إعادة الأحياء أصعب.. هل تفضل إسرائيل استعادة أسراها جثثًا؟

إسراء عبدالمطلب
إسرائيل تستعيد أسراها جثث

قالت صحيفة وول ستريت جورنال، إنه بناءً على الأدلة المتاحة خلصت لجنة استخباراتية إلى أن أكثر من 40 أسيرًا إسرائيليًا لقوا حتفهم.

ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي لم تكشف عن اسمه، كيفية استعادة محتجزيهم سواء كانوا أحياءً أو جثثًا، وكشف تقرير الصحيفة أن اكتشاف الجثث في الشهر الماضي تم بعد أن زود فلسطيني اعتقلته القوات الإسرائيلية في غزة الجنود بمعلومات حول موقع البحث.

 

إسرائيل تستعيد 6 جثث من أسراها في غزة| شبكة رؤية الإخبارية

إسرائيل تستعيد 6 جثث من أسراها في غزة| شبكة رؤية الإخبارية

استعادة الجثث وليس الأحياء

نقلت الصحيفة عن جندي احتياطي من الفرقة 98 العسكرية الإسرائيلية قوله: “من الصعب التخلص من الرائحة من ذهنك.. إنها تجربة نفسية أيضًا لأنك تعرف أنها رائحة إنسان”، وأشار التقرير إلى أن مثل هذه العمليات أصبحت أكثر تواترًا يوم الثلاثاء 20 أغسطس 2024، وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن استعادة جثث 6 محتجزين من خان يونس في عملية مشابهة لتلك التي وقعت في يوليو. في المجموع، انتشلت إسرائيل 30 جثة.

ومع ذلك، تظل عمليات إنقاذ الرهائن الأحياء نادرة لأنها تتطلب معلومات استخباراتية مفصلة ولأن هناك الكثير من المخاطر، وأسفرت هجمات 7 أكتوبر على إسرائيل عن مقتل 1200 شخص واحتجاز حوالي 250 كرهائن، وفقًا للسلطات الإسرائيلية، وحتى الآن تمكنت إسرائيل من إنقاذ 7 محتجزين أحياء، بينما يصر معظم مسؤولي الأمن على أن الاتفاق هو السبيل الوحيد للإفراج عن الـ105 الباقين، والذين يُعتقد أن العديد منهم قد توفوا بالفعل.

كيف تستعيد إسرائيل أسراها؟

بعد الفوضى التي أعقبت الهجوم، لم تتمكن إسرائيل من تحديد مصير الآلاف من المفقودين، سواء كانوا مختطفين أو قتلى، بعد أكثر من 10 أشهر، ونتيجة لعملية عسكرية مكلفة أسفرت عن مقتل أكثر من 40,000 شخص في غزة، وفقًا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، بدأت إسرائيل في استخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لتجميع أجزاء اللغز من خلال تحليل الأجهزة الإلكترونية المضبوطة واستجواب المعتقلين.

وتم تحقيق تقدم كبير بفضل التعاون بين الوكالات الأمنية الإسرائيلية المختلفة، إذ تم استخراج كميات هائلة من بيانات حماس من الحواسيب والهواتف المحمولة والوثائق المضبوطة في غزة، واستخدمت إسرائيل الذكاء الاصطناعي لفحص تلك البيانات، مع دعم أمريكي عزز من قدراتها في استخبارات الإشارات. بالإضافة إلى ذلك، كان للاستخبارات البشرية، التي جُمعت من الفلسطينيين المعتقلين ومن أولئك الذين يقدمون المعلومات للقوات الإسرائيلية، دور أساسي في هذه الجهود.

مصير الأسرى

أشار الجنرال الإسرائيلي المتقاعد، إسرائيل زيف، إلى أن الجثث كانت هناك لعدة أشهر، وأن جمع الصورة الكاملة وتنفيذ المهمة تطلب وقتًا، ولعبت خبيرة المعلومات من جامعة ريخمان، كارين نهون، دورًا محوريًا في تنظيم فريق من المتطوعين لمسح وسائل التواصل الاجتماعي وتطوير خوارزميات لفحص 200 ألف مقطع فيديو في محاولة لتحديد المفقودين، وشارك الفريق نتائجه مع المسؤولين الاستخباريين رغم العقبات في البداية بسبب غياب دعم الدولة.

وبعد أسبوعين من هجمات 7 أكتوبر، شُكّلت لجنة من الخبراء لمراجعة المعلومات الاستخباراتية السرية لتحديد مصير الأسرى بناءً على الأدلة المتاحة، خلصت اللجنة إلى أن أكثر من 40 رهينة قد لقوا حتفهم. وتم إنشاء مديرية الاستخبارات الخاصة بقيادة الجنرال نيتسان ألون، الذي شارك أيضًا في مفاوضات الرهائن، لجمع وتحليل المعلومات حول الرهائن وأماكن وجودهم، وساعدت هذه المديرية في تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الأجهزة الأمنية المختلفة.

من أين تحصل إسرائيل على المعلومات؟

تلقت إسرائيل أيضًا مساعدة من الولايات المتحدة، التي زادت من اعتراض المكالمات الهاتفية في غزة في الأيام التي أعقبت الحرب، ما ساعد إسرائيل في تحديد مواقع احتجاز الرهائن.

وقال زيف إن العملية البرية في غزة كانت مفيدة في تحسين جهود المخابرات، إذ وفرت معلومات من الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والوثائق. كما سمحت العملية البرية لإسرائيل بالحصول على معلومات من سكان غزة الذين يقدمون معلومات استخباراتية أو من خلال استجواب السجناء.

ومع ذلك، لا يزال التحدي الأكبر هو أن الأسرى موزعون في جميع أنحاء قطاع غزة ويتم نقلهم باستمرار، ما يجعل تحديد مواقعهم أمرًا صعبًا. أفادت الرهينة المحررة، أفيفا سيجل، بأنها كانت محتجزة في 13 موقعًا مختلفًا خلال 51 يومًا قضتها في غزة.

مواقع متعددة ومعقدة

رغم التحديات، فإن تحديد أماكن جثث الأسرى يعد مهمة معقدة، خاصة أن الجثث غالبًا ما يتم إخفاؤها بعناية. في ديسمبر الماضي، عُثر على جثتي رهينتين داخل أكياس قمامة في نفق شمال غزة، ورغم التقدم في جمع المعلومات الاستخباراتية، فإن إسرائيل لا تختار دائمًا تنفيذ عمليات الإنقاذ، مفضلة المفاوضات كخيار أكثر أمانًا لعودة الرهائن.

ومع ذلك، تبقى عملية استعادة جثث الرهائن المتوفين تحديًا كبيرًا بسبب تعمد حماس إخفاءها في مواقع متعددة ومعقدة. كما قال مسؤول استخباراتي إسرائيلي سابق: “معظم الرهائن لن يعودوا بدون اتفاق، ولا توجد طريقة لمعرفة تفاصيل مكان الرهينة، ومكان وجود الحراس، ومكان النافذة”.

4 معوقات أمام الهدنة

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي بحركة فتح، الدكتور أيمن الرقب، إنه يوجد 5 معوقات رئيسة في مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، ومن بين هذه القضايا:

  1. عودة النازحين من الشمال إلى الجنوب، حيث تفرض إسرائيل شروطًا لفحص العائدين، بينما يستخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حجة عدم السماح بعودة المسلحين، رغم علمه بوجودهم تحت الأرض، كوسيلة لإبقاء القوات الإسرائيلية في محور نتساريم الذي يعتبره نقطة استراتيجية إذ يأمل نتنياهو أن يستمر النزاع حتى بعد تنفيذ المرحلة الأولى من التسوية.
  2. ترغب إسرائيل في الحصول على قائمة بأسماء الأسرى الأحياء، بينما تصر حماس على تقديم قائمة بالأسماء، سواء أحياء أو أموات.
  3. تطالب إسرائيل أيضًا بأن يكون لها حق الاعتراض على بعض السجناء الفلسطينيين الذين قد يتم إطلاق سراحهم، كما ترفض حماس فكرة نفي الأسرى الفلسطينيين إلى دول أخرى، مفضلة أن يتم الإفراج عنهم داخل الأراضي الفلسطينية.
  4. انسحاب الاحتلال من قطاع غزة وإعادة التموضع خارجها، إذ تطالب إسرائيل بانسحاب جزئي فقط، بينما تسعى حماس إلى انسحاب كامل.

مرحلة حرجة

في ظل هذه الأوضاع، يرى الرقب أن مفاوضات وقف إطلاق النار تشهد “مرحلة حرجة” قبيل جولة القاهرة، ملاحظًا أن استخدام مصطلحات مثل “المرحلة الحرجة” و”الفرصة الأخيرة” التي أُطلقت على مفاوضات الدوحة، هي محاولات أمريكية لتصوير الوضع كأنه وصل إلى مرحلة صعبة.

ويعتبر الرقب أن المشكلة الحقيقية تكمن في استمرار القتال في غزة، حيث تقترب الحصيلة من 41 ألف قتيل معظمهم من النساء والأطفال، وليس من مقاتلي حماس كما تدعي سلطات الاحتلال.

ربما يعجبك أيضا