احتجاجات إندونيسية تمنع «جوكو ويدودو» من توريث الحكم

الاحتجاجات في إندونيسيا تجنب البلاد الوقوع في أزمة دستورية شاملة

بسام عباس
الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو

حاول آلاف المحتجين الإندونيسيين اقتحام مبنى البرلمان في جاكرتا، أمس الخميس 22 أغسطس 2024، وهدموا جزءً من السياج واشتبكوا مع الشرطة التي أطلقت الغاز المسيل للدموع واستخدمت مدافع المياه لتفريق الاحتجاجات.

وذكرت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، أن المظاهرات اندلعت بسبب المحاولة المتسرعة التي بذلتها الهيئة التشريعية لتغيير قوانين الانتخابات، وهي المحاولة التي تأجلت الآن.

فوضى سياسية

قالت مجلة “وورلد بولتيكس ريفيو” الأمريكية، في تقرير نشرته الخميس 22 أغسطس 2024، إن احتجاجات الخميس تمثل ذروة أسبوع من الفوضى السياسية في إندونيسيا، ويساهم قرار تأجيل تمرير الإصلاحات الانتخابية في تجنب ما كان يمكن أن يصبح أزمة دستورية شاملة.

وذكرت أن القضية تتلخص في حكمين أصدرتهما المحكمة الدستورية في إندونيسيا في بداية هذا الأسبوع، لافتة إلى أن الحكم الأول أدى إلى خفض الحد الأدنى لعدد المقاعد التشريعية المحلية التي يتعين على الأحزاب السياسية أن تشغلها من أجل ترشيح مرشحين لمناصب قيادية محلية في الانتخابات المقبلة، والمستفيد من هذا الحد الأعلى هو الحزب الحاكم.

وأضافت أن الحكم الثاني أيد شرط السن الأدنى للمرشحين لشغل مناصب القيادة الإقليمية وهو 30 عامًا، ويمنع هذا الحكم نجل جوكو ويدودو، الذي يبلغ من العمر 29 عاماً، من الترشح لمنصب نائب حاكم جاوة الوسطى في انتخابات نوفمبر، كما كان متوقعًا.

تقويض الديمقراطية

أوضحت المجلة، أن البرلمان الإندونيسي، الذي يسيطر عليه جوكو ويدودو، الذي من المقرر أن يترك منصبه في 20 أكتوبر، تحرك على الفور لإلغاء الأحكام، ما كان من شأنه أن يؤدي إلى صراع على السلطة بين الهيئة التشريعية والسلطة القضائية بشأن من لديه السلطة لوضع القوانين الانتخابية.

وأضافت أن هذا تطور مذهل لـ “جوكو ويدودو”، الذي اضطر إلى التراجع عن محاولاته لتقويض الديمقراطية في إندونيسيا لأول مرة منذ توليه منصبه قبل 10 سنوات، لافتةً إلى أن هذا يضيف تعقيدًا جديدًا ليس فقط إلى طموحاته بعد توليه الرئاسة، بل وأيضًا إلى إرثيه المتناقضين.

خطوات مثيرة للجدل

أفادت المجلة، أن جوكو ويدودو كان ولا يزال يتمتع بشعبية كبيرة، فقد أشرفت حكومته على النمو الاقتصادي المطرد، وتوسعات الرعاية الاجتماعية، ومشاريع البنية الأساسية الطموحة، وعلى الرغم من التوقعات بأن رئاسته ستمثل قطيعة مع تاريخ البلاد من السياسات الأسرية الفاسدة، إلا أنه بدلا من ذلك احتضن المؤسسة السياسية والعسكرية في إندونيسيا.

وأشارت إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتخذ فيها جوكو ويدودو خطوات مثيرة للجدل لتأمين حكم عائلته، فمن المقرر أن يصبح نجله الأكبر، جبران راكابومينج راكا، نائبًا لرئيس إندونيسيا في وقت لاحق من هذا العام، بعد أن نجح جوكو في استثناء شرط السن لهذا المنصب من خلال حكم المحكمة الدستورية.

وأوضحت أن الاحتجاجات اليوم تشكل إشارة واعدة للديمقراطية في إندونيسيا، إذ تشير إلى أن هناك حدودًا لقبول الجمهور لتأسيس أسرة حاكمة والتراجع الديمقراطي، حتى من جانب زعيم يتمتع بشعبية، ولكن من المؤكد أن جوكو ويدودو سيظل مؤثرًا بعد تركه منصبه، فيما لا يزال المراقبون يشعرون بالقلق إزاء التهديد الذي يشكله خليفته الجنرال “برابوو سوبيانتو” للديمقراطية أيضاً.

ربما يعجبك أيضا