حوار| أحمد لاشين لـ«رؤية»: إيران لن ترد على اغتيال هنية

عمر رأفت
أحمد لاشين

يسلط العالم الضوء على إيران بعد انتخابها رئيس جديد، خلفًا لرئيسها السابق، إبراهيم رئيسي، ومع وصول مسعود بزشكيان، أصبحت هناك تساؤلات حول سياسة إيران الخارجية وتعاملها مع الدول الأخرى خاصة الأوروبية والولايات المتحدة.

وأجرت شبكة رؤية الإخبارية، حوارًا مع أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة عين شمس المصرية، أحمد لاشين، للتحدث عن أهم القضايا الخاصة بإيران الفترة المقبلة، خاصة العلاقات الخارجية وإمكانية عودة التفاوض بخصوص الملف النووي.

لا يزال الجميع ينتظر رد إيران على اغتيال إسماعيل هنية بأراضيها .. لماذا تأخر؟

الرد الإيراني لن يكون عسكريًا كما يزعم البعض، وتأخره لعدة أسباب أولها أن إيران ليس لديها القدرة على خوض صراع عسكري بهذا الشكل مع إسرائيل، وفي حالة حدوثه، سيكون الرد الإسرائيلي والأمريكي قاس للغاية.

الأزمات داخل إيران قاسية للغاية، أبرزها اقتصادية، فالتضخم وصل لـ40%، ورغم كل المحاولات من النظام، إلا أنه لم يستطع تحسين الأمور، بل إن الأمر مرتبط برفع العقوبات لتحسين الاقتصاد الإيراني، وهذا يمكن أن يكون سببًا آخر لعدم الرد الإيراني حتى الآن.

هناك سبب آخر يكمن في أن المجتمع الإيراني لا يتحمل أي أزمات سياسية أو عسكرية أخرى يمكن أن تحدث بداخله، بالإضافة إلى ذلك، فإن الشعب ضد توجه النظام في النقطة الخاصة بدعم الأذرع الإيرانية الموجودة خارج البلاد، مثل حزب الله والحشد الشعبي وغيره، وهذا بسبب أن جزء من الاقتصاد الإيراني يتم تمويل تلك الأذرع عن طريقه.

تصريحات أستاذ الدراسات الإيرانية أحمد لاشين

تصريحات أستاذ الدراسات الإيرانية أحمد لاشين

وبالتالي فالمجتمع نفسه أصبح لا يتحمل مثل تلك الأمور، وأي رد عسكري ضد إسرائيل سيكون له توابع قاسية للغاية، حتى مع وجود الحرس الثوري أو رغبة بعض القيادات في الرد بشكل أو بآخر، ولكن الأمر معقد للغاية، حتى أن المرشد الإيراني، علي خامنئي، نفسه أشار إلى أنه لابد أن يكون هناك تراجعًا عن مهاجمة إسرائيل، وهذه التصريحات المتداولة الآن، وفي النهاية، هناك احتمالية كبيرة لعدم توجيه ضربة لإسرائيل.

المرشد الأعلى يلتقي حكومة بزشكيان 3

المرشد الأعلى يلتقي حكومة بزشكيان

هل يمكن عقد صفقة بين إيران والولايات المتحدة لمنع الرد على إسرائيل؟

هناك إمكانية لحدوث صفقة بين الولايات المتحدة والنظام الإيراني، خاصة في حالة وصول المرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس، وهذا يمكن أن يعطي مساحة جيدة للتفاهم بين طهران وواشنطن، ولكن في حالة وصول المرشح الآخر، دونالد ترامب، سيكون الأمر مستبعد نسبيًا، بسبب عداءه الواضح لإيران، وإعلان دعمه لإسرائيل، وفي نفس الوقت، لن تكون هناك صفقة بالمعنى المفهوم، إلا في حالة إتمامها في عهد الرئيس  الأمريكي الحالي، جو بايدن، وإيران بدأت باللعب على هذه الوتيرة الفترة الحالية، ولكن إلى الآن لم تتضح الرؤية بشكل كامل.

الرئيس الإيراني بزشكيان

في ظل وصول بزشكيان.. كيف يمكن أن تكون العلاقات الإيرانية مع الولايات المتحدة وأوروبا؟

علاقات إيران بأوروبا والولايات المتحدة من ضمن الهموم الرئيسية التي تشغل بزشكيان ووزير خارجيته عباس عراقجي.

رغم أن علاقة إيران بالاتحاد الاوروبي كانت جيدة في أواخر عهد الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، وبداية عهد الرئيس السابق، إبراهيم رئيسي، لكن العلاقات ساءت بشكل ملحوظ للغاية مع أزمة أوكرانيا ودعم النظام الإيراني لروسيا بشكل مباشر ضد أوكرانيا وبالتالي ضد الكتلة الغربية.

ولذلك، ستحاول إيران بشكل قوي خلال المرحلة القادمة إعادة العلاقات مع الاتحاد الاوروبي، وفي نفس الوقت الحفاظ على العلاقات الإيرانية الروسية لأن هناك انتقادات ضخمة للغاية موجهة ضد السياسة الخارجية الإيرانية، وما سيحدث خلال الفترة القادمة أنه سيكون هناك تحسن في العلاقات نسبيًا مع الاتحاد الاوروبي والتفاوض مع الولايات المتحدة، وطهران تدرك جيدًا أن أساس رفع العقوبات هو التفاوض مع الولايات المتحدة.

الرئيس الايراني مسعود بزشكيان

الرئيس الايراني مسعود بزشكيان

هل ستكون سياسيات بزشكيان الخارجية مختلفة عن رئيسي؟

السياسة الخارجية الإيرانية ليست محكومة بقرارات رئيس الجمهورية وحده كما يعتقد البعض، بل تتحدد بشكل أساسي من قبل المرشد الأعلى للثورة الإيرانية وبيت المرشد ككل، فالمرشد هو المسؤول الرئيسي عن تحديد التوجهات العامة للسياسة الخارجية.

ورغم أن وصول إبراهيم بزشكيان إلى الرئاسة قد يساهم نسبيًا في تحسين العلاقات الخارجية، إلا أنه من المهم أن نتذكر أن فتح ملف عودة العلاقات مع دول الخليج بدأ في عهد الرئيس السابق، وأن تحسن العلاقات بين إيران ودول الخليج ومصر قد شهد خطوات مهمة في عهد رئيسي، ويبدو أن بزشكيان سيواصل العمل على ملف السياسة الخارجية الإقليمية بقوة، إذ أشار في خطابه الأخير أمام البرلمان إلى ضرورة تحسين العلاقات مع الدول المحيطة بإيران، وخاصة دول الخليج ومصر.

ورغم أن العلاقات مع بعض الدول قد بدأت تتحسن، فإن توجهات السياسة الخارجية الإيرانية لا تزال محكومة بإطار محدد يضعه المرشد الأعلى، الذي يركز حاليًا على تحسين الوضع الاقتصادي الداخلي لإيران، إذ أن الهدف الأساسي ليس فقط تحسين صورة إيران على الساحة الدولية، بل تعزيز الاقتصاد الوطني أيضًا، لذا، يمكن القول إن الرئيس، سواء كان بزشكيان أو غيره، لا يمثل سوى واجهة للسياسة الخارجية الإيرانية، والتي تبقى دائمًا تحت سيطرة وتوجيه المرشد الأعلى.

الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان يدافع عن وزراء حكومته أمام البرلمان الإيراني السبت 17 أغسطس

الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان

هل يمكننا رؤية عودة الاتفاق النووي حال مجئ كامالا هاريس رئيسة للولايات المتحدة؟

مع وصول هاريس إلى الحكم في الولايات المتحدة، تزداد التوقعات بعودة إيران إلى الاتفاق النووي الذي تم إلغاؤه في عهد الرئيس السابق، وإن هناك توجه داخل إيران للعودة إلى الاتفاق النووي الكامل الذي تم التوصل إليه خلال فترة الرئيس روحاني، ومن المرجح أن تسعى إيران لاستعادة هذا الاتفاق إذا ما تولت هاريس الرئاسة، وهو أمر ذو أهمية كبيرة في العلاقات الدولية.

في الفترة الأخيرة، صدرت إشارات من إيران حول إمكانية مراجعة سياستها النووية فيما يتعلق بتطوير الأسلحة النووية. فقد صرح أحد قيادات الحرس الثوري بأن إيران قد تعيد النظر في سياستها النووية في حال تعرضت لاعتداء من قبل إسرائيل. هذا التصريح يُعد خطيرًا، لأنه يعكس احتمالاً بأن إيران قريبة من امتلاك سلاح نووي، وهو ما أكدته الولايات المتحدة منذ فترة طويلة.

ومن المحتمل أن تعود المفاوضات بشأن الملف النووي بين إيران والولايات المتحدة، لكن بأسلوب مختلف يحقق لإيران مكاسب اقتصادية. إذ أن الملف النووي ليس الشرط الوحيد لرفع العقوبات؛ هناك العديد من العوامل التي تحدثت عنها الولايات المتحدة فيما يتعلق برفع العقوبات، ومع ذلك، تظل لإيران القدرة على المناورة السياسية، خصوصاً إذا ما أتيحت الفرصة لعقد اتفاق جديد مع الولايات المتحدة تحت قيادة الحزب الديمقراطي، مما سيوفر لإيران مساحة أكبر للمناورة السياسية مقارنة بوصول الحزب الجمهوري أو إدارة ترامب.

ربما يعجبك أيضا