاديمير بوتين يفهم أنه ليس من مصلحته مواصلة الحرب، فعليك أن تعمل على ذلك دون سذاجة، ولكن بمثابرة.

أما في كييف، لا يزال السكان يأملون في تحقيق النصر النهائي، وفقًا لاستطلاعات الرأي، كما أن الأغلبية تعارض التخلي عن الأراضي مقابل معاهدة سلام (55%)، حتى لو استمر هذا العدد في الانخفاض منذ بداية الحرب، حسبما يشير معهد كييف لعلم الاجتماع.

وبحسب الباحثة يوليا شوكان، المحاضرة في جامعة باريس نانتير: “لن يتمكن الرئيس زيلينسكي من تقديم تنازلات دون دعم المجتمع الأوكراني”. كما أعلن رئيس الدولة أن خطة السلام المحتملة ستخضع للاستفتاء.

مشاكل كثيرة

في هذه الأثناء، يلتزم كل طرف بمطالبه، ويشير أحد المراقبين، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أنه ” رسميًا، يقول المحاورون إنهم لا يريدون التخلي عن أي شيء، لا شبه جزيرة القرم ولا دونباس ولكننا نشعر بتزايد شكل من أشكال الاستسلام بين البعض”.

ويوضح “هم يشعرون بأنهم قادرون على الدفاع عن أنفسهم ولكن ليس على استعادة الأراضي المفقودة، والتي يتم الدفاع عنها بقوة. وبالإضافة إلى ذلك، يواجه الجيش مشاكل تجنيد كبيرة، وتتساءل الحكومة أيضًا عن قدرة شبكة الكهرباء ، التي تضررت بنسبة 80% بسبب الصواريخ الروسية، على الصمود في شتاء آخر”.

عدم اليقين

مصدر آخر للقلق هو مستقبل الدعم العسكري الغربي، فبالإضافة إلى حالة عدم اليقين الأمريكية، أرسلت ألمانيا، ثاني أكبر مقدم للمساعدات بعد الولايات المتحدة، إشارة سيئة للغاية في هذا الصدد من خلال خفض تمويلها لصالح كييف إلى النصف اعتباراً من عام 2025.

كما أن فرنسا والمملكة المتحدة، التي يعد دعمهم منخفض للغاية، يواجهون بالفعل صعوبة في الوفاء بوعودهم. ويقول ليو بيريا بينييه، الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، والعائد من أوكرانيا: “لقد قدمت الدول الأوروبية الأخرى بالفعل كل ما يمكنها تقديمه، ولن تكون قادرة على فعل المزيد”.

ربما يعجبك أيضا