خلاف داخل المركزي.. هل الاقتصاد الأوروبي على حافة الانهيار؟

عبدالرحمن طه
البنك-المركزي-الأوروبي

تصاعد الخلاف بين صناع السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي بشأن آفاق النمو الاقتصادي في منطقة اليورو، وتحديدا حول تأثير معدلات خفض الفائدة، وسط خوف البعض من الركود وتركيز آخرين على ضغوط التضخم المستمرة.

وخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة في يونيو الماضي، ومن المؤكد تقريبًا أنه سيخففها مرة أخرى في سبتمبر، في إشارة إلى تباطؤ التضخم خلال الفترة الأخيرة واتجاهه نحو مستهدفات البنك في الفترة الأخيرة، بحسب رويترز اليوم الاثنين 2 سبتمبر 2024.

الخلاف داخل البنك

يتوقع المستثمرون في السوق خلال الفترة المقبلة أن تكون قرارات البنك المركزي الأوروبي أكثر تعقيدًا مع دخول اقتصاد منطقة اليورو حالة أكثر خطورة.

ويقع جوهر الخلاف بين صناع السياسة النقدية داخل المركزي الأوروبي حول النقاش في مدى تأثير ضعف النمو الاقتصادي والركود المحتمل على التضخم – الهدف النهائي للبنك – حيث يحاول خفض التضخم إلى 2% بحلول نهاية عام 2025.

ويرى فريق داخل البنك أن اقتصاد منطقة العملة الموحدة بات أضعف من المتوقع، وأن مخاطر الركود تتزايد خلال الفترة الحالية، وأن الشركات التي زادت عمالتها بدأت في خفض الوظائف الشاغرة، مما يجعل سوق العمل أكثر ضعفا، وبمجرد خفض الوظائف، يتراجع الدخل المتاح للإنفاق، وهو ما يهدد بضعف نمو اقتصاد المنطقة.

الخطر في التضخم الضعيف

قال أحد المسؤولين في البنك وفقا لرويترز: ” تراجع الإنفاق قد يشكل ضغوطًا على الأسعار بشكل أسرع من المتوقع، لذلك أعتقد أن الخطر يكمن في عودة التضخم أدنى الهدف حقيقي والبالغ 2%”.

ويشير هذا الرأي إلى أن البنك المركزي الأوروبي متأخر في خفض معدلات الفائدة وتخفيف تباطؤ الاقتصاد، مما يدعم الحجة لصالح خفض أسعار الفائدة بشكل أسرع، والتي يتبناها بعض صناع السياسة النقدية لدى البنك.

في حين يتخوف البعض من عودة التضخم للارتفاع مرة أخرى بحلول نهاية العام الجاري، بعدما تراجع إلى 2.2% في أغسطس، بسبب خطوات المركزي المتسارعة نحو خفض الفائدة

الاقتصاد لا يزال قويًا

يزعم فريق آخر داخل البنك المركزي أن الاقتصاد في منطقة اليورو لا يزال قويًا، وأن أرقام النمو الفعلية تتفوق باستمرار على نتائج الاستطلاعات الضعيفة.

ويرى هذا الفريق أن الاقتصاد الأوروبي لا يزال صامدًا أمام معدلات الفائدة المرتفعة، وذلك بفضل الاستهلاك القوي، وموسم السياحة الرائع، وانتعاش سوق البناء.

وعلاوة على ذلك، يظل نمو الأجور أعلى بكثير من المستويات المتسقة مع هدف التضخم بنسبة 2%، لذا فإن الدخول الحقيقية تنتعش بسرعة ويجب أن تستمر في حماية الاقتصاد من الركود.

الصناعة لا تزال راكدة

بالرغم من النمو في كثير من قطاعات الاقتصاد الأوروبي، لا تزال الصناعة بمنطقة اليورو في حالة ركود عميق، وقد تجر ألمانيا -أكبر اقتصاد بالمنطقة- إلى ركود قوي.

ويعتقد بعض صناع السياسة النقدية لدى المركزي أن حل مشكلة الصناعة قد تستغرق عدة سنوات، ما يعني أن السياسة النقدية المتشددة، أو معدلات الفائدة المرتفعة “لا دور يذكر لها في هذا الشأن”.

وتدفع تلك الرؤى صناع السياسة النقدية بخفض الفائدة الأوروبية ببطء، حتى يتم التأكد لدى المركزي الأوروبي، بأن التضخم في منطقة اليورو سيتراجع إلى مستهدفه عند 2%.

اجتماع أكتوبر

قالت بعض المصادر إن الخلاف الواقع بين المسؤولين بالبنك الأوروبي من غير المرجح أن يؤثر على قرار السياسة في سبتمبر المقبل، لأن هناك بالفعل إجماعًا واسع النطاق على خفض أسعار الفائدة.

ولكن قد يتصاعد الخلاف ويؤثر على على كيفية إعلان رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد بتبعات القرار، مما يغير التوقعات بشأن القرار الذي سيصدر عن اجتماع المركزي الأوروبي في أكتوبر المقبل.

ومن غير المرجح كذلك أن يتخلى البنك عن نهجه “اجتماعا تلو الآخر” في تحديد السياسة النقدية، لذا لن يكون هناك التزام بشأن اجتماع أكتوبر، لكن صناع السياسة م يريدون من لاجارد تسليط الضوء على مخاطر النمو والإشارة إلى أن التخفيضات المتتالية ليست مستبعدة.

الصين لها دور

يتبنى خبراء الاقتصاد كذلك وجهة نظر مختلطة بشأن التوقعات، حتى لو اتفق معظمهم على أنها بعيدة عن أن تكون مشرقة بالنسبة للاتحاد الأوروبي ككل.

وقال تييري ويزمان، المحلل الاستراتيجي في شركة ماكواري: “حتى لو كانت الولايات المتحدة ستتجنب الركود الاقتصادي، فقد لا تتجنب أوروبا ذلك”.

وزعم ويزمان أن ضعف الطلب الصيني على السلع الأوروبية يؤدي إلى تفاقم التباطؤ، في حين أن التأثير المحتمل على الاستقرار السياسي من صعود اليمين المتطرف في فرنسا وألمانيا قد يؤثر أيضًا على معنويات المستهلكين.

وفي الوقت نفسه، يتوقع بنك “إيه بي إن أمرو” استمرار النمو، وإن كان ضئيلاً، قائلًأ: “إن التعافي الاقتصادي في منطقة اليورو يكافح من أجل اكتساب الزخم، حيث يشير معدل الادخار المرتفع إلى أن المستهلكين أقل استعدادًا لإنفاق المزيد من الدخل، وخاصة في فرنسا وهولندا وألمانيا”.

ربما يعجبك أيضا